تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهي باختصار لا تؤدي إلى تحرير الفكر وهو آخر شيء تفكر فيه " 13.

يدين أركون الإسلاميات الكلاسيكية لقصور منهجها عن احتواء الفكر العربي الإسلامي بطريقة علمية تساعده على تجاوز محنه الكثيرة و مآزقه الابستمولوجية، لذلك نجده يرفض آليات الفكر الاستشراقي لأنها تحصر التراث العربي و الإسلامي في مجال الدراسة السطحية الخالية من أي محاولة نقدية جدية،وبالتالي اختزال فاعلية الفكر العربي الإسلامي في بوتقة المبدأ الاختياري، الذي شنه المستشرقون كأساس لدراسة ذلك الفكر. ومن هنا فإن الاستشراق –حسبه- يساهم في " ترسيخ ما يدعوه أركون بالسياج الدوغمائي المغلق، في حين ينبغي على الباحث أن لا يكتفي بنقل التراث كما هو ولكن بعد نقله يبتدئ بتفكيكه و تشريحه عن طريق الدراسة النقدية حتى تستفيد منه المجتمعات بصورة إيجابية "14.

فدراسة الموروث الفكري العربي من قبل المستشرقين حجب الكثير من التفاعلات الفكرية العربية وسار بالموروث في اتجاه الموقف الإخباري،لأن الباحث الغربي حرم الفكر العربي و الإسلامي من الدراسة العلمية القائمة على أساس تطبيق الإجراءات المنهجية الحداثية كالألسنية و الأنتروبولوجيا والتفكيكية وغيرها من الإجراءات العلمية، التي تساعد على كشف حقائق الفكر التراثي العربي الإسلامي والمساهمة في تغيير واقعه الفكري المتأزم، اكتفى بسجنه في إطار الاثنوغرافيا (النظرة الفلكلورية الإحتقارية) كمنهج الدراسة.

لذلك يندد أركون بتلك المواقف الغربية خصوصا،"بالموقف السائد للفكر الغربي اتجاه الثقافات الأخرى التي يتحكم بمسارها و تطورها عن طريق فرض نماذجه و قوالبه ... أقول إن عليه أن يتراجع من النظرة الإثنوغرافية التي يحملها اتجاه الثقافات الأخرى, في الوقت الذي ينبغي عليه أن يطبق على المجتمعات الغربية نفسها و على تراثاتها الثقافية منهجية المقاربة الأنثروبولوجيا ضمن الخط الذي افتتحه، ( George blindiez) جورج بلانديه أو ( pierre Bourdieu) بيير بوروديو، ينبغي أن نلاحظ أن الفكر الغربي يرفض الانخراط في خط كهذا"15.

فالفكر الغربي إذن يزاوج بين منهجين للدراسة أحدهما علمي دقيق يطبقه على ثقافته وموروثه الفكري، والآخر إيديولوجي يهدف من خلاله إلى تثبيت مركزيته الفكرية والإعلاء من شأن صورته العلمية، وهذا بدراسة الموروث العربي الإسلامي دراسة إسترجاعية، تقوم على سرد المواقف السالبة في هذا الفكر بالإضافة إلى حصره في التجليات الأصولية المتزمتة للدين، أي تأطيره ضمن (سياج دوغمائي مغلق.

يقصد أركون بهذه الفكرة سيطرة الفكر الديني السكولاستيكي على واقع الثقافة العربية الإسلامية، وخلوها من أي فكر فلسفي أو علمي يساعد على تطوير الواقع الثقافي وبالتالي سجن العقل العربي والإسلامي بصفة عامة في عملية استنباط الأحكام من النص المؤسس "القرآن"، ومحاولة تطبيقها على الواقع مما أدى إلى تنميط فاعلية العقل العربي في آلية توليد النصوص كما يقول أبو زيد.

ويثور أركون على هذه الآلية محاولا إقامة بديل فكري يساعد العقل العربي والإسلامي على تخطي أزمته، وهذا البديل يطرحه في فكرة الإسلاميات التطبيقية،? وهي حسبه عبارة عن "قراءة ماضي الإسلام وحاضره انطلاقا من خطابات المجتمعات العربية الإسلامية وحاجاتها الحالية".16

فهو يسعى إلى تحليل الواقع الفكري والاجتماعي بعيدا عن سلطة السياج الدوغمائي المغلق و ذلك بتطبيق مناهج العلوم الاجتماعية والإنسانية والتي يعتبرها وسيلة ناجعة لإبطال مقولة أن التراث هو ذلك المعطى الفكري المكتفي بذاته، والذي نستطيع توظيفه في واقعنا المعاصر لحل أزماتنا الفكرية الراهنة، لذلك يحاول النفاد إلى عمق المشكلات من خلال، "عملية انخراط ابستيمولوجي كاملة "17.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير