اتسعت اللغة العربية لتشمل جميع العلوم الإنسانية و بلغت أوج كمالها و منتهى ازدهارها في العصر العباسي، و خاصة في عهد المأمون بن هارون الرشيد حيث نشطت في ذلك العصر أغلب علوم اللغة العربية بما فيها الترجمة و الأدب.
و لا يخفى على الجميع أولئك الذين أبدعوا في مجال الترجمة و حركوا عجلة تقدمها و من أبرزهم
(ابن المقفع،الفارابي، ابن رشد).
و لا ننسى ظهور فنون جديدة في ذلك العصر الذهبي ـ العصر العباسي ـ من مثل ظهور فن المقامات الذي كان نواة للقصة في الأدب العربي و من أشهر رواده في العصر العباسي:
(ابن دريد، بديع الزمان الهمذاني، الحريري).
و في عصرنا الحديث:
(اليازجي، المويلحي).
فلله درهم! أولئك العباقرة الجهابذة الذين جعلوا من اللغة العربية وطناً سكنت فيه إبداعات عقولهم و حلقت في سمائه عبقرية أعمالهم. فما زلت أرى ذلك البريق في تلك السماء التي لم تلمع قط إلا بتحليقهم في أعاليها.
و نعود لنواصل مشوار تلك الحسناء مع الاتهامات الظالمة في حقها ...
لغتنا الأم تناسب كافة الأزمنة و الأماكن، فلقد كان لها دورها الفاعل في الارتقاء بنا إلى أعلى درجات الحضارة و الثقافة ... لا سيما أنها لغة لها قواعدها و أسسها التي لا تضاهي أي لغة أخرى من لغات هذا العالم. وهي لغة تواكب الحضارة و النهضة العلمية بفضل المجمع اللغوي الذي لا زال يشكل عقدا ماسيا تضعه اللغة العربية على عنقها الساحر.
أسئلة كثيرة التي تطرح نفسها ... أرى علامات استفهام تصول و تجول في خضم هذا الموضوع؟!
فياترى كيف تلبسك تلك اللغة ثوب الوقار و الهيبة؟؟!
حسنا، لا يمكننا الإجابة على هذا السؤال إلا بتطبيق مثال عملي عليه.
تخيل معي نفسك و أنت تقف في منصة إحدى المحاكم ترفع قضيتك للقاضي لينظر فيها، فبأي لغة أنت متكلمٌ يا ترى؟!. أستتحدث بلهجة عامية أم لغة أعجمية بلا شك ستتحدث بلغة عربية فصيحة و أنت على يقين بأن قضيتك ستحظى باهتمام مهما كان تافهة، فلو تحدثت بلهجة عامية أو لغة أعجمية لما وجدت إحتراما ومن القاضي و من الحاضرين.
أعرفت الآن، كيف تلبسك تلك اللغة ثوب الوقار و الهيبة.
مثال آخر أيها العربي، ماذا تفعل إذا حضرت مؤتمرا صحافيا أتتحدث بما تتحدثه في منزلك ـ عامية ـ أم أنك ستطرح أفكارك و تعرض رأيك بلغة فصيحة سليمة، لتوصل رأيك لكل حاضر.إذا لم تطرحها بتلك الفصيحة لن تجد من يصغي إليك و بالتالي تصبح عديم الاحترام و مفقود الوقار.
لما كانت الأم والدة، أعطاها الله حقوق يلي حقوقه مباشرة من بر و احترام و تقدير.
فوجب على الأبناء رعاية أمهم في كبرها، كما وجب علينا رعاية اللغة العربية في جميع مراحلها. لماذا نتخلى عنها و هي الأم الحنونة و اللسان المعطاء الذي لا مثيل له.
كيف يمكننا رعاية تلك اللغة، أنرعاها بالتحدث بها فقط أم هناك المزيد من سبل رعايتها. لا شك أن هناك الكثير الكثير لحفظ تلك اللغة و رد بعض جمائلها التي لا زلنا ننعم بها، و من هذه الطرق:
· قراءة القرآن و تمعن معانيه، و حفظ ما أمكن منه.
· قراءة الأحاديث و السنة الشريفة، لا شك أن لغة الرسول هي لغة المعاني الثرة و البلاغة الرصينة.
· التحدث بالفصحى قدر الإمكان، و ذلك لحمايتها و حماية اللسان العربي من أثار الغزو اللغوي الحديث.
· الافتخار بها في كل الظروف و كافة البقاع، و جميع المحافل.
· الإطلاع على ما كتبه السلف الصالحين من كتب تزخر بلغة فصيحة متينة.
· تصفح المعاجم بشكل شبه دوري، للتعمق في أسرار تلك اللغة إثراء المخزون اللغوي بالمفيد النافع، كما أنه ليس بالضرورة أن تكون تلك المعاجم معاجم لغوية بحتة، يمكن أن تكون معاجم شخصيات و تراجم أو معاجم معاني ... و غيرها الكثير.
· قراءة الشعر الفصيح الشعر و الجاهلي ـ ما صلح منه ـ على وجه الخصوص و حفظ ما أمكن حفظه لا سيما أن ذلك الشعر ـ الجاهلي ـ أجواد أنواع الشعر لغةً و بلاغة ً و فصاحة ً و متانةً.
لا شك أن الجميع منّا قد نهل من معين تلك اللغة، و ما من واردٍ على فيضها إلا و آت ٍ مرتوٍ.
أياترى، ما دور الطالب و المعلم في رعاية اللغة العربية، و ما مدى اسهام كل فئة في المجتمع العربي في تلك الرعاية. لكم بعض الذي وجدتْ فيما يختص بدور الطالب و المعلم:
¥