تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التطور الأدبي، ينقلب الموقف رأسا على عقب، فيصبح الشعر، هو الذي يتلقى على أساس من النثر.

ونلاحظ أن _ البساطة الفنية في ضوء التحليل البنيوي، تتجلى باعتبارها نقيضا للبدائية والفطرية. فالبساطة الفنية، أكثر تعقيدا من التعقيد الفني ذاته، وأكثر تعقيدا من ظاهرة الزخرفة. والنثر الفني، لم ينشأ إلا على أساس نظام شعري معين، يكون هذا النثر الفني، وكأنه رفض له. كما أن إقامة حدود بين الشعر والنثر، يصطدم بوفرة الأشكال الفنية المتوسطة بين طرفي الشعر والنثر. لهذا، من المشروع أن نتحدث عن ظواهر أكثر أو أقل نثرية، مثلما هو مشروع أن نتحدث عن ظواهر أكثر أو أقل شاعرية. لهذا يفضل أن نتجه ونلتفت إلى أكثر الأشكال النمطية تعبيرا عن حقيقة كل من الشعر والنثر.

ويستشهد لوتمان بكلام الباحث الفرنسي باري أوبنجاون، الذي ينطلق من تصور مؤداه، أن الشعر كلام منظم مرتب، وبالتالي، فهو كلام غير حر، ومن ثم، فإن مصطلح الشعر الحر، يعتبر من المغالطات المنطقية. وينضم إليه الناقد البلغاري _ م. ياناكييف] الشعر البلغاري، 1960 الذي يقول:] إن الشعر الحر Vers Libre ، لا يمكن أن يكون موضوعا للدراسة الشعرية. على اعتبار أنه لا يكاد يتميز بشيء عن الكلام العادي، ومن ناحية أخرى، فإن على دارس الشعر أن يشغل نفسه، بالشعر غير الحر [، فهو، أي، ياناكييف، يستشهد بقصيدة الشاعرة البلغارية إليزافيتا باغريانا "المهرج يتحدث، ويعلق عليها بقوله:] إن الانطباع العام هنا، يشبه ذلك الذي يتولد من النثر الفني، وأصوات القوافي المتشابهة، ليست كافية لتحويل مثل ذلك النص إلى شعر]. كذلك يقول الفرنسي جوزيف غراباك، فيرى أن الشعر والنثر ثنائي بنيوي ذو حدين متعارضين، ومثل هذه العلاقة التعارضية، ليست دائما على إطلاقها، ولا يمكن أن نسقط من اعتبارها العناصر اللانصية في البنية الفنية. ورغم أن غراباك يعتقد أن بنية الشعر، وبنية النثر، تنمازان، انميازا حادا في وعي المتلقي، إلا أنه يقول: «طكلما قلت في الشكل الشعري تلك العناصر التي تميز الشعر عن النثر، اشتدت الحاجة إلى توكيد حقيقة أننا لسنا بإزاء نثر، وإنما بإزاء شعر على وجه الخصوص. ومن ناحية أخرى، فإن ثمة أبياتا من قصائد مكتوبة في إطار الشعر الحر، يمكن إذا اقتطعت من سياقها، أن تتلقى، بوصفها، نثرا». ويواصل لوتمان تعليقه: هناك جزء من البنية الفنية الواقع خارج النص، يمكن اعتباره _ مكونا فعليا، شديد الأهمية. فالعلاقات الخارجية للنص، ذات طبيعة ذاتية إلى حد كبير.

خامسا: يمكن أن نلاحظ الخواص التالية فيما ليس شعرا:

العناصر البنائية الدالة، علاقتها باللغة، واحتمالاتها الموزعة على مستوى الكلام، وتلك الأخيرة، لا تتمتع بقيمة دلالية خاصة، إلا نتيجة ارتباطها بثوابت معينة على مستوى اللغة.

في حدود المستوى اللغوي، يمكن أن نميز بين نوعين من العناصر اللغوية: عناصر ذات معنى سيمانتيكي، بمعنى أنها تتعلق بشيء ما، مما يقع خارج اللغة، وعناصر شكلية، أي أنها تحظى بمعنى داخل اللغة ذاتها، كالمعنى النحوي، فإذا انتقلنا إلى الشعر:

- أية عناصر من تلك التي تنتمي إلى المستوى الكلامي، يمكن أن تسلك في دائرة العناصر الدالة.

- العناصر التي تبدو شكلية على المستوى الكلامي، يمكن أن تحظى في الشعر بطبيعة دلالية، وأن تحصل من خلاله على معان إضافية.

ولهذا، ينبغي أن نصف نصا ما، بأنه، شعري: «كلما كان مقدار العناصر الدالة فيه، يحظى بتلك الخاصية من التنامي»، ويضاف إلى ذلك، تعقيد أنظمة التوافق بين العناصر. وتحظى قاعدة «التماثل والمفارقة» في الشعر بطابع عام. فالعناصر التي تبدو في النص اللغوي، منقطعة العلاقات، بحكم انتمائها إلى بنيات مختلفة تتجلى في السياق الشعري، محكومة بمبدأ «التوازن، أو التقابل»، وهو المبدأ الذي يمثل أكثر القواعد البنيوية جوهرية، وتأثيرا في الشعر بخاصة. كذلك لا يمكن تصور فكرة فنية، خارج نطاق البنية. أما ثنائية «شكل/مضمون»، فينبغي أن تستبدل بها مفهوم «الفكرة التي تتجلى عبر بنية مساوية لها، والتي لا يمكن تحققها خارج نطاق هذه البنية. فالشعر معنى يبنى بنية معقدة، وكل عناصره المكونة له، عناصر دالة، بمعنى أنها عبارة عن إشارات إلى مضمون معين». فالعناصر الشعرية، تتحمل ثقلا دلاليا، لا تحظى بمثله في البنية اللغوية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير