تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[30 - 09 - 2006, 04:59 ص]ـ

حاشية في الجذر /رجم/،

أو في أصل كلمة /ترجمة/

يقول ابن منظور في "ترجمان" (لسان العرب، مادة /ترجم/): "الترجمان، بالضم والفتح،: هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من إلى لغة أخرى، والجمع التَّراجم، والتاء والنون زائدتان ... ". ويقول ابن منظور أيضاً في مادة /رجم/: "الرَّجْم: اللعن، ومنه الشيطان الرجيم ... والرَّجْم: القول بالظن والحدس ... وراجَمَ عن قومه: ناضلَ عنهم ".

ويقول ابن دريد (الجمهرة في اللغة، طبعة البعلبكي، مادة "رجم"، صفحة 466 وما يليها): "ورَجَمَ الرجلُ بالغيب، إذا تكلم بما لا يعلم. وأَرْجَمَ الرجل عن قومه، إذا ناضل عنهم ... والمراجم: قبيح الكلام؛ تراجمَ القومُ بينهم بمراجمَ قبيحةٍ، أي بكلام قبيح".

وباستقراء الجذر /رجم/ في اللغات السامية يتبين أن معناه الأصلي "الكلام، المناداة، الصياح، القول الغريب، التواصل". فكلمة "تُرْجمُانُ" في الأكادية ـ وهي أقدم اللغات السامية تدويناً ـ مشتقة فيها من الجذر /رجم/، والتاء والنون فيها زائدتان. أما في الأوغاريتية فيعني الجذر /رجم/ فيها "الكلام". ويوجد شبه إجماع بين دارسي الساميات أن الأوغاريتيين كانوا عرباً لأن أبجديتهم، بعكس أبجديات الساميين الشماليين الغربيين وهم الكنعانيون والآراميون والعبران، تحتوي على كل الحروف الموجودة في العربية، ولأن مفردات لغتهم شديدة القرب من مفردات العربية بعكس لغات الكنعانيين والآراميين والعبران.

والمعنى الغالب للجذر /رجم/ في العربية هو الرجم بالحجارة إلا أن أهل التفسير يقولون إن "الرجم" في هذا المقام هو السباب. فالرجيم هو "المشتوم المسبوب". ويفسرون قوله تعالى "لَئِن لم تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّك" أي "لأَسُبَّنَّك". وهذا يعني أن "الرجم" فعل لساني (أي كلام) وليس فعلاً يدوياً (أي رجم بالحجارة أو بغيرها).

إذاً: المعنى الاشتقاقي الأصلي للاسم /ترجمان/ وللفعل /ترجم/ هو "الكلام غير المحدد"! فهو "الصياح" في الأكادية و"الكلام والقول" في الأوغاريتية "والظن" في العربية (الرجم بالغيب) وكذلك "السب والشتم والتَّراجُم أي التراشق بالكلام القبيح". وعندي أن "الكلام غير المحدد" بقي "كلاماً غير محدد" حتى اليوم لأن معنى "التُّرْجُمان" الأول هو المترجم الشفهي الذي يترجم كلاماً غير محددٍ سلفاً بين اثنين يتكلمان لغتين مختلفتين، وهو كذلك في الأكادية والعبرية والسريانية والعربية. إذاً معنى الترجمة الشفهية سابق لمعنى الترجمة التحريرية كما نرى وهذا ثابت في آثار الأكاديين والسريان والعبران والعرب كما يستشف من قول أبي الطيب المتنبي:

مَغاني الشَّعبِ طِيباً في المغاني ـــ بمنزلةِ الربيع مِنَ الزّمانِ

ولكنَّ الفتى العربيَّ فيها ـــ غريبُ الوجهِ واليدِ واللسانِ

ملاعبُ جِنة لو سارَ فيها ـــ سليمانُ لَسارَ بِتُرجمُانِ

وقول الراجز:

ومَنْهَل وَردتُهُ التِقاطا ـــ لم ألقَ، إذ وَرَدْتُه، فُرّاطا

إلا الحمامَ الوُرْقَ والغطاطا ـــ فَهُنَّ يُلغِطنَ به إلغاطا

كالتُّرجمُان لَقِيَ أنباطا!

وليس للكلمة اشتقاق واضح في العبرية والسريانية، وعليه فإني أرجح كونها دخيلة فيهما من الأكادية أو من الأوغاريتية. وعن الساميين أخذ اليونان كلمة "ترجمان"، وعنهم أخذها الإيطاليون ثم الفرنسيون والإنكليز. وإليكم جدولاً بالكلمة في أكثر اللغات الموجودة فيها:

الأكادية: "تَرْجُمانُ" مثله. الواو فوق النون علامة الرفع في الأكادية ـ مثل العربية

الأوغاريتية: رجم غير معروف. ومعنى الجذر فيها: "الكلام"

العبرية: ????? تُرْجُمانْ

الآرامية القديمة: ?????? تُرْجِمانا (والألف في نهاية الكلمة للتعريف)

السريانية: ?????? تَرْجْمونُو (وقد اقلبت ألف التعريف الآرامية واواً في السريانية)

العربية: تَرجمُان / تُرْجُمان مثله

اليونانية: ??????????? Dragoymanos

الإيطالية: Dragomano مثله

الفرنسية: Dragoman / Drogman مثله

الإنكليزية: Dragoman مثله

وأول من مارس مهنة الترجمة في التاريخ هم الأكاديون الذين اضطروا إلى ترجمة بعض المصطلحات السومرية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالكتابة المسمارية التي اخترعها السومريون، فترجموها إلى لغتهم الأكادية. ومما حفظ الدهر لنا من أوابد الأكاديين ألواحاً تحتوي على مسارد لغوية باللغتين السومرية والآكادية. وهكذا ترى أن علم صناعة المعجم ولد مع علم الترجمة وظلَّ يلازمه حتى اليوم!

عبدالرحمن السليمان.

المصدر: http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?topic_id=17&forum=91

ـ[خالد مغربي]ــــــــ[04 - 10 - 2006, 09:10 م]ـ

بوركت أخي الكريم

وإن كنت متأخرا بعض الشيء

نفع الله بك

مغربي

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[07 - 10 - 2006, 12:38 ص]ـ

حياك الله أخي الفاضل، وأمتع بك.

عبدالرحمن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير