["رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"]
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[12 - 07 - 2007, 12:04 م]ـ
كتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"
صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود
يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية ... ) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990 ... ) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982 ... ) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي)
بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990 ... ) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟
وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أمريكا اللاتينية لكونه أقرب الفنون إلى نفسي، بالإضافة لكونه أكثر الأجناس الأدبية انتشارا، خاصة بعد أن امتلكت هذه الرواية سمات تكاد تكون خاصة بها، ولا ننسى سهولة ترجمتها مقارنة بلغة الشعر، بالإضافة إلى ذلك كله ثمة رغبة كامنة في الأعماق تحاول الخروج من شرنقة المركزية الغربية، فقد عشنا زمنا طويلا لا نقرأ سوى الأدب الغربي!!
ومما زاد حماستي أكثر لهذه الرحلة أنني لاحظت تقصير النقد العربي في دراسة أدب أمريكا اللاتينية، كما هو مقصر في دراسة الأدب الذي يشاركه الانتماء الجغرافي والديني (الأدب التركي، الفارسي، الهندي ... )
لا تستطيع دراسة واحدة أن تفي رواية أمريكا اللاتينية حقها، فالإنجاز الإبداعي ضخم، لهذا سأختار نماذج للدراسة، تلفت النظر إلى جماليات هذه الرواية، وقد تفتح الباب أمام الباحثين للاستمرار في تناول هذا الإبداع المدهش! لعلنا نزيد متعة التلقي والإفادة لدى كل من القارئ العربي والمبدع أيضا!
ستحاول هذه الدراسة أن تسلط الضوء على روايات تنتمي إلى بلدان شتى في أمريكا اللاتينية: رواية "بيدرو بارامو" لخوان رولفو (المكسيك) و"مئة عام من العزلة" لغابريل غارسيا ماركيز (كولومبيا) "حفلة التيس" لماريو فارغاس يوسا (البيرو) و"السيميائي" لباولو كويلهو (البرازيل) و"مدينة الوحوش" لإيزابيل اللينيدي (التشيلي).
من خلال هذا الكتاب نلاحظ أن رواية أمريكا اللاتينية حلّقت بنا في عوالم مدهشة، لهذا كانت رحلة ممتعة، رغم أننا رافقنا عددا قليلا من الروائيين، لكنهم استطاعوا أن ينطلقوا بنا في فضاء روائي متنوع، مما أتاح لنا فرصة أن نقوم بعدة جولات، نظرا لأن كل روائي من الروائيين الخمسة يشكل عالما متفردا في ذاته، بفضل امتلاك كل منهم صوته الخاص، حتى إننا لاحظنا أن الروائي الأمريكي اللاتيني قدّم مع كل رواية جديدة يبدعها إنجازا فنيا مدهشا!
وقد لاحظنا أن المؤسس للحداثة الروائية (خوان رولفو) اكتفى برواية واحدة حين وجد نفسه لن يستطيع تقديم رواية أفضل من "بيدرو بارامو"! ومع ذلك تركت بصمتها على الإبداع في أمريكا اللاتينية وربما في أماكن غيرها! لذلك لم يسقط الروائي الأمريكي اللاتيني في فخ تكرار الذات، على الصعيد الفني، الذي سقط فيه بعض الروائيين العرب!
من المؤكد أن جميع الروائيين الذين درسناهم اشتركوا في الفهم العميق لنظرية الرواية، بل وجدنا بينهم من يدرّسها في الجامعة (يوسا) كما مارس أغلبهم فعاليات تزيدهم اقترابا من الواقع ومن الفن (الصحافة والكتابة للسينما) كما مارسوا جميعا النقد الذاتي الذي أسهم في تطور إنتاجهم الإبداعي بفضل تطوير رؤيتهم للحياة وثقافتهم.
¥