وفي سورة القلم جاء قوله تعالى: " إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ".
ب. أن في كلتيهما ذكر الله تعالى مواقف أهل النار فقال في سورة الملك:" وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ،إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُور" وقال تعالى في سورة القلم:" يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ، اشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ"
3.مناسبة فاتحة السورة بخاتمتها:
لما بدأت السورة بتنزيه الله وتعظيمه، ختمت بتحدي البشر أمام قضاء رب البشر، وأنه من تمام تنزيه وتعظيمه نسب الفضل له، وشكره على إنعامه و آلائه.
ثانياً: المحور الأساسي للسورة (إثبات قدرة الله جل جلاله)
1. تنزيه وتحدي وإعجاز
"تبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) "
ابتدأت الآية الكريمة بهذه اللفظة"تبارك" التي توحي بالنماء والبركة والزيادة (1)، كما أنها تعني تنزيه الله عن مشابهة الخلق،"الذي بيده الملك" لا بيد غيره، وملكه أبدي لا ينزعه منه أحد، ولا ينازعه فيه أحد، وهو " على كل شيء قدير" لا يعجزه أحد (2).
ثم يعدد الله بعضاً من مظاهر قوته، فيقول تعالى "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً " فالموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، والحياة تعلق الروح بالبدن، وهذه أضداد كلها بيد الله لا بيد غيره، ويبين لنا سبحانه الحكمة من خلق الموت والحياة، لاختبار عباده، أيهم يحسن عملاً، و أيهم أكثر ذكراً، وأشدهم منه خوفا (3)
" وهو العزيز الغفور" العزيز الذي يقهر كل شيء بالموت ولا يقهره شيء (4)، وهو الغفور لمن اتعظ بالموت فأحسن العمل.
ثم يبين الله جل جلاله بعضاً من مظاهر قوته فيقول " الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ" فهو الذي خلق السموات السبع بعضها فوق بعض، نافياً أن يكون في خلقه أي تفاوت وتباين وتناقض، متحدياً من يشكك في قدرته بالنظر مرة تلو مرة لزيادة التأكيد، ولأن ذلك أبلغ في قيام الحجة وانتفاء الشك من قلوب الناظرين، فإن انقطعت حجة المشككين والمتشككين رجع إليهم بصرهم ذليلاً، حسيراً كليلاً تعباً.
ثم يذكر الله المزيد من من مظاهر قدرته، بقوله تعالى "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين واعتدنا لهم عذاب السعير" فهذه النجوم الساطعات جاءت تزين السماوات التي ما وُجد فيها من فطور، فأكتمل بهاءها، وللنجوم فوائد ثلاثة هي: مصابيح للسماء، ورجماً للشيطان، وعلامات للمسافر في البر والبحر قال تعالى:"وعلامات وبالنجم هم يهتدون"، وقد أعد الله للشياطين هذه النجوم عذاباً في الدنيا، أما في الآخرة فلهم عذاب السعير وهو أشد الحريق"
2. مصير المكذبين لآيات الله
"وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ"
¥