[المكتبة المنزلية والقراءة.]
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[04 - 01 - 2007, 06:12 م]ـ
منقول
http://www.al-jazirah.com/620702/ar3d.htm
المكتبة المنزلية والقراءة .. لقد أسمعت لو ناديت حياً
عبد الله إبراهيم حمد البريدي
طالعت كثيراً في الصحف والمجلات والدوريات مقالات حول القراءة وأهميتها ووجوب حثِّ الصغار والكبار عليها.
وأحببت أن أدلي بدلوي في هذا المجال وإن كنت بعيداً في طرحي عن أسلوب البعض من حيث التعمُّق والغوص في الألفاظ الأكاديمية. فمن وجهة نظري أن الأغلب من القرَّاء لا يحتاجونها، بل قد تكون سبباً من أسباب عزوفهم عن قراءة كثير من المقالات .. هذا رأيي والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
أبدأ مقالي المتواضع بعبارة قالها ميخائيل نعيمة، كنت قد قرأتها ولم أنسها: (متى يعلم الناس أن بيتاً بلا مكتبة لبيت حقير فقير حتى وإن حوى أفخم الرياش والأثاث وأندرها).
وكانت هذه العبارة سبباً لإنشائي مكتبة في البيت - وإن كانت متواضعة - بكل ما تحمل كلمة متواضعة من معنى، لكنها كانت كافية لأنجو وبيتي من وصمة الفقر و (الحقارة) فهما بغيضتان .. ومن يحبهما؟
لاشك ولا ريب إذا قلنا إن المكتبة والكتب في المنزل أهم من غرفة نوم برّاقة أخّاذة جذّابة، وضخمة فخمة.
والمكتبة في المنزل أهم من السجاد (واللباد)، وأهم من الوسائد والمساند وأهم من الثريات و (الكنبات)!
والمكتبة في البيت أهم من الزهور والورود والبخور ودهن العود!
ولكن لنحذر من أمر خطير ألا وهو إنشاء المكتبات في البيوت للزينة فقط! نعم إن هناك من يُنشىء مكتبة في بيته ويُوفِّر فيها الكتب القيِّمة، لكنه لا يقرأ ولا أهل بيته يقرؤون!
فتجد مثل هذا يستنجد بصديق أو قريب ليسأله عن معنى كلمة مثلاً، وعنده في مكتبة المنزل (القاموس المحيط) أو (لسان العرب) وغيرهما من المراجع اللغوية!!
فلا يغضب من يفعل ذلك إذا رُمي بهذا البيت:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول!
الكتاب واقتناؤه ليس بالأمر العسير، والوقت للقراءة متوفر للكل، ومن لا يعرف القراءة الآن؟ .. لكن ما الذي صرف الناس من كل الأجناس، ومن كل الأعمار عن القراءة؟
لا نريد أن نرى رجالاً أو شباباً يقرؤون، أو نساء وشابات يقرأن في أماكن الانتظار في مستشفى أو مطار وخلافه!!
ولا نريد أطفالاً وفتياناً يقرؤون وهم في رحلة برية أو بحرية!!
لا أريد أن أوغل في التشاؤم وإلا لقلت إن هذه من رابع المستحيلات، لكن لنقل إنها صعبة قليلاً في مجتمعنا، لكن نريد الحد الأدنى من استغلال أوقات الفراغ لدينا (وما أكثرها) ونقرأ، ونشجع أبناءنا على القراءة، ويشجع بعضنا بعضاً على القراءة.
لماذا لا نقرأ وأول ما أنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}؟
لماذا لا نقرأ وبين أيدينا أعظم كنوز الدنيا (القرآن والسنَّة) وكتب السير وغيرها؟
لماذا لا نقرأ ومدارسنا تكاد لا تخلو من مكتبة فيها العشرات أو مئات الكتب؟
لماذا لا نقرأ وفي كل شارع مكتبة لبيع الكتب؟
ومن يتحجج بارتفاع أسعار الكتب فحجته مردودة بوجود مكتبات الكتاب المستعمل، فهي تنافس البقالات عدداً!!
وقد دخلت الكثير منها ولاحظت أن أغلب الكتب فيها لا أثر لاستعمال عليها!! الوقت والمال وتوفُّر الكتب لا أحد يجادل أنها ليست سبب المشلكة لا من بعيد ولا من قريب .. إذاً ما سبب عزوف الكثير منا عن القراءة؟
من خلال نقاشات متعددة ومع أطراف مختلفة في محيطي الأُسري أو العملي خرجت ببعض (الحجج) الواهية التي يتحجج بها الكثير ويرونها سبباً لعدم القراءة، فما أبرز هذه الحجج؟
هناك من يقول: أنا لا أستطيع أن أحدد ماذا أقرأ؟
وهناك من قال: لو قرأت، لا أرى أنه سيبقى في عقلي شيء مما قرأت!!
لقد حاولت أن أمسك شيئاً، الأمر صعب! فلماذا أتعب نفسي؟؟؟
وهناك من يصدمك بقوله: لماذا نقرأ؟ نحن نعرف نأكل ونشرب ونكتب ونتكلم ونسمع .. فلا حاجة لنا بالقراءة!!
وهناك من يبدع في (التهرُّب) من حقيقة كرهه للقراءة فيقول:
أنا أقرأ عن طريق متابعة التلفاز والإذاعة، قاصداً قراءة الاستماع.
فإجابةً على من يقول: ماذا أقرأ؟ نجيبه: ألا تستطيع تحديد ماذا تحب أن تأكل أو تشرب؟ كذلك القراءة، ابدأ بما تحب أن تقرأ، أو بما تميل إليه نفسك، ثم ستجد أنك ستتوسَّع بالقراءة تدريجياً.
والرد على من يقول: أنا لا أمسك شيئاً مما قرأت، هو أن المسألة ليست حفظاً أو تسميعاً لما قرأت، فيكفي أن تستشهد بالمعلومة أو الفكرة التي مرَّت عليك في قراءتك، وبأي صيغة تأتي بها فهي مقبولة، فالهدف الفكرة وليس النص.
وأما من يقول أنا أعرف أن آكل وأشرب وأضحك وأسمع .. فما ضرورة القراءة؟ نقول له بإيجاز: وهل يعجز الحيوان عن القيام بهذه الأفعال؟؟؟
نريد ما هو أهم من ذلك كله وهو الفارق بيننا وبين الحيوان، ألا وهو غذاء العقل والروح (القراءة وتنمية الفكر).ونأتي إلى أخطر وسائل التّهرب من القراءة لدى الكثير منا، وهي الاحتجاج باستعمال (قراءة الاستماع).
ولو سألت أحداً من أدعياء هذه القراءة: ماذا تقرأ استماعاً على الأغلب؟
سواء عن طريق التلفاز أو غيره، بالتأكيد لن يجيبك الإجابة الحقيقية: وهي أنه يستمع ويشاهد المسلسلات والأفلام والأغاني .. وغيرها.
وهذا ليس تعميماً، لكن الأغلب منا وللأسف.
ألا توافقونني أيها القراء الكرام أن الشخص القارىء مميز في المكان المتواجد فيه؟ فهو طلق اللسان، قوي الحجة، سريع البديهة، وأضح الأسلوب. فلنجعل من أنفسنا وأبنائنا مميزين، وليقم كل منا بواجبه نحو صناعة هذا التميُّز، فالأب والأم في بيتهما، والمعلم في مدرسته، والكاتب في صحيفته، والأديب في كتابه، والشاعر فهي قصيدته، كل هؤلاء تقع عليهم مسؤولية صناعة جيل قارىء نامي الفكر، واعٍ ومدركٍ لما حوله.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7569» ثم أرسلها إلى الكود 82244
al-boraidi*************