تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من الإبل أو البقر أو الغنم، فإذا باع شحوم الإبل فيجب التماثل والتقابض، إذا كان بعضها ببعض، وكذلك البقر والغنم. لكن لو أراد أن يبادل شحم الإبل بشحم الغنم، جاز التفاضل ووجب التقابض، إذاً: إذا ضبطت القاعدة فهذه كلها أمثلة تطبيقية على ما يشترط فيه التماثل والتقابض. وقوله: [والكبد أجناس]. فالكُبود التي تكون من الإبل لها حكم، والكُبود التي تكون من البقر لها حكم، والكُبود التي تكون من الغنم لها حكم، فإذا باع كبود الإبل فتقول: إذا كان بعضها ببعض وجب التقابض والتماثل، وإن كانت كبود إبل بكبود بقر جاز التفاضل ولم يجز النسأ.

حكم بيع لحم بحيوان من جنسه وبغير جنسه قال رحمه الله: [ولا يصح بيع لحم بحيوان من جنسه]. فلو ذبح الجزار شاة، وأتى رجل وعنده شاة حية، فرغب في هذه الشاة المذبوحة، وأراد أن يعطيه الشاة الحية ويأخذ المذبوحة، ومعلوم أن الشاة وهي حية من المعدودات، واللحم بعد ذبحه موزون. وبالمناسبة: فإن بيع الحيوانات بالوزن لا يجوز، وهذا نص عليه العلماء؛ وذلك لأنه من بيع الغرر؛ لأن الشاة قد تشرب الماء فيثقل وزنها، وقد يعطيها طعاماً فتثقل في الميزان، وهذا من الغرر، ومن ثم حرم العلماء بيع الحيوانات موزونة، لكن لو ذبحت فإنه يجوز بيعها موزونة. والشاة والبقرة والناقة لهن أحوال، فهناك ما تسمى بالشاة الحلوب، والناقة الحلوب، وهناك الناقة الركوب، وهناك شاة يراد منها الحليب، وهناك ناقة يراد منها الحليب، ويقال لها: ناقة حلوب، وهناك ناقة تراد للركوب، ويقال لها: ناقة ركوب، وهناك ناقة أكولة فيها لحم طيب، وهذا يرجع إلى أهل الخبرة، فإنهم يرون فيها أوصافاً معينة ويبنون عليها أنها صالحة للأكل. فهناك ما يطلب للأكل، وهناك ما يطلب للركوب، وهناك ما يطلب للحليب، ولذلك قال: (من جنسه). وبعض العلماء يقول: الأصل في تحريم بيع الحيوان باللحم نسيئة أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع الحيوان باللحم نسيئة)، وهو مرسل من مراسيل سعيد بن المسيب رحمه الله، وقد أجاز بعض العلماء بيع الحيوان باللحم، وقالوا: يجوز أن يبيعه متفاضلاً لا نسيئة؛ لأنه من جنس المطعوم، أما إذا باع الشاة المذبوحة بشاة أكولة، فإن المراد من الشاتين واحد، فحينئذٍ يمتنع، وأما إذا باع الشاة الأكولة بالشاة الحلوبة فإنه يجوز؛ لأن المقصود مختلف، وهذا وجه خرجه بعض العلماء، خاصة وأنهم يرون ضعف الحديث المرسل عن سعيد بن المسيب رحمه الله. وقوله: [ويصح بغير جنسه]: أي: إذا باع الحيوان بغير جنسه، فلو أن جزاراً قال لك: أعطني مائة رأس مذبوحة من الغنم وأعطيك بدلاً عنها خمسين رأساً من البقر، فنقول: يجوز؛ لأن جنس البقر غير جنس الغنم، فيجوز التفاضل، ولكن يجب أن يكون ذلك يداً بيد؛ لأن كلاً منهما من جنس المطعوم.

حكم بيع الحب بدقيقه أو سويقه قال رحمه الله: [ولا يجوز بيع حب بدقيقه]. عرفنا الضابط وهو اشتراط التماثل، وهنا صور يقع فيها التفاضل لعدم القدرة على التماثل والتكافؤ بين الصنفين في الصنف الواحد إذا بيع بعضه ببعض، فمثلاً: الحب بالدقيق، فإن الحب ليس كالدقيق، فالدقيق يقع بعضه على بعض فيكون مسدوداً بأجرام الدقيق أكثر من الذي يسد بالحبوب، ومن هنا لا يحصل التكافؤ بين الحب والدقيق. ولو سأل سائل وقال: أنتم تقولون: يشترط التماثل، والصاع بالصاع يجوز، فلو أنني أخذت حباً وطحنته، وأردت أن أبادله بحب غير مطحون صاع بصاع، فهل يجوز؟ فنقول: لا يجوز؛ لأنه لما طحن اختلف عن غير المطحون، وموقعهما في الصاع وفي الكيل ليس بمتكافئ. ومن هنا لا تتحقق المماثلة المشروطة شرعاً، فإنه إذا قال: صاع بصاع، أو مد بمد، فهذا لا يكفي وحده؛ بل لابد من التماثل على الصفة التي ذكرناها، فلو سأل عن بيع الدقيق بالحب؟ فنقول: لا يجوز، ولو اتفقا كيلاً؛ كصاع بصاع ومد بمد؛ بل لابد من التماثل بينهما. وقوله: [ولا سويقه، ولا نيئه بمطبوخه]. إذا لت السويق بالنار وحبس عليها فسوف يذهب جزء من الدقيق، حتى لو أخذ السويق وبودل بالدقيق فليس بينهما تكافئ، ومن هنا قالوا: لا يجوز بيعه بالحب، ولا بيعه أيضاً بالدقيق؛ لأنه يختلف؛ فإنه المحموس ليس كغير المحموس؛ لأن النار تستنفذ وتستهلك منه، وهذا وهو الذي جعله يقول: (ولا نيئه بمطبوخه)، فلو سأل سائل عن بيع اللحم وقال: هل نبيع اللحم المطبوخ باللحم الني؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير