وهنا جاء التدوين الرسمي للسنة. فصنفت المصنفات في السنة ثم أخذت تزيد قليلا قليلا حتى جمع ما في الصدور مما تفرق في البلدان فصارت المؤلفات هذا بالنسبة للسنة.
السائل: ما كتب عن الصحابة كانت كتابات فردية؟
الشيخ: ما كتب عن الصحابة كانت كتابات فردية كل يكتب لنفسه ثم بعد ذلك أمر عمر بن عبد العزيز محمدا بن مسلم بن شهاب الزهري بالكتابة الرسمية ثم تتابع الناس في التأليف والتصنيف فألفت المصنفات والموطآت والمسانيد والجوامع والسنن وغيرها من فنون الحديث الشريف هذا بالنسبة لعلم الحديث.
علم اللغة بعد أن فتحت البلدان واختلط العرب بغيرهم وخيف على اللغة , بل وجدت مظاهر اللحن , احتيج إلى التدوين في اللغة. العلوم الأخرى سبب التدوين فيها الحاجة الماسة إليها ثم بعد أن جمعت الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين ودُوِّن فقه الصحابة وفقه التابعين , بعد ذلك احتاجوا إلى مسائل وحوادث نازلة فاضطروا الناس إلى أن يقيسوا على ما جاء في الكتاب والسنة وما جاء عن الصحابة والتابعين وتوسعوا في هذا الباب فاحتيج إلى تدوين المسائل الفقهية في كتب الفقه على شتى المذاهب , المذاهب الأربعة المتبوعة وغيرها , ثم احتيج أيضا إلى علوم تخدم الكتاب والسنة وتخدم أيضا ما ثبت عن السلف في أبواب الدين. احتيج إلى ما يسمى بعلوم أصول الفقه ومصطلح الحديث وعلوم القرآن وغيرها من العلوم التي تخدم الأصلين الكتاب والسنة فدونت المصنفات وتشعبت وكثرت كثرة بحيث يستحيل الإحاطة بها وما من عالم إلا ولديه مكتبة وما من عالم إلا وله مصنفات إلا ما ندر إلا ما ضاع منها.
السائل: هذا بالنسبة لما يتعلق باللغة العربية وما بعدها؟
الشيخ: نعم وما بعدها من العلوم , كل العلوم احتيج إليها , ألفت الكتب الاصطلاحية التي تعين على فهم الكتاب والسنة كما ذكرنا في علوم القرآن ومصطلح الحديث وأصول الفقه , و ظهرت الفرق المخالفة للمنهج السليم الصافي المستمد من الكتاب والسنة ظهرت طوائف البدع بعد أن ترجمت الكتب فاحتيج إلى التصنيف في العقائد والرد على هؤلاء المخالفين.
السائل: لكن نستطيع أن نقول أن هذا التصنيف هو البداية الحقيقية لعناية المسلمين بالمكتبات على شتى الأنواع؟
الشيخ: لا هذا بداية التصنيف. أما لما كثرت هذه المصنفات واحتاج الناس إليها ممن يطلب هذا العلم بدأت العناية بالمكتبات الفردية والجماعية الرسمية والشعبية.
السائل: هل نستطيع يا شيخ أن نبين هذه المكتبات أشهرها وأين هي؟
الشيخ: على كل حال كثرة الكتب التي أشرنا إليها لا يمكن الإحاطة بها. وجدت محاولات قديمة وحديثة لجمع أسماء الكتب والمصنفات. صنف ابن النديم كتابه الفهرس فجمع أسماء كتب ومدونات كثيرة جدا لا يتجاوز مبلغ علمنا بها حدود عناوينها ,لا نعرف عنها إلا العناوين, ثم بعد ذلك ألف حاجي خليفة كتابه الشهير: " كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون " فذكر فيه الألوف من أسماء الكتب التي وصلت إلى علمه ثم ذُيِّل عليه بذيول والكل لا يفي بالمقصود وإن أسقط بعض الواجب. " كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون " كتاب نافع في هذا الباب مع ذيوله على أوهام فيه فهو لا يسلم من أوهام. وفي تراجم أهل العلم ذُكر منهم من عني بجمع الكتب وهم كثير جدا. هذا أخ للقاضي الفاضل الكاتب المشهور جمع من الكتب ما يملأ البيوت حتى كان عنده من صحاح الجوهري ست عشرة نسخة. الوزير القفطي ت 646 هـ اشتهر بحبه الشديد للكتب وكلفه بجمعها ووصف بأنه جماعة للكتب حريص عليها جدا كما وصفه بذلك عصريه ياقوت الحموي , ومن كبريات خزائن الكتب القديمة التي طار صيتها خزانة الصاحب بن عباد وخزانة القاضي الفاضل فقد تجاوز عدد كتب كل منها 100.000 مجلد , تصور هذا الكم الهائل من الكتب وليست مطبوعة ولكنها كتب قلمية ومخطوطات وهذا شخص واحد هذا الذي يملك 100.000 كتاب. الآن يوجد من المعاصرين من يملك ما يقرب من هذا العدد لكنها مطبوعات يقتني الكتاب عشرة مجلدات عشرين مجلد في لحظة. أما مثل هذه الكتب متى تكتب ومتى تصحح ومتى تقابل ومتى تجمع؟
السائل: لكن يعرف مثلا أن هذه النسخة عند فلان في مكتبة فلان معروفة التاريخ وإذا أراد شخص أن يأخذ منها نسخة يأتي وينقلها نقلا أم ماذا؟
¥