ـ[حرف]ــــــــ[31 Jul 2004, 02:03 ص]ـ
الجانب الإنساني في حياة "شاكر" يرويه ابنه "فهر"
بقلم: محمود صالح
لا أحد – بالطبع – يستطيع أن يتحدث عن العلامة محمود محمد شاكر في جوانبه الإنسانية وحياته الخاصة وما لا يعرفه عنه أحد مثل ابنه "فهر" أستاذ الأدب العربي.
والعلاقة بين العلامة الراحل وبين ابنه فهر لم تكن فقط علاقة أب له مكانته بابنه وإنما امتدت لتصبح علاقة شيخ بتلميذه شارك خلالها فهر أباه في بعض تحقيقاته ونفذ إلى كثير من أسرار نفسه وسأله واستفسر منه، لكنه لم يشاكسه حيث ظل في نفسه وفي نفس كل من عرفوه مقام "الإمام الذي لا ينازع في علمه وأدبه وفضائله"! وفي هذا الحوار يتحدث د. فهر عن الجانب الخفي في حياة شاكر وعن أسرار في حياته تنشر لأول مرة.
** اختار لك والدك العلامة الكبير اسما يبدو غريبا على -أسماع الناس هذه الأيام .. هل تحدثنا عن اسم "فهر"؟
- فهر تعني في اللغة "الحجر الصلب في حجم قبضة الكف" وهو اسم جد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اختار والدي الاسم لهذا السبب وكان الأقرب إلى قلبه أن يناديه من يعرفونه بلقب "أبي فهر" فانتماء والدي للعرب كان واضحا حادا وهو كان شديد الاعتزاز به حيث كان يذكر دائما أن "فهر" هو جد العرب لمن كان يستفسر عن اسمي أمامه.
أكثر ما عرف عن محمود شاكر إنسانيا: الحدة. فهل كان -حادا لدرجة أن يترك انطباعا عاما عند كل من قابلوه بهذا؟
كانت الحدة شيئا أساسيا في طباعه رحمه الله لكنها كانت تظهر في مواقف معينة حينما يقرأ أو يسمع ما يمس أيا مما يؤمن به وما وهب حياته له كأن يقرأ تطاولات على الإسلام أو العربية أو يقرأ خوضا في حياة وسير الصحابة ورجال التاريخ الإسلامي، خاصة أن كثيرا مما كتب - ولا يزال - يفتقر للعلم أو للجهد في المعرفة. وقد كان "يغيظه" جدا الاستهلال الصحفي في عرض موضوعات يرى أنها قوام حياة هذه الأمة، ومع هذه الحدة فقد كان على الجانب الآخر وفي حياته الخاصة شديد الرقة والعطف، جياش المشاعر هادر الأحاسيس لدرجة أننا كثيرا ما رأيناه يبكي.
هل كانت له عادات يومية ثابتة أم أنه كان مزاجيا -يتصرف كما يتفق له؟
كانت له عادات يومية ثابتة صارمة للغاية، فهو يصحو مبكرا جدا وأول ما يفعله بعد الصلاة وبعد إفطار خفيف أن يقرأ كل الجرائد بلا استثناء وكان يقسم يومه بين القراءة والعمل سواء كان يكتب أو يعمل في تحقيق كتاب، وكان شرها للغاية في القراءة فلا يمسك كتابا -مهما كان حجمه- إلا وينتهي منه في نفس اليوم، وكان إذا بدأ العمل لا يسمع أحدا مطلقا.
كان الأستاذ شاكر أقرب لأن يكون "معتزلا" .. هل كانت له صداقات أدبية أوسع من المعروف عن علاقته بالأديب يحيى -حقي والشاعر محمود حسن إسماعيل؟
كانت له صداقات كثيرة بالطبع في الحياة الأدبية والفكرية لكنها امتدت خارج مصر حيث كان يحضر ندوته التي كان يقيمها كل يوم جمعة كثير من الأدباء وطلاب العلم من العالم العربي والإسلامي، ولم يكن يفضل أن يجعلها ندوة بالمعنى المتعارف عليه إنما كان الحديث يسير بشكل طبيعي وعن أي موضوع يعن للحاضرين وإن كانوا جميعا يفضلون الاستماع لآرائه في أي قضية تعرض لهم. ورغم أن والدي رحمه الله كان شديد العنف في هجومه الذي لم يتوقف حتى وفاته على الاستشراق والمستشرقين فإنه كانت تربطه علاقات ببعضهم مثل كارلونللينو الذي كان يحضر كثيرا لبيت جدي في الغورية حيث مجالس العلم والسياسة ومجتمع مشاهير الحركة الوطنية والفكرية. وفي هذا المنزل نشأت صداقة بين والدي وبينه.
أما بالنسبة لنجيب محفوظ فكانت تربطه بوالدي علاقة جيدة لكنها ليست في مستوى علاقته بيحيى حقي الذي ربطته بوالدي صداقة عمر لدرجة أنه كان لا بد من اتصال يومي بينهما، ورغم أن يحيى حقي رحمه الله كان دائم الثناء على والدي في كتبه وفي جلساته الخاصة فإن والدي كان يشاكسه كثيرا وكان يقول له إن كتابته ليست عربية بل هي هجين؛ لأن أصله تركي!.
وبقية صداقاته؟
-كما قلت كانت كثيرة جدا، من سوريا مثلا كان الناقد والأديب شاكر الفحام من أكثر المترددين على ندوة الجمعة، ومن السياسيين كانت علاقة والدي بعلال الفاسي علاقة وثيقة لدرجة أنه بمجرد اعتقال والدي وقّع عدد من السياسيين المغاربة وثيقة بالدم للمطالبة بالإفراج عنه وكان هو على رأس الموقعين.
¥