تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما الزبيدي، فقد وضع النحويين واللغويين في طبقات، فابتدأها بطبقات النحويين البصريين، وصنفهم إلى عشر طبقات، وانتقل بعدها إلى طبقات النحويين الكوفيين فكانوا ست طبقات، ثم عاد للغويي البصرة فكانوا سبع طبقات، فلغويي الكوفة وهم خمس طبقات، بعد ذلك خصص أبواباً لطبقات النحويين واللغويين المصريين، فالنحويين واللغويين القرويين، ثم النحويين واللغويين الأندلسيين.

وعلى كل حال، فقد شاع بين المحدثين استقلال كل مصر من هذه الأمصار بمذهب شاع بين علمائها ونحاتها، وألفّت الكتب في هذا التواطؤ، فهناك كتاب عن مدرسة الكوفة وآخر عن مدرسة البصرة النحوية، وصنف الدكتور شوقي ضيف كتابًا في المدارس النحوية أجمل فيه الجهود الخصبة لكل مدرسة، وكل شخصية نابهة فيها، فابتدأه بالمدرسة البصرية؛ لأنها هي التي وضعت أصول النحو وقواعده، وكل مدرسة سواها فإنما هي فرع لها، وثمرة تالية من ثمارها، وذهب إلى أن الخليل بن أحمد الفراهيدي هو المؤسس الحقيقي لمدرسة البصرة النحوية، ولعلم النحو العربي بمعناه الدقيق، ثم تلاه سيبويه فالأخفش الذي أقرأ النحو لتلاميذ من البصرة والكوفة، ثم جاء بعده المازني، فتلميذه المبرِّد وهو آخر أئمة المدرسة البصرية النابهين.

أما نشاط مدرسة الكوفة فبدأ متأخرًا عند الكسائي الذي استطاع هو وتلميذه الفراء أن يستحدثا في الكوفة مدرسة نحوية تستقل بطوابع خاصة من حيث الاتساع في الرواية، وبسط القياس وقبضه، ووضع بعض المصطلحات الجديدة، والتوسع في تخطئة بعض العرب، وإنكار بعض القراءات الشاذة.

أما المدرسة البغدادية فقد قامت على الانتخاب من آراء المدرستين (البصرية و الكوفية) مع فتح الأبواب للاجتهاد، والوصول إلى الآراء المبتكرة. ولم يتخلص علماء هذه المدرسة من نزعتهم إلى إحدى المدرستين السابقتين، أو ميلهم إلى مناهجها أكثر من ميلهم إلى المذاهب الأخرى، أو إلى الاستقلال عنهما.

ثم ظهرت بعد ذلك المدرسة الأندلسية بدءًا من القرن الخامس الهجري، ومثلها المدرسة المصرية، إلا أن علماءهما لم يكونوا إلا تابعين لعلماء البصرة أو الكوفة أو بغداد، ولم يتجاوزوا الاجتهاد في الفروع.

ـ[الصقرالشمالي]ــــــــ[05 - 03 - 2010, 11:33 ص]ـ

المدرستان البصرية والكوفية .. خلاف واختلاف متجدد


أهم وجوه الخلاف بين المدرسة البصرية والمدرسة الكوفية الاتساع في رواية الأشعار، وعبارات اللغة.
فبينما كانت المدرسة البصرية تتشدد تشددا جعل أئمتها لا يثبتون في كتبهم النحوية إلا ما سمعوه ممن اعتقدوا أنهم عرب فصحاء سلمت فصاحتهم من التأثر باللغات االدخيلة (قيس وتميم وأسد وقريش وبعض كنانة وبعض الطائيين)، كان الكافيون يتسعون في الرواية، فيأخذون عمن سكن من العرب في حواضر العراق ممن كان البصريون يتحرجون في الأخذ عنهم.
كذلك اختلفوا في مسألة القياس، وضبط القواعد النحوية، فقد أشترط البصريون في الشواهد المستمد منها القياس أن تكون جارية على ألسنة العرب، وأن تكون كثيرة الاستعمال بحيث تمثل اللغة الفصحى خير تمثيل، أما الكوفيون فقد أعتدواا بأقوال المتحضرين من العرب وأشعارهم، كما أعتدوا بالأشعار والأقوال الشاذة التي سمعوها على ألسنة الفصحاء، والتي نعتها البصريون بالخطأ والشذوذ حتى قيل: (لو سمع الكوفيون بيتا واحدا فيه جواز مخالف للأصول، جعلوه أصلا وبوّبوا عليه).

ومن مسائل الخلاف:

1. الاختلاف في رافع المبتدأ ورافع الخبر. فقد ذهب البصريون إلى أن العامل في المبتدأ المرفوع هو الابتداء، أما الخبر فذهب جمهورهم إلى أنه مرفوع بالمبتدأ، وقال قوم منهم إنه مرفوع بالابتداء، مثله في ذلك مثل المبتدأ. وذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر والخبر يرفع المبتدأ، فهما ترافعان.
2. مسألة " نعم" و"بئس". ذهب الكوفيون إلى أنهما اسمان، وذهب البصريون إلى أنهما فعلان ماضيان لا يتصرفان.
3. التعجب من السواد والبياض، فقد أجازه الكوفيون ومنعه البصريون.
4. تقديم خبر "ما زال" , وأخواتها عليهم فقد أجازه الكوفيون ومنعه البصريون.
5. تقديم خبر " ليس " عليها، فقج منعه الكوفيون وأجازه البصريون.
6. أصل الاشتقاق، فقد ذهب الكوفيون إلى أن أصل المشتقات هو الفعل، وذهب البصريون إلى أنه المصدر هو الأصل.
7. وقوع الفعل الماضي حالا، فقد أجازه الكوفيون ومنعه البصريون.
8. نداء الاسم المحلى بـ " أل" فقد أجازه الكوفيون ومنعه البصريون.
9. ترخيم الاسم المضاف والاسم الثلاثي فقد أجازهما الكوفيون منعهما البصريون.
10. اسم " لا " المفرد النكرة، فقد ذهب الكوفيون إلى أنه معرب منصوب بها، وذهب البصريون إلى أنه مبني على الفتح في محل نصب.

ولعلّ مَنْ أجاد وأفاد في تقصي أوجه الخلاف مابين المدرستين كمال الدين أبو البركات عبدالرحمن بن

محمد الأنباري في مصنّفه الشّهير " الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير