تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

((مهرةٌ شوهاءُ قبيحةٌ وجميلةٌ، قال أبوحاتم مفسراً ذلك: لا أظنهم قالوا للجميلةِ شوهاء إلا مخافةَ أن تُصيبَها عينٌ، كما قالوا: للغراب أعورَ لحدةِ بصرِهِ)) ([87]).

ثانياً: التحريفُ الصوتيُّ:

إنّ الأثرَ الناجم من التحرّج من استعمال المفرداتِ لاينحصرُ في الاستعمالِ المجازيِّ بل يتجاوَزُهُ إلى التحريفِ الصوتيِّ للكلمةِ، وذلك عن طريقِ الإبدالِ لتخفيفِ ما تنطوي عليه الكلمةُ من الخطرِ أو الاستهجان، دون أن ينقص ذلك من قيمتها الدلاليةِ - على حد قول بعض المحدثين ([88]) - وفي استطاعة كلِّ إنسان في هذه الحالةِ أن يفهمَ المرادَ على الفورِ، وكأنَّ اللسانَ قد زلَّ وهو ينطق الكلمة ولكنَّ الخطأَ هنا متعمدٌ لغاياتٍ خفيةٍ أو لمراعاة التَّلَطُف.

ونلاحظ هذا التحريفَ الصوتيِّ للكلماتِ واضحاً في مجالِ العلاقةِ بين الرجل والمرأة ومايتصل بها، ومن أمثلة ذلك ([89]):

قولُهم: بكَّ الرجلَ المرأةَ يبكها بكا، وهكها يهكها هكا.

وقولهم: طفزها وطعسها وطخزها وطحسها ودعزها ودعسها ([90]).

وكلها كنايات عن الجماع.

وقولهم ([91]): عسلها وغسلها، وحَطَأَها وفَطَأها، عَصَدَها وعَزدها ودَسَمَها ودَفَسَها، وفَحَجَها وفَخَجَها، كلٌ ذلك إذ نَكَحَها.

كما نجد في المعاجمِ وكتب الإبدالِ أيضاً كلماتٍ كثيرةً ذاتَ دلالاتٍ سلبيةٍ تتميزُ بالتحريف الصوتيِّ كالكلماتِ الدَّالةِ على ضعفِ الإنسانِ أو دمامته ونحو ذلك، مثل قولِهم: رجلٌ حَزَوَّرٌ وَهَزَوَّرٌ للضعيف، ورجل حَبَلَّقٌ وَهَبَلَّقٌ إذا كان دميماً، ورجل قَنْثَرٌ وَكَنْثَرٌ إذا كان صغير الحجمِ ([92]). وعَشَبَةٌ وعشمةٌ إذا كان يابساً من الهزال، وقَحْبَةٌ وَقَحْمَةٌ لكل كبيرةٍ مسنة، ورجل بُحْتُر وبُهْتُر قصيرٌ، وموتٌ ذُؤَافٌ وذُعافٌ وزؤأف وهو الذى يعجل القتل، والجَلَهُ والجلَحُ وهو انحسار الشعرِ عن مُقَدَّم الرأسِ، وأَيْمٌ وأَيْنٌ للحية ([93]).

ونحو ذلك مما يمكنُ تفسيرُه تبعاً للتحريفِ الصوتي الذى يتوسلُ به المتكلمُ بغرضِ التَّلَطُف، وتعليلُ ذلك وبيانه أنَّ هذه الألفاظَ مما يتحرجُ الناسُ من التَعبيرِ عنها بألفاظِها الصوتية مراعاةً للآداب الاجتماعية والاعتباراتِ الأخلاقيةِ والنفسيَّةِ، ولهذا تلجأ الجماعةُ اللغويَّةُ إلى التحريفِ في صورةِ الكلمةِ كلما شاع استعمالُها كما لجأت إلى الكنايةِ بالمرادفِ والمضادِّ وغيرها من الألفاظ التى تتقاسمُ معها المجالَ نفسَهُ والدوافِعَ نَفْسَهَا، مما سبقت الإشارةُ إليه.

الحواشي والتعليقات

(1) ينظر: اللغة والمجتمع د. على عبدا لواحد وافى، شركات مكتبات عكاظ ط4 المملكة العربية السعودية 1403هـ/1983م، ص13.

(2) الخصائص، صنعة أبي الفتح عثمان بن جنى. تحقيق / محمد على النجار، دار الكتاب العربي بيروت لبنان 1/ 243.

(3) مقدمة ابن خلدون، ط دار احياء التراث العربي - بيروت (بلا تاريخ) ص 546.

(4) الصاحبي لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت 395هـ) - تحقيق السيد أحمد صقر، مطبعة عيسى البابي وشركاه - القاهرة (بلا تاريخ) ص 16.

(5) المزهر في علوم اللغة وأنواعها للعلامة عبدالرحمن جلال الدين السيوطي شرح وضبط محمد أبوالفضل وغيره، دار الفكر 1/ 321.

(6) ينظر: اللغة والمجتمع د. على عبدالواحد وافى ص17، وعبقرية اللغة العربية د. عمر فروّخ - دار الكتاب العربي، بيرون - لبنان 1401هـ – 1981م ص 55.

(7) ينظر: الكناية والتعريض، للثعالبيّ ص75. والثلْبُ: شِدَّة اللوم والأخذ باللسان، ومنه رجل ثَلْبٌ – بفتح الثاء وكسرها – أي معيب.

(8) ينظر: المنتخب من كنايات الأدباء وارشادات البلغاء، للجرجاني ص5.

(9) البقرة، الآية 223.

(10) النساء، الآية 4.

(11) النساء، الآية 21.

(12) البقرة، الآية 187.

(13) المجادلة، الآية 58.

(14) ينظر: دلالة الألفاظ، دكتور إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية 1980م ط4 ص142.

(15) ينظر: مقاييس اللغة لابن فارس مادة (لطف).

(16) مادة (لطف) 13/ 347.

(17) مادة (لطف).

(18) مادة (لطف) ص409.

(19) سورة الكهف الآية: 19.

(20) ينظر: مادة (لطف).

(21) سورة البقرة، الآية 187.

(22) سورة النساء، الآية 43، وسورة المائدة، الآية 6.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير