تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإذا لم يكن بين العبارة والمحتوى، وجه مشترك، وكان تطابقهما لا يتحقق إلا في حدود اللغة التي ينتميان إليها -كالتطابق بين الكلمة والموضوع الذي تشير إليه- فإن العلامة في هذه الحالة تسمى علامة اصطلاحية. أما إذا كان بين العبارة والمحتوى، وجه شبه ما (الشبه بين رقعة الأرض، والخريطة الجغرافية التي تمثلها) أو بين الوجه واللوحة التي رسمت له، أو بين الإنسان وصورته الفوتوغرافية، فإن العلامة في هذه الحالة، تسمى علامة أيقونية، أو تصويرية، لكن مفهوم التشابه، يخضع للمسلمات الثقافية السائدة. ولا توجد الرموز أو العلامات في اللغة، وكأنها تراكم آلي لكيانات مستقلة بذاتها، ولا صلة بينها، بل هي على العكس، تشكل نسقا أو نظاما، ذلك أن اللغة نظامية بطبعها، وهي تتحقق ضمن قواعد معينة، وهذه القواعد، هي التي تحدد علاقة العناصر فيما بينها.

واللغة، بنية تدريجية، فهي تتوزع إلى عناصر من مستويات مختلفة. وعلم اللغة يميز بين هذه المستويات: الصوتية، والصرفية، والمعجمية، والتركيبية، وما فوق التعبيرية. وتنظيم عناصر اللغة، يسمى الموقعية. ولكي تشكل الوحدات اللغوية المختارة، سياقا صحيحا، من وجهة نظر اللغة التي تنتمي ليها، فمن الضروري أن تنسق الكلمات فيما بينها، وأن تنسق الوحدات التركيبية، وتنظيم اللغة على هذا النحو يسمى السياق. ومن ثم، فإن كل نص، إنما، يتم تنسيقه في محورين: محور انتخابي، أو موقعي ومحور تركيبي، أو سياقي. وانطلاقا من ذلك، فنحن نميز في كل نظام اتصالي بين منظوره البنيوي الثابت، والذي يسمى -حسب دي سوسير- باللغة، وبين إحداثياته المتغيرة عبر النصوص المختلفة، والتي تعرف بالكلام. ونجد هذه التفرقة في مصطلحات المعلوماتية:] الرمز الشفري، Code - اللغة - والبلاغ = الكلام]. وتتوازن علاقة اللغة بالكلام مع علاقة النظام بالنص. وهنا يتسع مفهوم اللغة:

اللغات الطبيعية: اللغة الروسية، اللغة التشيكية، اللغة البلغارية، وغيرها من المصطلحات.

اللغات المصطنعة: هي الأنظمة الإشارية التي يبدعها الإنسان، وتستخدم في مجالات تخصصية ضيقة من النشاط البشري: الإشارات المستخدمة في علوم الجبر والكيمياء، ونظام الإشارات في الشوارع.

الأنظمة النموذجية الثانوية: هي الأنظمة السيميائية المبنية على أساس اللغة الطبيعية، ومنها: الطقوس، مجموعات التواصل الإشاري الاجتماعية والفنية، وهي تندرج في كل سيميائي، مركب وموحد، هو الثقافة.

أما علاقة اللغة الطبيعية بلغة الشعر، فتتحدد في ضوء ما نلحظه من تعقيد في علاقة اللغات الأولية والثانوية، داخل كل مركب موحد، ممثل في ثقافة ما. ومن ثم، فإن تأثير اللغة القومية في تشكيل الأنظمة النموذجية الثانوية، هو حقيقة واقعية لا تحتمل الجدل، وبخاصة فيما يتعلق بوجودها في الشعر. لذلك كله يجب أن تتميز لغة الأدب عن لغة الحياة اليومية، وأن تتميز لغة الأدب عن لغة الاتصال والإخبار.

رابعا: "الشكل الطبيعي للكلام البشري المنظم، هو النثر" كما يقول الشكلاني توماشيفسكي. أما القول الشعري، فينظر إليه، باعتباره، ظاهرة أخرى ذات بنية، أشد تعقيدا. وينطلق التحليل البنيوي من حقيقة أن الطريقة الأدبية، ليست عنصرا ماديا في النص، وإنما موقف. ولهذا، يوجد فارق جوهري بين حالتين: الأولى: غياب القافية عن شعر لم يفطن بعد إلى إمكانات وجودهة (شعر الملاحم)، أو شعر لم يعد يحتذيها، فيكون غياب القافية عنه، داخلا ضمن توقع المتلقي (الشعر المرسل). أما الحالة الثانية: غياب القافية عن بيت أو أكثر في شعر يعتبر القافية، ضمن الظواهر الخاصة بالنص الشعري. فالنظرية الشكلانية الوصفية في فن الشعر، تشبه شخصا يكتفي بالملاحظة والتسجيل [وصف الشخص العاري]. أما النظرية البنيوية في الشعر، فهي تنطلق من مفهوم أن الظاهرة الملحوظة ليست إلا واحدا من مكونات الكل المركب [الشخص العاري في حوض الاستحمام، ليس معادلا لنظيره العاري في محفل اجتماعي.] فغياب الثياب في الحالة الأولى، يعتبر ملحظا عاما، لا يدل بذاته على شيء مما يميز الشخص الماثل، كذلك، فإن تمثال أبوللو في المتحف لا يبدو عاريا. كما أن النثر الفني، ظاهرة متأخرة من الناحية الزمنية عن الشعر. والحديث الدارج = النص، أما النثر الفني، فهو، = النص + طريقة الأداء الشعري لكلام اصطلاحي. وفي مراحل معينة من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير