هذا الحديث وهي على ترتيبها هذا في القوة.
وقال عمر رضي الله عنه: " اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: " من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل فإني أشفع لمن مات بها" رواه أحمد.
ومن محاسنها تحريكه صلى الله عليه وسلم دابته عند قدومه إليها إذا أبصر منازلها فقد روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم " كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جَدْرات المدينة أوضع راحلته، وإن كان على دابة حركها من حبها
وفي صحيح مسلم عن أبي حميد الساعدي قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك – وفيه ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني مسرع فمن شاء منكم فليُسرع معي ومن شاء فليمكث فخرجنا حتى أشرقنا على المدينة فقال هذه طابة وهذا أُحد وهو جبلٌ يحبنا ونحبه ".
وروى أيضاً " لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلم. وروى البخاري: " والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " أي بفضلها من الصلاة في المسجد النبوي وثواب الإقامة فيها وغير ذلك، ويحتمل أن يكون " لو " بمعنى ليت فلا يحتاج إلى تقدير وعلى الوجهين ففيه تجهيل لمن فارقها وآثر غيرها، قالوا والمراد به الخارجون من المدينة رغبة عنها كارهين لها.وأما من خرج لحاجة أو تجارة أو جهاد ونحو ذلك فليس بداخل في معنى الحديث، قال الطيبي: " الذي يقتضيه هذا المقام أن ينزَّل ما لا يعلمون منزلة اللازم لتنتفي عنهم المعرفة بالكلية، ولو ذهب مع ذلك إلى التمني لكان أبلغ لأن التمني طلب ما لا يمكن حصوله أي ليْتهم كانوا من أهل العلم تغليظاً وتشديداً. وقال البيضاوي: " المعنى أنه يفتح اليمن فيعجب قوماً بلادها وعيش أهلها فيحملهم ذلك على المهاجرة إليها بأنفسهم وأهليهم حتى يخرجوا من المدينة والحال أن الإقامة في المدينة خير لهم لأنها حرَم الرسول صلى الله عليه وسلم وجواره ومهبط الوحي ومنزل البركات لو كانوا يعلمون ما في الإقامة بها من الفوائد الدينية بالعوائد الأخروية التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها، وقوّاه الطيبي لتنكير قوم، ووصفهم بكونهم يبسون ثم توكيده بقوله: " لو كانوا يعلمون " لأنه يشعر بأنهم ممن ركن إلى الحظوظ البهيمية والحطام الفاني، وأعرضوا عن الإقامة في جوار الرسول – صلى الله عليه وسلم -،ولذلك كرر قوماً وصفه في كل قرينه بقوله يبسُّون استحضار تلك الهيئة القبيحة، وروى البخاري مرفوعاً: " إن الإيمان ليأرِز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جُحرها " أي أنها كما تنتشر من جحرها في طلب ما تعيش به فإذا راعها شيء رجعت إلى جحرها كذلك الإيمان انتشر في المدينة وكل مؤمن له من نفسه سائق إلى المدينة لمحبته في النبي صلى الله عليه وسلم فيشمل ذلك جميع الأزمنة لأنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم للتعلم منه، وفي زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم للاقتداء بهديهم، ومن بعد ذلك لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده
رابعاً:- تطهير المدينة المنورة من المعاصي وأهلها.
لقد أدرك الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عظم مكانة المدينة وأنه لا يستحق المقام فيها إلا طاهر حيث إنه أمر بنفي نصر بن الحجاج وابن عمه أبي ذئب من المدينة المنورة لمّا خاف من افتتان نساء المدينة بهما.
فقد روى ابن سعد أنه بينما عمر يعسّ ذات ليلة فإذا امرأة تقول:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها .... أو هل سبيل إلى نصر بن الحجاج
فلما أصبح سأل عنه فإذا هو من بني سليم فأرسل إليه فأتاه فإذا هو من أحسن الناس شعراً وأصبحهم وجهاً فأمره عمر أن يطم شعره – أي يجزّه أو يعقصه – ففعل فخرجت جبهته فازداد حسناً فأمره عمر أن يعتم ففعل فازداد حسناً فقال عمر: " لا والذي نفسي بيده لا تجامعني بأرض أنا بها "، فأمر له بما يصلحه وسيره إلى البصرة.
ويروي السرخسي: أن نصر بن الحجاج قال لعمر: " وما ذنبي يا أمير المؤمنين قال (لا ذنب لك وإنما الذنب لي حيث لا أطهر دار الهجرة منك.
¥