تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والصنف، كذهب بذهب، وفضة بفضة، وبقية الأصناف الأربعة على ذلك، ويجري الربا من وجه واحد وهو ربا النسيئة، إن باع مع اختلاف الصنف واتحاد الجنس، كأن يتحد جنسهما كالأثمان، فيبادل الذهب بالفضة، فيجوز التفاضل بأن يبيعه الكيلو بالكيلوين، ولا يجوز النسأ وهو التأخير. وكذلك لو باع البر بالتمر، فيجوز الصاع بالصاعين وبالثلاثة، ولكن يجب أن يكون يداً بيد، أما لو اختلف الجنسان كذهب ببر، أو تمر أو شعير أو ملح أو فضة بتمر أو شعير أو ملح، فإنه يجوز التفاضل ويجوز النسأ، ولا ربا في هذا النوع من البيع.

الربا في غير الأصناف الستة المنصوص عليها أما الأصناف التي سكت عنها الشرع، فجماهير السلف رحمة الله عليهم ومنهم الأئمة الأربعة على أنه يجري فيها الربا ولكن بشروط، وخالف في ذلك الظاهرية رحمهم الله، فقالوا: لا يجري الربا إلا في الأصناف الستة. ومذهب الجمهور هو الصحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر هذه الأشياء ذكرها أصولاً لغيرها، فذكر البر والشعير أصلاً للحبوب، فتقيس الأرز الموجود في زماننا والدخن والعدس والفاصوليا واللوبيا وغيرها من الحبوب ونحوها على البر والشعير. كذلك أيضاً ذكر التمر لكي يقاس عليه الزبيب، والعسل، والحلوى، مما يباع كيلاً أو وزناً من جنس المطعومات، فجعلها أصلاً لغيرها. وجعل ذكر الملح لكي يقاس عليه ما يستصلح به الطعام؛ كالأدقة ونحوها مما يوجد من البهارات الموجودة في زماننا. إذاً: ليس من فراغ جاء قوله عليه الصلاة والسلام: البر والتمر والشعير والملح، إنما جاء تنبيهاً على المثل، ولذلك صح عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: (وكذلك ما يكال ويوزن)، وهو صحابي جليل فجعل ما يكال ملحقاً بالأصناف الأربعة المنصوص عليها كيلاً، وجعل ما يوزن ملحقاً بالمنصوص عليه من الذهب والفضة؛ لأنه كان يباع وزناً. إذا علمنا أن الأصح أن الربا يجري في غير هذه الأصناف الستة، فلو سأل رجل عن الأرز الموجود في زماننا، أو سأل عن البرتقال أو التفاح أو الموز، وهذا من جنس المطعومات، أو سأل عن غير الطعام كالحديد أو النحاس أو الألمنيوم أو غيرها من المعادن، هل يجري فيها الربا أم لا؟ بمعنى: لو باع الرجل حديداً متفاضلاً؛ كطن من الحديد الصلب -وهو أجود أنواع الحديد- بنصف طن من الحديد الزهر، وهو رديء، فقال: أردت أن أبادل الحديد بالحديد متفاضلاً، فهل يجوز أم لا يجوز؟ كذلك يسأل الناس في زماننا هذا -ونحب أن نمثل بأمثلة موجودة الآن حتى يكون التطبيق واضحاً- فلو سأل عن ثلاجة بثلاجتين، أو سيارة بسيارتين، هل هذا من الربا؟ والسؤال عن الربا إنما يكون عند الزيادة؛ بل ربما يسأل: القلم بقلمين أو الدفتر بدفترين هل يجري فيه الربا أم لا؟ فكل واحد يسأل عما أشكل عليه أو وقع فيه، ومن هنا تسأل عن كل صغيرة وكبيرة موجودة في زمانك، فإن الموجود في زماننا أكثره غير منصوص عليه في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا الذي لم ينص عليه النبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: ما كان من جنس المطعومات. القسم الثاني: ما كان من غير جنس المطعومات. مثال ذلك: لو أخذنا الحلوى الموجودة في زماننا وبعناها من جنس غير المطعومات، مثل الثلاجات أو الحديد أو النحاس، فهل يجوز بيع هذه الأشياء إذا اتحدت أصنافها متفاضلة؟ هذا يحتاج إلى تفصيل. وتوضيح ذلك أن يقال: نأخذ أولاً غير المطعومات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بها، فقال: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة)، فذكر لنا الأصل في غير المطعوم، وهو الذهب والفضة، فإن الله حرم بيع الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل؛ لمكان العدل، فإنه إذا باع الذهب بالذهب متفاضلاً، فهنا يوجد ظلم. ومن هنا قال طائفة من العلماء رحمهم الله، وهو رواية عن الإمام أحمد، وذكر المرداوي رحمه الله صاحب الإنصاف أن المذهب عليها، وهو مذهب الحنفية أيضاً: أن العلة في الذهب والفضة الوزن، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: (الذهب بالذهب وزناً بوزن، والفضة بالفضة وزناً بوزن)، فكأن مقصود الشرع حصول التماثل بالوزن، فما كان يوزن من غير المطعومات فلابد فيه من التعادل والتكافؤ في الوزن. ومن هنا إذا باع الموزون بالموزون مع اتحاد الصنف وقع الظلم، وقالوا: إن الموزونات من غير الذهب والفضة تقاس على الذهب والفضة، فلا يجوز بيعها متفاضلة مع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير