تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالعكس) فمثلاً: لو باعه نسيئة بخمسين وأخذ منه نقداً أربعين صار كأنها أربعين في مقابل خمسين؛ لكن لو أنه اشتراها نقداً بنفس الثمن الذي سيدفعها الآخر نسيئة فلا بأس، وهذا مذهب بعض العلماء، قالوا: لأن حقيقة الأمر لم يفاضله في النقد، أي: لو جئت تنظر لوجدت أن الخمسين في مقابل الخمسين فصارت كالدين، والدين يجوز إذا كان المبلغ الذي سيرده هو نفسه الذي أخذه فقالوا: في هذه الحالة تنتفي شبهة الربا فيجوز العقد ولا بأس بهذا النوع من البيع. قال رحمه الله: [وإن اشتراه بغير جنسه أو بعد قبض ثمنه أو بعد تغير صفته أو من غير مشتريه أو اشتراه أبوه أو ابنه جاز]. وإن اشترى السلعة بغير جنسها، والأجناس عندنا جنسان: جنس أثمان، وجنس مطعومات، أو الأثمان والمثمونات، والمثمونات تشمل الأطعمة والعقارات والمنقولات الأخرى، فلو أنه باعه السيارة نسيئة إلى نهاية العام بمائة ألف ثم اشتراها منه ببيت أو بأرض فحينئذٍ لا توجد شبهة الربا؛ لأنه لا يئول الأمر إلى مبادلة أربعين بخمسين، وإنما آل الأمر إلى إدخال عين يجوز فيها التفاضل؛ لأن وجه التحريم وجود التفاضل بين الأربعين والخمسين؛ فإذا كان الذي اعتاض عنه وأدخله ثمناً مما يجوز فيه التفاضل حينئذٍ لا حرمة والأمر جائز. توضيح ذلك: قلنا: لو باعه سيارة بخمسين إلى نهاية السنة فهذا بيع الأجل، واشتراها منه بأربعين نقداً، فآلت الحقيقة إلى أن الأربعين في مقابل الخمسين، وهذا لا يجوز؛ لأنه ربا الفضل، أما لو أنه اعتاض في البيع الثاني أي: جعل الثمن في البيع الثاني أرضاً أو سيارة فإن الثمن حينئذٍ خرج عن جنس الربويات التي يحرم فيها التفاضل، فيجوز حينئذٍ أن يقول له: هذه السيارة أشتريها منك بأرضية، أو أشتريها منك ببيتي، أو بمزرعتي؛ لأنه حينئذٍ يجوز التفاضل بين الثمن المدفوع وبين المثمن، وعلى هذا تنتفي شبهة الربا على الصورة التي أشار إليها المصنف رحمه الله بقوله: [وإن اشتراه بغير جنسه]. قال: [أو بعد قبض ثمنه]. لو أنك اشتريت السيارة بخمسين ألفاً إلى نهاية السنة ثم سددت المال وتم البيع وانتهى كل شيء فجاء البائع وهو صاحب المعرض واشتراها منك بأربعين جاز؛ لأنه قد أوجب البيع الأول ومضى، وحينئذٍ يجوز أن يشتري؛ لأنه بيع مستأنف، لكن لو اشترى منك قبل أن تسدد فمعنى ذلك أن يقع الربا في صورة المعاوضة كأنه دفع لك الناقص النقدي في مقابل الزائد إلى أجل. قال: [أو بعد تغير صفته]. أي: تغيرت صفة المبيع، فمثلاً: باعه بيتاً بمائة ألف إلى نهاية العام وتغيرت صفة المبيع فأنقصت الثمن، فنقصان الثمن هنا ليس من أجل شبهة الربا وإنما من أجل نقصان المثمن فانتفت الشبهة، وبعض العلماء يمنع حتى ولو نقص عين المبيع لوجود عيب أو وجود ضرر فيه كتهدم الدار أو تغير السيارة أو حصل له حادث في السيارة فأنقص قيمتها فعاوضه عليها نقداً بقيمتها قالوا: إن النقص هنا ليس لقاء الأجل، وإنما من أجل ضعف السلعة أو قلة قيمة السلعة بما طرأ فيها من العيوب الموجبة للنقص.

حكم بيع التورق قال: [أو من غير مشتريه]. كأن تشتري من المعرض السيارة بمائة ألف إلى نهاية السنة أو بمائة ألف مقسطة ثم تذهب وتبيع لطرف آخر، وهذا ما يسمى ببيع (التورق) وهو أن تشتري السلعة لا لذات السلعة وإنما من أجل الورق، ومثاله: أن تطرأ عليك ظروف، كأن يكون الإنسان محتاجاً لزواج أو محتاجاً لسداد دين أو محتاجاً لعلاج فلا يستطيع أن يذهب إلى الناس ويطلب منهم الدين أو لا يجد من يدينه، فيذهب ويشتري سيارة ويقسطها ويأخذ هذه السيارة بمائة ألف مثلاً، ثم يبيعها نقداً إلى غير المعرض الذي اشترى منه أو إلى غير الشخص الذي اشترى منه، فيجوز حينئذٍ ولا بأس، سواءً باع بنفس القيمة أو بأقل أو بأكثر، والسبب في هذا أنه لا شبهة للربا في هذا النوع من البيوع؛ لأنك حينما تشتري السيارة بمائة ألف إلى نهاية السنة، فإنه يجوز زيادة المال لقاء الأجل في البيع، وبيع التقسيط جماهير السلف والخلف على جوازه؛ لأن هناك نصوصاً قوية تدل على جوازه، ومنها: مكاتبة العبيد في القديم، قال تعالى: فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [النور:33] والكتابة كانت بالأقساط، وتكون قيمته مفاضلة لقاء الأجل، والدليل حديث بريرة مع عائشة رضي الله عنها وأرضاها في قصتها فإنه كاتبها أهلها بالأقساط

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير