تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النخل لكي يشتريه ويقول لك: هذا إن اشتريته بمائة ألف فأنت رابح، وإن اشتريته بمائة وخمسين فأنت خسران، ففي هذه الحالة الخارص مهمته أن يخرص النخلة، وبناءً على الخبرة والمعرفة قد يطلع على النخلة ويقول: هذه النخلة فيها مائة صاع أو مائتين، فهذا مبني على الخبرة، والخرص له دليل شرعي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وأرضاه إلى خيبر لكي يخرص النخل، كما ثبت في الصحيح في قصته مع يهود خيبر، فكان يخرص النخل، ويبين ما لليهود وما عليهم في نخل خيبر وتمر خيبر، فهذا يدل على مشروعية الخرص، وهذا من حكمة الله عز وجل ولطفه بعباده؛ لأن القاعدة: أنه (إذا تعذر اليقين يصار إلى ما يقارب اليقين)، فلما كان يتعذر أن تنزل النخلة وتحسب ما فيها أُعطي الخرص ونزل منزلة الوجود. مثال ذلك في الزكاة: فإنه إذا بدا الصلاح في النخيل يبعث الخارص ويحدد كم في البستان من أردب أو كم فيه من أمداد أو من آصع، فيقول: هذا البستان -مثلاً- فيه مائة وسق، ففي هذه الحالة يقول لك: زكاتك كذا وكذا، فهذا التحديد يكون عند بدو الصلاح، وهو مبني على الخرص؛ لكن الشريعة أجازت ذلك؛ لوجود الحاجة، فلو قلنا لأصحاب الأموال وأصحاب البساتين الذين يحتاجون إلى الخرص لابد وأن يخرجوا التمر، فهذا فيه حرج وأنتم تعرفون أن النخل منه ما يؤكل بلحاً، ومنه ما يؤكل رطباً، ومنه ما يؤكل تمراً، ولا يمكن أن يقدر بالصاع إلا إذا كان تمراً، أما بالنسبة للبلح والرطب فهذا لا يوضع في الصاع ولا يكال عادة، إنما يكال التمر، فيعطى مجال لأهل التمر أن ينتفعوا به بسراً وزهواً الذي هو البلح، وكذلك ينتفعون به رطباً وينتفعون به تمراً، وقدم الخرص لوجود الحاجة، وهذا من عدل الله ولطفه بعباده أنه أعطى كل حالة من الحالات التي تقع فيها الحاجة والضرورة حكمها الخاص بها، فيعتبر الخرص خارجاً عن مسألة التقدير العيني؛ لأنه مبني على حالة الضرورة والحاجة. لكن لو أن إنساناً أراد أن يبيع حباً على الأرض أو أراد أن يبيع تمراً على نخلة واحدة وهو يقول: أبيعك هذا التمر مائة صاع وقدّره بالخرص لا يصح، لكن لو قال: أبيعك ما على هذه النخلة، جاز، أما لو قال: مائة صاع أو خمسة آصع وحدد العدد بالخرص فلا يجوز؛ لأنه قد يزيد وقد ينقص، وبإمكانه أن يجني التمر ويعرف حقيقته، والقاعدة: (القدرة على اليقين تمنع من الشك)، ولهذا فرق العلماء في هذه الأحوال، إلا في مسألة المزابنة، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله في حديث زيد الثابت في الصحيح. والله تعالى أعلم.

الفرق بين الغبن والغرر السؤال: ما الفرق بين الغرر والغبن، أثابكم الله؟ الجواب: بعض العلماء يرى أن الغبن يندرج تحت الغرر، والغرر أعم من الغبن؛ لأن الغبن يكون في شيء لا يستحق قيمته، وهذا غالباً ما يكون فيه نوع منفعة وهو نوع من أنواع الغرر، ولذلك تجد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغرر ولم ينه عن الغبن، أي: ما جاء الأسلوب بالغبن؛ لأنه أخف، وإنما جاء بالتعبير بالغرر؛ لأنه أعم. ومن الغبن: تلقي الركبان، فإن من يجلب إلى البلد السلع إذا تلقاه التجار لا يدري كم قيمة السلعة في السوق فيغبن بالقيمة، فيقع البيع من حيث هو على ظاهره صحيحاً، لكن في الحقيقة فيه غبن، ولذلك يمثل العلماء لبيوع الغبن بهذا النوع، ويجعلونه نوعاً مستقلاً ويفصلونه عن الغرر، لورود النصوص الخاصة به، فهناك فرق بين الغبن وبين الغرر. والله تعالى أعلم.

حكم بيع ما كان غير معلوم القدر السؤال: ما الحكم لو قال بائع السمك للمشتري: لك نصف ساعة بمائة ريال فما تصيده من السمك الموجود في الحوض فهو لك، أثابكم الله؟ الجواب: إذا قال هذا فإنه يعتبر من بيع المجهول؛ لأننا لا ندري هل يصيد الكل، فقد يصيد كل ما في الحوض خلال نصف ساعة فيغبن صاحب الحوض؛ لأنه كان يظن أنه لن يستطيع أن يصيد هذا كله، فيحس بنوع من الغبن، وأنه قد ظُلم بدفع ما هو زائد عن القيمة الأصلية، وإذا أخذ ما هو أقل من القيمة غبن المشتري، ولذلك لا يجوز هذا النوع، وهكذا لو قال له: تدخل المطعم وتأكل حتى تشبع، فهذا لا يجوز، وقد ذكر العلماء أن هذا من بيع المجهول، وهو من أكل المال بالباطل على هذا الوجه؛ لأنه يريد أن يجبر نقص طعام هذا بزيادة طعام هذا، وهذا من أكل المال بالباطل، والشريعة تريد بيعاً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير