تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اشتراط الحلول والتقابض عند بيع الربوي بالربوي قال رحمه الله: [ويجب فيه الحلول والقبض]: أي: أن يكون البيع حالاً، وأن يتقابضا في المجلس، وعلى هذا فلا يجوز بيع الربوي بالربوي مؤجلاً، كأن يقول له: تعطيني غداً، وأعطيك غداً، أو أعطيك بعد شهر، أو تعطيني بعد شهر، فإن هذا بيع الدين بالدين، والربا فيه من الوجهين ولا إشكال. وكذلك أيضاً: لو أخر أحدهما، فقبض أحدهما ولم يقبض الآخر، فإنه لا يجوز، بل لابد من التقابض بأن يكون ذلك حالاً، فيعطي هذا ويعطي ذاك. أما الدليل على هذا فقوله عليه الصلاة والسلام: (الذهب بالذهب رباً إلا هاء وهاء، والفضة بالفضة رباً إلا هاء وهاء)، فنبه على لزوم التقابض في قوله: (هاء وهاء)، وهذا يستلزم أن يكون البيع على البت فيه دون أن يكون مؤجلاً من الطرفين أو أحدهما.

بيع المكيل والموزون بجنسه كيلاً أو وزناً قال رحمه الله: [ولا يباع مكيل بجنسه إلا كيلاً]. هنا مسألة التماثل، وقد ذكرنا أنه لابد من التماثل في بيع الأصناف الأربعة المطعومة إذا كانت مكيلة، فإذا قلنا: إن العلة في المطعوم هي الكيل، فلا يجوز بيع المكيل من المطعومات كلها بمثله إلا أن يتساويا في الكيل، ولا يعدل إلى الميزان. مثلاً: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يباع التمر مثلاً كيلاً، فتبيع الصاع بالصاع، لكن لو قال لك قائل: أريد أن أبادلك مائة كيلو من التمر، فنقول: هذا ليس كيلاً إنما هو وزن، ولا يجوز في المكيل أن يباع بالوزن لمثله؛ لأن التماثل في الكيل يختلف عن التماثل في الوزن، ولذلك قالوا: لا يجوز بيع الربوي إذا كان مكيلاً بمثله إلا كيلاً. وهذا كله من باب تحقيق التماثل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فالتمر من حيث هو فيه الأقماع، والقمع الموجود في التمر يزيد من وزنه، وإن كان شيئاً يسيراً، لكنه في الغرامات تظهر زيادته، فلوكان هناك صاع من التمر بأقماع، فإنه يزيد في الوزن، ولو كان التمر مجرداً مفصلاً من القمع، فمعنى ذلك أن الغرامات تستوي ولا يتحقق التماثل. والتمر فيه الطويل وفيه القصير، ففي الكيل يكون التماثل بالجنس، ولكن في الوزن يكون التماثل بالثقل، والتماثل في الشريعة عندما جاء بالكيل يتحقق في المكيل كيلاً، وفي الموزون وزناً. وقوله: [ولا موزون بجنسه إلا وزناً]: كما ذكرنا على أنه في الكيل لا ينضبط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الذهب بالذهب وزناً بوزن)، وعلى هذا فلا يجوز بيع المكيل بالوزن ولا الموزون بالكيل، تحقيقاً للتماثل، وخوفاً من وقوع التفاضل في الوزن، وحينئذٍ لا يتحقق مقصود الشرع من التكافؤ بين المدفوعين من الطرفين: البائع والمشتري.

بيع الجزاف قال رحمه الله: [ولا بعضه ببعض جزافاً]. وهذا التطبيق الذي ذكره المصنف رحمه الله هو في الحقيقة تطبيق لقاعدة: (بالكيل كيلاً وبالوزن وزناً)، وما دام أن الشريعة أمرت بالتماثل في المكيلات وفي الموزونات، فمعنى ذلك: أن يتحقق التماثل في الكيل كيلاً وفي الوزن وزناً؛ لأننا ذكرنا أن المكيلات قد تختلف في الوزن. وبناءً على هذا يختلف مقصود الشرع ببيع المكيل وزناً والموزون كيلاً، وكذلك ببيع بعضها ببعض جزافاً، فالمخالفة تتحقق بإحدى: - إما أن تجعل هناك وحدة تخالف الكيل، إن كان يباع بالكيل، أو تخالف الوزن إن كان يباع بالوزن. - وإما أن يقع الجهل بالتماثل، ولذلك يذكرون قاعدة: (الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل)، وهذه القاعدة تنطبق على مسألة بيع بعضه ببعض جزافاً. والجزاف: كأن يأخذ منه كوماً، أو يقول: هذا الكوم بهذا الكوم، فقد يكون أحدهما أكثر من الآخر كيلاً إن كان من جنس المكيلات، أو وزناً إن كان من جنس الموزونات، كما يقع في خامات بعض المعادن، فلو أنه خالف في الموزون أو المكيل فخرج عن ضبطه بالكيل والوزن -سواءً مع المخالفة بالمقادير المعروفة أو بالجزاف- فإن بيع المكيل بالوزن فات التماثل وخشي أن يكون ذريعة لفوات التماثل، وكذلك أيضاً إذا لم يوجد العيار الذي هو الكيل والوزن فباع جزافاً، ككوم من الطعام بكوم من الطعام، بل حتى لو قال: أبيعك هذا الكوم من الذهب بهذا الكوم، ولا نعرف كم مقدار هذا الكوم وزناً ولا هذا الكوم وزناً؛ فإن هذا يوجب الوقوع في المحرم. ولذلك قالوا في القاعدة: (الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل) أي: إذا باعه جزافاً فقد جهلنا التماثل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير