تعالى (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ... سورة البقرة/85) لأن أخذ قول من أقوال النبى وترك آخر هذه من سمات الفرق الضآلة وليس من سمات أهل السنة والجماعة فأقول فى شرح الأسماء الحسنى الأربعة ودلالتها كما بينها رسول الله صلى الله عليه واَله وسلم فى اسم (الظاهر والباطن) " أنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ " كما فى حديث الإمام مسلم وبقية أهل السنن يصل بنا التأويل من خلال فهم الأئمة الكبار كمالك والشافعي وأحمد والسفيانين والحمّادين والبخاري ومسلم وأصحاب السنن كلها وحتى لا تظن أنى قد ابتدعت مالم يقله الأئمة الكبار إلى قول الإمام أحمد: (ومن لم يتوق النفى والتشبيه زل ولم يصب التنزيه فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الواحدنية منعوت بنعوت الفردانية ليس فى معناه أحد من البرية تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات) الإمام أحمد فى كتاب الورع 1/ 200
كذا أبو جعفر في العقيدة الطحاوية في إشارة واضحة إلى المعاني التي اشتملت عليها سورة الإخلاص كاملة لا كما فعل ابن خزيمة حين لم يأخذ منها سوى (ولم يكن له كفواً أحد)، بفهم الأئمة للحديث فذات المولى عز وجل لاتحدها أي جهة من الجهات الست
وقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنت الأول فليس قبلك شئ وأنت الآخر فليس بعدك شئ " وهذا يقتضي عدم ظهور أحكام للزمان مطلقاً مع ذات المولى عز وجل يؤكده كذلك قوله صلي الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح (يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل) .. الحديث، وهذا أيضاً فهم الأئمة الكبار ونقله عنهم الشيخ عبد القاهر التميمى فى كتاب الفرق بين الفرق صـ 333 "وأجمعوا على أنه لا يحويه مكان ولا يجرى عليه زمان" فى بيانه لمذهب أهل السنة.
وقد قال ذلك أكابر علماء السنة وأنقل بعض أقوال هؤلاء الأئمة وفهمهم لذلك الأمر، فقد قال الإمام البيهقى في شعب الإيمان في 1/ 115 بعد نفى المثلية للمولى عز وجل مع خلقه من كل الوجوه قال الشيخ: وجماع ذلك أنه ليس بجوهر ولا عرض فقد انتفى التشبيه لأنه؛ لو كان عرضاً أو جوهراً لجاز عليه ما يجوز على سائر الجواهر والأعراض من حيث إنها جواهر كالتأليف والتجسيم وشغل الأمكنة والحركة والسكون ولا ما يجوز على الأعراض من حيث أنها أعراض كالحدوث وعدم البقاء .. انتهى
وفى مسند الربيع بن حبيب الأزدى نقل كلام ابن عمر فى حديث الصخرة فارتعد ابن عمر فرقاً وصعقاً حيث وصف الله بالزوال والانتقال قال ابن عمر هذا من كلام اليهود (ج1 صـ 338) وفى المحلى عند ابن حزم ج1ص30 قال عن النزول: فعل يفعله الله من قبول الدعاء فى هذه الأوقات ولا حركة لأن الحركة من صفات المخلوقين حاشا لله تعالى منها.
فى عون المعبود ج4صـ 140 عن أبى محمد المزني بكلامه فى حديث النزول والمجيء والإتيان قال: المجيء والإتيان صفتان منفيتان عن طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال .. (وهذا نفى للظاهر)
وذكر أبو بكر البيهقى في شعب الإيمان ج3 صـ 380 في حديث النزول في ليلة النصف من شعبان عن الإمام أحمد وهذا النزول المراد به والله أعلم فعلُ سماه الرسول نزولاً أو نزولَ ملكٍ.
وقال ابن حجر في فتح الباري ج11 صـ 129 في رواية عن الدار قطني وقال أيضاً النزول محال على الله لان حقيقته الحركة من جهة العلو إلى أسفل وقد دلت البراهين القاطعة على تنزيهه عن ذلك فليتأول بأن المراد نزول ملك الرحمة ونحوه أو يُفوَّض مع اعتقاد التنزيه ..
وفى الاعتقاد للبيهقى ج1 صـ 116 بعد ذكر المجيء و الإتيان والنزول وخلافه قال رحمه الله؛ وهذا صحيح رواه جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم أحد من الصحابة فى تأويله والتابعون على قسمين؛ منهم من قبله وآمن به ولم يأوله ووكل علمه إلى الله ونفى الكيفية والتشبيه، ومنهم من قبل وآمن به على وجه يصح استعماله في اللغة ولا يناقض التوحيد .. انتهى
ثم أقول: والذي قال: (ينزل ملكُُُ) هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إن حديث النزول هذا مؤول بحديث آخر قال فيه الرسول صلي الله عليه وسلم (إن الله يمهل حتى يمضى شطر الليل الأول ثم يأمر منادياً ينادى هل من داع يُستجاب له هل من مستغفر يُغفر له هل من سائل فيُعطي ..... هكذا الحديث)
¥