تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بلاغة الوصف فى الحديث النبوى د محمد الحمزاوى]

ـ[عبد الله محمد عبد الله]ــــــــ[23 - 02 - 2010, 10:06 م]ـ

بلاغة الوصف فى الحديث النبوى من خلال الصحيحين

دراسة بلاغية تحليلية

تأليف الدكتور / محمد أبوالعلا أبو العلا الحمزاوى

مقدمة وتمهيد

الحمد لله , والصلاة والسلام على صاحب الحوض المورود , واللواء المعقود , من أوتى جوامع الكلم , وروائع الحكم , محمد بن عبد الله , إمام البلغاء , وسيد الفصحاء.

وبعد

فإن أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم قد حوت صنوف البلاغة , وألوان الجمال والفصاحة , وعبرت أدق تعبير عن سمو النفس التى خرجت منها , وبينت المنبع العذب الذى نهلت منه , وكما يقول الجاحظ عن بلاغته صلى الله عليه وسلم ": ... فلم ينطق إلا عن ميراث حكمة , ولم يتكلم إلا بكلام قد حف بالعصمة , وشيد بالتأييد , ويسر بالتوفيق , وهو الكلام الذى ألقى الله عليه المحبة , وغشاه بالقبول , وجمع له بين المهابة والحلاوة , وبين حسن الإفهام , وقلة عدد الكلام ... , ثم لم يسمع الناس بكلام قط هو أعم منه نفعاً , ولا أقصد لفظاً , ولا أعدل وزناً , ولا أجمل مذهباً , ولا أكرم مطلباً , ولا أحسن موقعاً , ولا أسهل مخرجاً , ولا أفصح معنى , ولا أبين فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم " () وهذا الجمال الفنى فى بلاغته صلى الله عليه وسلم إنما يرجع إلى سموه الروحى , واتصاله بالملأ الأعلى , حيث أراد الله عز وجل أن يكون النبى بدعوته نقطة تحول فى حياة البشرية وتاريخها. ولقد بدأ فى أمة تنقاد للبيان , وتخضع لسلطان الفصاحة , فلا عجب أن كان أبلغهم وأفصحهم " فكلامه كلما زدته فكراً زادك معنى , وتفسيره قريب كالروح فى جسمها البشرى , ولكنه بعيد كالروح فى سرها الإلهى ... , فهو لسان وراءه قلب وراءه نور وراءه الله جل جلاله " () ولأجل ذلك بنيت البلاغة النبوية على أصول ودعائم () ومع مكانة هذا البيان النبوى , وما له من شرف ومنزلة فى دنيا الناس , لم نحظ بدراسات بلاغية كثيرة له فى تراث الإسلام الحفيل تتناسب مع مكانته ومنزلته , ونجد فى كتب الأدب والبلاغة إشارات موجزة إلى منزلة البيان النبوى , أو ذكر لبعض الخطب والأحاديث التى تشتمل على أسرار بلاغية وهى أحاديث معروفة ومشهورة ينقلها اللاحق عن السابق () كما فى البيان والتبيين للجاحظ , والمثل السائر لابن الأثير , وغيرهما من كتب البلاغة والأدب. وكأن بلاغته صلى الله عليه تنحصر فى هذه الأحاديث دون غيرها. ولقد قام بعض الباحثين العصريين بمحاولات طيبة وجهود مخلصة لدراسة البيان النبوى () , وهى بحاجة إلى إضافة باستمرار لنكشف للناس عن أسرار هذا البيان المبدع , ولسد العجز فى مكتبتنا العربية فى هذا الجانب المهم. ولقد لاح لى فيما يتصل بناحية التصوير فى البيان النبوى جانب " الوصف " , ولقد كتبت هذه الصفحات إسهاماً بجهدى المتواضع لخدمة البيان النبوى. ولكن هناك عدة أمور تتصل بمنهج البحث وخطته ولابد من بيانها قبل الشروع فيه. أولاً: هذا البحث يقوم على دراسة الوصف فى البيان النبوى من خلال الصحيحين (البخارى ومسلم) () , ولقد تتبعت الأحاديث التى اشتملت على ألوان من الوصف فيهما دون غيرهما لشهرتهما , وكثرة أحاديث الوصف فيهما , مع صحتهما , وللإيجاز فى البحث من ناحية أخرى , ولا أدعى أننى ألممت بكل أحاديث الوصف فيهما محللاً ومبيناً , بل أتناول بعضها بالتحليل البلاغى مع الإشارة إلى المواضع الأخرى لمن أراد التوسع , ومما تجدر الأشارة إليه أن هذا الإيجاز فى البحث لاينفى صحة أحاديث الوصف الأخرى فى كتب السنن وغيرها من دواوين السنة , ولكن المقام هنا مقام الإشارة لا الحصر , كما أن ما فى الصحيحين مجمع على صحته ومقدم على غيره كما ذكر المحققون من العلماء () ثانياً: منهج التحليل للأحاديث المشتملة على الوصف يقوم على الجمع بين اتجاهين: الاتجاه العلمى , والاتجاه الأدبى , مع ظهور الاتجاه الأدبى نظراً لأهميته ودوره فى إبراز أسرار البيان النبوى , ولكن العناية بالمظهر الفنى لا تعنى إغفال الجانب العلمى لأن إغفاله معناه الانزلاق إلى ميدان الأهواء والأذواق الساذجة , وهذا يسلمنا إلى فوضى لا مثيل لها () , وإنما من غايات الاتجاه الأدبى نقل الإحساس بجمال النص إلى المتلقى أو القارئ بعيداً عن الناحية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير