تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

العادية. وبقدر ما تعتبر المقارنة (سواء بالتقابل، أو التماثل) القاعدة الأساس في مركب البنية، فإنها تشكل في الوقت ذاته، محور الارتكاز في تحليله.

سادسا: النص الأدبي، عمل على درجة عالية من التنظيم، يتحقق بخاصيتي: الموقعية Paradigm ، والسياقية Syntagm ، وفي مستوى الرياضيات، يتحقق بخاصيتي: التكافؤ، والتسلسل. ويتجلى التكرار في النص الأدبي، باعتباره إحداثا لمبدأ التنظيم على المستوى الواقعي، أي، التنظيم عن طريق التكافؤ. أما الموقعية، فتتحدد باعتبارها خاصية اقترانية، لأن النص، يتوزع إلى عناصر، وهذه العناصر تنتظم بدورها في بنية موحدة.

الموقعية تمنح العناصر المختلفة نوعا من المواجهة فيما بينها، فتشكل، مجموعة من الاحتمالات التفاضلية المتبادلة. فالموقعية تعني علاقة العنصر الموجود بالفعل في النص، والعديد من الاحتمالات والبدائل الصياغية الأخرى. أما في الشعر، فالبنية الشعرية ذات طبيعة تكرارية، حين تنتظم في نسق لغوي، ومن ثم تخلق وضعا شديد التعقيد. وتتحقق الموقعية في الشعر بالكامل. وهي موقعية تكرارية، يتمثل محورها الأساسي فيما يدعى بالتوازي Parallelism إن تلازم القاعدتين «النظام، وخرق النظام»، سمة موضوعية في الفن، كذلك الشعر.

سابعا: إن علاقة الكلمة بالصوت في البيت الشعري، تختلف عن تلك العلاقة في الكلام الدارج. وتتمثل وظيفة البنية الوزنية للقصيدة في أن تلك البنية حين تكسر النص إلى عناصر، فهي تشير في ذات الوقت إلى انتمائه إلى الشعر، ولكن [التوتر] في النص، ما لبث أن اتسم بطابع التناقض بين المستويات البنائية على اختلافها، فالتكرار الوزني، ينتج عناصر متكافئة، ولكن الدلالة الصوتية والمعجمية لهذه العناصر، تؤكد عدم تكافؤها. وهكذا، فإن البنية] الإيقاعية - الوزنية [، ليست مجرد نظام منعزل بذاته، وليست مجرد هيكل، يخلو من التناقضات الداخلية التي تتجلى في توزيع المقاطع المنبورة وغير المنبورة، بل إن تلك البنية، جدل وتوتر، بين أنماط مختلفة.

ونتيجة هذه التقنيات المعقدة، تولد التلقائية الشرطية، وهي التي تكفل للعمل الشعري، محتوى بالغ الكثافة. إن ما يدعى موسيقية الشعر، ليس ظاهرة صوتية بطبيعته، فموسيقية الشعر، تتولد من خلال ذلك (التوتر) الذي ينشأ حين نرى نفس الفونيمات الصوتية المتناغمة، تحمل أثقالا بنيوية متميزة. وبقدر ما يتعاظم حظ الفونيمات المتطابقة صوتيا من التنوع الدلالي والقاعدي والإنشادي، وبقدر ما يتضاعف ما نلحظه من القطيعة بين التكرار أو الوحدة على المستوى الصوتي، والتنوع أو التمايز على المستويات الأخرى - تتنامى موسيقية النص الشعري بالنسبة إلى المتلقي. فموسيقية النص الشعري، ليست خاصية مطلقة، وليست خاصية طبيعية محضة. فالوحدة الصوتية الأولى، ليست صوتا ذا طبيعة مادية معينة، وإنما هو ذلك الصوت الذي يحظى في لغة الفن بقيمة بنائية محددة.

يشمل مفهوم الإيقاع، ظاهرة التناوب الصحيح للعناصر المتشابهة، كما يشمل تكرار هذه العناصر، وهذه الخاصية من خواص العمليات الإيقاعية، نعنى بذلك خاصية التردد، هي بعينها ما يحدد معنى الإيقاع.

فإيقاعية الشعر، قد تعني التكرار الدوري لعناصر مختلفة في ذاتها، متشابهة في مواقعها ومواضعها من العمل، بغية التسوية بين ما ليس بمتساو، أو بهدف الكشف عن الوحدة من خلال التنوع، وقد تعني تكرار المتشابه، بغية الكشف عن الحد الأدنى لهذا التشابه، أو حتى إبراز التنوع من خلال الوحدة. والإيقاع في القصيدة، هو العنصر الذي يميز الشعر عن غيره.

ثامنا: الشعر يتكون من مجموع كلمات. وكلما كان النص أكثر أناقة وصقلا، كانت الكلمة أكثر قيمة، ودلالتها أكثر رحابة. فالمعجم لأي نص شعري، يمثل عالم ذلك النص، أما الكلمات التي يتكون منها، فهي التي تملأ فراغ ذلك العالم، ومن العلاقة بين كلا الجانبين، تتخلق بنية الوجود الشعري.

تاسعا: يحدد البولندي أوسترليتز مفهوم التوازي، كما يلي: كل شطرتين في البيت، يمكن اعتبارهما متوازيتين، إذا كانتا متطابقتين، فيما عدا جزءا واحدا، يشغل في كل منهما نفس الموقع تقريبا. فالتوازي يمكن النظر إليه، كضرب من التكرار، وإن يكن تكرارا غير كامل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير