تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تجمع مسائل، وبعض الأحيان القاعدة الواحدة تفرع عليها ثمانمائة مسألة والعلماء يسمونها (أمهات القواعد)، وقد تكون قاعدة تتفرع عليها قواعد، وكل قاعدة تحتها مسائل. فمثلاً: قاعدة (الأمور بمقاصدها) تتفرع عليها قواعد في إعمال الأصل، واستصحاب الأصل، وكذلك البراءة الأصلية وكذلك قاعدة: (اليقين لا يزول بالشك) تفرع عليها: (الأصل بقاء ما كان على ما كان) وغيرها. الشاهد: لماذا وضع العلماء القاعدة؟ وضعوها لأن الطالب بعد أن يقرأ الفقه بكامله، تكثر عليك المسائل، فتحتاج إلى ضوابط وقواعد. وهناك شيء يسمى قاعدة وهناك شيء يسمى ضابط، فالقاعدة لا تختص بباب، فمثلاً قاعدة: (المشقة تجلب التيسير) ممكن أن تجري في العبادات وفي المعاملات، ففي العبادات تستخدمها -مثلاً- في الطهارة " فيجوز لمن لم يجد الماء أن يتيمم، أو شقّ عليه الماء جاز له أن يتيمم، ويجوز لمن كان عليه جروح على ظاهر بدنه أن يعدل إلى التيمم، ويجوز لمن خاف على نفسه إذا طلب الماء أن يعدل إلى التيمم. وتستخدمها في الصلاة فتقول: من شق عليه أن يصلي قائماً صلى قاعداً، ومن شق عليه أن يصلي قائماً وقاعداً صلى على جنبه، ومن شق عليه أن يقرأ الفاتحة وكان حديث عهد بإسلام فلا يستطيع أن يتعلمها ولا يستطيع أن ينطق بها فيمكث قدر الفاتحة أو يمكث قدر الوقوف، على تفصيل عند العلماء فيمن تعذرت عليه الفاتحة. وتستخدمها بعد ذلك في الزكاة وفي الحج في الطواف وفي السعي ولما أذن للضعفة في الحج التوكيل في الرمي، فكلها تفرعها على قاعدة: (المشقة تجلب التيسير)، فوَسِعَت مسائل عديدة ولم تختص بباب ولم تختص بباب معين. إذاً: تستطيع أن تأتي بالقاعدة فتنثر من تحتها المسائل المتعددة؛ لكن الضابط يكون في باب واحد أو كتاب واحد، تقول مثلاً: في باب الكفارات كفارة الجماع في نهار رمضان، الضابط عند الحنابلة: أنه لا تجب الكفارة إلا بجماع في نهار رمضان، فأنت ألممت بمسائل لكن في مذهب الحنابلة، بحيث لو جاءك سائل وقال لك: لو أن رجلاً قضى يوماً من رمضان في شوال، فجامع أهله في هذا اليوم فهل تجب عليه الكفارة في قول الإمام أحمد؟ تقول: لا؛ لأن الأصل عند الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يوجب الكفارة في الجماع إلا في نهار رمضان، ولا يُنزِّل القضاء منزلة الأداء، فهذا يسمى ضابط؛ لأنه متعلق بمسألة أو باب معين. فيفرقون بين الضابط والقاعدة من هذا الوجه، فتارة يقولون: ضابط، وتارة يقولون: قاعدة. المقصود أن العلماء احتاجوا إلى وضع علم القواعد؛ لأنك عندما تقرأ الفقه تتناثر عندك الأدلة وتكثر عليك المسائل، فوضعوا قواعد معينة تجمع كثيراً من المسائل، بحيث يمكن أن يفتى في أكثر من مسألة وأكثر من باب، وإذا جاءتك المسألة تستطيع أن تعرف ضابطها أو تعرف قاعدتها؛ فوضعوها تيسيراً للفتوى وتيسيراً للقضاء وتيسيراً للتعليم. فهذا أصل مسألة التقعيد، ولا يقدم عليه إلا من كان عنده إلمام بالأدلة من الكتاب والسُّنة، وعنده إلمام بأسلوب القواعد؛ لأن بعض الأحيان توضع القاعدة فيعترض عليها في اللفظ وفي العبارة التي تخُتار، وتجد بعض العلماء يقول: هذه عبارة مكررة، فحينما قالوا: قاعدة: (أن الشريعة قامت على جلب المصلحة ودرء المفسدة) قال بعض العلماء: هذه القاعدة فيها تكرار، قيل: لماذا؟ قال: لأن جلب المصلحة يتضمن درء المفاسد؛ لأن كل مفسدة تدرؤها تُحَصَّل بها مصلحة. وهذا فن وضع القواعد، فيحتاج إلى الألفاظ .. إلى العبارات .. إلى الجمل؛ لأنه لا بد أن يكون عارفاً بالمصطلحات، والمصطلحات هي كلمات وعبارات معينة يستخدمها العلماء للدلالة على أشياء مخصوصة في فن الفقه. فمثلاً: قوله: كل ما كانت له منفعة مباحة جاز بيعه، فحينئذٍ انصب الكلام على المنفعة وأهمل العين التي تولدت منها المنفعة، فهذه قاعدة قاصرة؛ لأنه ليس في الشريعة أن يبني جواز بيع الأعيان بناءً على المنافع، فهذا لا يطرد، فقد يكون الشيء مما تجوز منافعه ولا يجوز بيعه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[14 - 10 - 09, 03:22 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير