تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ميتة البحر أما ميتة البحر، فتشمل السمك والحوت وسائر حيوانات البحر التي لا تعيش إلا فيه، فإذا كانت من النوع الذي لا يعيش إلا في البحر، ومنه ما يُسمى (بالجمبري) الموجود الآن، فجمهور العلماء على جواز أكله، وأنه لا بأس في أكل ميتة البحر، وأنها طاهرة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (هو الطهور ماؤه، الحلُّ ميتته) وهو حديث أبي هريرة في السنن. فوصف ميتته بأنها حلال، فيجوز أن يبيع السمك، والحوت، أو ما يُسمى (الجمبري)، أو غيره، وأنواع الأسماك كلها. ثم ميتة البحر إمّا أن تخرجها من البحر فتكون ميتة؛ لأنك لم تذكها، فمثلاً: الشاة تذكى، وكذلك الدجاجة، والطير؛ لكن بالنسبة للسمك والحوت لا يذكى؛ لأنه ليس له موضع ذكاة، فإذا أخرجت من البحر خرجت بغير ذكاة فتكون ميتة، فحينئذٍ يجوز لك أن تأكلها؛ لكن لو أنها ماتت حتف أنفها في البحر فهل نقول: إنها تؤكل بغير ذكاة كالذي صيد، أم نقول: إنها ماتت حتف أنفها فلا يجوز أكلها؟ للعلماء وجهان: جمهور العلماء على أن السمك إذا مات وطفا على البحر يجوز أكله وبيعه ولا بأس في ذلك، ويسمونه السمك الطافي، وكذلك ما جزر عنه البحر؛ لأن البحر له مدُّ وجزر، فإذا مدَّ قذف بعض السمك خاصة الصغار منه، فإذا جزر يكون على أطراف الشواطئ، وهذا النوع من السمك سواء كان طافياً أو كان مما جزر عنه البحر، فالصحيح جواز أكله، وهو مذهب الجمهور، وفيه حديث أبي عبيدة رضي الله عنه وأرضاه في سريتهم بسيف البحر، حينما أصابتهم المجاعة وجزر البحر عن الحوت، فأكلوه، وأتوا ببعضه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل منه، فدلَّ على جواز أكل الطافي، وأكل ما مات حتف نفسه؛ لكن إذا كان هذا النوع فيه ضرر أو خمج أو أنتن بحيث لو أكله الإنسان تضرر فلا يجوز بيعه ولا يجوز أخذ المال لقاءه؛ لأنه من الميتة المتنجسة في هذه الحالة.

ميتة البرمائيات النوع الثالث: وهو البرمائي، وقد اختلف فيه العلماء: فبعض العلماء يقول: الحيوان الذي يعيش في البر والماء ينظر فيه، فإن كان أكثر عيشه في الماء فميتته حلال، وإن كان أكثر عيشه في البر فميتته حرام؛ لأن الشيء يأخذ حكم غالبه. ومنهم من يقول: بل ننظر أين يكون توالده وتكاثره وإيواؤه، فإن كان أكثر توالدها وتكاثرها بداخل الماء، فحكمها حكم حيوان الماء، وإن كان غالب تكاثرها وعيشها وجريانها في البر، فتأخذ حكم ميتة البر، مثل السلحفاة، وهذا القول قوي، والنفس تطمئن إليه. [والميتة]. الميتة إذا بيعت بذاتها لا يجوز بيعها، ويشمل هذا ما كان محنطاً ولم يذك، إلا إذا كان من جنس ما يستثنى كالحوت والجراد، فهذا يجوز بيعه محنطاً. فلو أن شاة دهست ثم ماتت قبل أن تذكى وعرضت، وجاء شخص يريد أن يشتريها نقول: لا يجوز هذا البيع ولا يجوز شراؤها، ولو أُخذ ثعبان وحنّط قلنا: لا يجوز بيعه ولا شراؤه، وماله غير جائز، كذلك لو أُخذ ثعلب وحنط ثم عرض للبيع فله نفس الحكم؛ لأن الثعلب ليس من جنس ما يذكى، ولا تعمل فيه الذكاة.

ما قطع من حي وما قطع من الحيوان في حال حياته أخذ حكم ميتته، مثلاً: لو أن الشاة قطعت منها رجلها أو قطعت إليتها، ثم جاء يريد أن يبيعها نقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أبين من حيٍّ فهو ميتته) وفي رواية: (فهو كميتته)، فالشاة لو ماتت لا يجوز بيعها، إذاً هذا الجزء المقطوع من الشاة حال حياتها يأخذ حكم الجزء المقطوع حال موتها، فتكون الإلية نجسة، ولا يجوز بيعها، وحكمها حكم الميتة بأجزائها التي تقبل الحياة، لكن هناك أجزاء لا تحلها الحياة. فالحيوانات تنقسم أجزاؤها إلى قسمين: القسم الأول: ما فيه حياة الروح. القسم الثاني: ما فيه حياة النمو. حتى الآدمي فيه أجزاء حياتها حياة روح، وأجزاء حياتها حياة نمو، فمثلاً: اليد لو أنها لُسعت بنار تأذى الإنسان؛ لأن الحياة الموجودة فيها حياة روح وإحساس؛ لكن لو أنك أحرق طرف الشعر لم يحسُّ الإنسان؛ لأن الحياة التي في الشعر حياة نمو. فعندنا أعضاء تقبل حياة الحسِّ، وأعضاء تقبل حياة النمو. فما كان من الأعضاء يقبل حياة الروح فيعتبر نجساً إذا قطع في الحياة، كيدها ورجلها وإليتها وأذنها، وما كان لا يقبلها فلا، فمثلاً لو قُصَّ الشعر فإن الشعر من جنس ما لا تحله الحياة، فلو أنه قام على الناقة وجزَّ ما عليها من شعر وباع الوبر فإنه يجوز، قال تعالى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير