تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتقوم اللغة، إضافة إلى التنظيم الدلالي، بدور التنظيم التركيبي. وهذا التنظيم، يتضمن قواعد ربط العلامات المستقلة في ترتيب (جمل)، وذلك طبقا لمعايير اللغة المعطاة. وتنقسم العلامات إلى مجموعتين:

العلامات الاتفاقية الاصطلاحية: هي العلامات التي لا تقوم علاقة التعبير بالمضمون فيها على أساس محدد داخليا: فالضوء الأخضر يدل على حرية الحركة، وعلى أن الضوء الأحمر يمنعها. وكان يمكن الاتفاق على عكس ذلك.

العلامة التصويرية البصرية] الأيقونية [: تقوم على أساس أن للمعنى، تعبيرا جوهريا طبيعيا متميزا، مثل: الصورة. وعلى طول التاريخ البشري، هناك نوعان، هما: الكلمة والصورة. وتتسم العلامات الأيقونية، بقابليتها للفهم، وهي طبيعية. أما العلامات الاتفاقية، فهي تستخدم رسالة ذات نظام شفري. لهذا تتناقض العلامتان وتتعارضان.

ويشير لوتمان إلى أن درجة اتفاقية العلامة الأيقونية، تتضح عندما نتذكر سهولة قراءتها، وأن هذه السهولة ترتبط بمنطقة ثقافية معينة، وهي لا تفهم خارج حدود المنطقة الزمانية والمكانية. ونحن ندرك العلامات الأيقونية على أساس أنها:] علامات أقل درجة من الكلمات [. أما العلامات الاتفاقية، فهي تمتلك قدرة على السرد، وعلى خلق نصوص سردية، أما الأيقونية فلا تقوم إلا بوظيفة التسمية. وعلى أساس نوعي العلامات، تتطور نوعيتان من الفن، هما: الفنون البصرية، والفنون القولية. ونحن نلاحظ -كما يضيف لوتمان- أن الفنون القولية (الشعر _ النثر القصصي)، تحاول أن تصنع من العلامات الاتفاقية المادية، نصا، تبرز طبيعتها الأيقونية. ويبدع الشاعر من العلامات المادية الاتفاقية، نصا، هو بذاته علامة أيقونية، والعكس صحيح، أي يمكن أن نسرد من خلال الصور.

ثانيا: يعد "وهم الصدقية"، أحد خصائص السينما، فهي تشبه الحياة، لكنها لا تتكون من الواقع كله، بل من أجزاء وقطع، يتم تفصيلها على شكل ومقاس الشاشة. وفي السينما، حيث العالم المجزأ إلى لقطات، ثمة إمكانية للتركيز على أي جزئية. فاللقطة السينمائية، لها نوع من الحرية اللصيقة بالكلمة، ومن ثم يمكن عزلها وربطها بغيرها من اللقطات، حسب الدلالة، وذلك على عكس الوحدات والتجميعات الطبيعية، كما يمكن استخدام اللقطات استخداما إما مجازيا تصويريا، أو استخداما كنائيا. ومن الممكن لأي صورة ذات امتداد مكاني في الحياة الحقيقية، أن يتم تركيبها في السينما على أساس «التتابع الزمني»، وذلك عن طريق تقسيمها إلى لقطات، ترتب واحدة تلو الأخرى. وتستطيع السينما وحدها، أن تركب صورة شخص، كأنها عبارة Phrase ، تحتل حيزا في الزمان. ويعتبر مفهوم «حدود المكان الفني»، أحد المفاهيم الأساسية في مفهوم اللقطة. ويقوم فن السينما وهو بصدد إنتاج صورة مرئية متحركة للحياة بتقطيع تلك الصور إلى أجزاء.

ولهذا التقطيع، جوانب عديدة، فهو بالنسبة لصانعي الفيلم تقطيع إلى صور، تتابع وقت العرض، بنفس طريقة تتابع الوحدات العروضية إلى الكلمات، في وقت قراءة قصيدة شعرية. وتتحدد حدود اللقطة، بأنها الخط الفاصل الذي ينفصل عنده جزءان، قام المخرج بتصويرهما، يقول إيزنشتاين:] اللقطة هي الخلية الأولى للمونتاج [، ويضيف: «إذا كان لنا أن نشبه المونتاج بشيء، فإننا يجب أن نشبه مجموع قطع المونتاج _اللقطات_ بسلسلة الانفجارات في آلة الاحتراق الداخلي التي تحرك السيارة». ويوافق لوتمان على أن تطور فن المونتاج، قد جعل مفهوم اللقطة واضحا، وفسر ما كان خفيا، لكنه يرى أنه من المبالغة، النظر إلى حدود اللقطة من زاوية صلتها بالمونتاج فقط. ويؤكد لوتمان أن تتابع الأحداث الحياتية في حركة متصلة، يتم، بينما يكون الحدث على الشاشة، حتى دون المونتاج ما يسميه مفاصل فعالة تفصلها امتدادات خالية، مكونة من أنسجة رقيقة رابطة. فالحياة السينمائية، خيط بين «أجزاء مصفوفة» حسب إيزنشتاين. وتختلف الحياة المعروضة عن الحياة الحقيقية، بسبب تقطيعها الإيقاعي الذي هو أساس تقسيم النص السينمائي إلى لقطات، وللتقطيع طابع تلقائي خفي، وبه تدرك الرسالة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير