الشيخ: كلام الشيخ عبدالله واضح ومفصل , وفي مكانه أيضاً , وشكراً للشيخ عبدالله على ما أبداه من ملاحظة ينبغي العناية بها. أما بالنسبة للعبث بالتراث فحدث ولا حرج , بعضهم يكتب ضبط وتحقيق وهو في الحقيقة مسخ وتحريف , والأمثلة كثيرة على هذا , وبعضهم يتصدى للتحقيق وهو لا يعرف من العلم الشرعي شيئاً , يعلق على حديث ابن عمر في طلاقه لزوجته " مُرْه فليراجعها حتى تحيض ثم تطهرثم تحيض .... " إلى آخر الحديث , فيقول: (هكذا كان الحكم لما كانت العدة قبل الطلاق) هذه هلوسة , وبعضهم كتب (تحقيق وتعليق) فتصفحت الكتاب فلم أجد فيه ولا كلمة تعليق , إلا ترقيم لبعض الآيات , وجاء في الأخير في جدول الخطأ والصواب , فكتب: الخطأ (تحقيق وتعليق) الصواب (تحقيق وشرح) , هذا عبث ويضحك على الناس , فمثل هذا ينبغي أن توجد لجنة تؤدب أمثال هؤلاء , وتحذر من صنيع هؤلاء , وتوقف هؤلاء عند حدهم. العبث بالتراث من جهه أخرى , وهي الاختصار , يعني السَّطو على كتب أهل العلم بالإختصار مما لا يحسن , يعني نوصي بعض الطلاب باختصار الكتب لماذا؟ لأن الاختصار وسيلة من وسائل التحصيل , ونوصيه بذلك للإنتفاع , لا للنشر , فمثلاً طال عليك فتح الباري , وصعبت عليك معلوماته , وتشتت في ذهنك , فبإمكانك أن تختصر, لكن لا تخرج إلى الناس بمختصر فتح الباري , كما خرج في بعض المختصرات التي أساءت إلى الكتاب , فحذفت أهم مهماته , والجوانب المشرقة فيه , واقتصر على ما يريده من الكلام الغث , وأدخل فيه ما ليس منه , وغيره , والمقصود أن العبث بالتراث على أشده , ولا يوجد جهه تحد من هذا العبث إلا أن يتصدى أهل العلم للتحذير من هؤلاء في دروسهم العامة والخاصة.
السائل: بالتصريح كما قال الدكتور عبدالله يقول: إن المفروض أن نتجاوز مسألة التلميح إلى التصريح.
الشيخ: ليس فيه ما يمنع أبداً , لأنه إذا عُرف فلان بهذا يصرح باسمه , ورأينا من كتب في الصحف في الأيام الأخيرة من انتحل كتاباً هو لغيره موجود. المقصود أن مسألة الاختصار قد يكون الكتاب فيه حشو كثير ويتولاه طالب علم متمكن , ليقرب الفائدة من هذا الكتاب , والاختصار مسلك ونوع من أنواع التصنيف بشرطه , وليس معنى هذا أنه فقط ليقال أن فلان له اسم يدور بالمكتبات , وهذا مكثر من التصنيف , هذا عبث , وهذه حقيقة مرة إذا كان هذا هو الهدف , لكن إذا رأى أن هذا الكتاب الكبير فيه فوائد عظيمة لا يمكن أن يستغنى عنها , إلا أنه يحول دون الاستفادة منها طول الكتاب فلا مانع , الحافظ ابن حجر اختصر كثيراً من الكتب , ونفع الله بمختصراته , وإن كان بعض الناس يلمزه بهذا , وأنه طمس معالم الكتب ونسبها إلى نفسه , والحافظ له حساد , ولا شك أن شهرة الحافظ ابن حجر غطت على الأصول , يعني كتابه " التلخيص الحبير " لا يكاد يذكر عند أصله " البدر المنير" , في الفائدة , و مع ذلك تأخر طبع الأصل لانتشار الفرع , وشهرة الحافظ ابن حجر, وقل مثل هذا في بقية مختصراته , لكن لا يمنع أن ينبري عالم مدرك , يميز بين ما يحتاجه طلاب العلم وما لم يحتاجونه , بين الغث والسمين , ويهذب بعض الكتب , لكن هذا ليس على إطلاقه , ينبغي مثل ما تفضل الدكتور أن تشكل لجنة لحفظ التراث من العبث , وبداية قبل تشكيل هذه اللجنة على أهل العلم أن ينبهوا , ولا تكاد تمر مناسبة في دروسنا إذا رأينا كتاباً في يد طالب من الطلاب , نلاحظ على طبعته بعض الأشياء ننبه عليها في وقتها في الدروس في المسجد , وبعض الكتب أعرفها من مجرد حجمها , أو لونها , وأنبه على ما فيها من خلل , فالتنبيه أمر في غاية الأهمية , لا سيما أن المطابع الآن تزف إلى الناس بالمئات , بل بآلاف الكتب , هذا بلا شك أنه يحير طلاب العلم , فلا بد من ترشيد هذا الأمر وصيانته , مسألة الاستدلال وهوالأخذ من الكتب , مثل كتاب راج في الأسواق , وهو كتاب " بداية الخلق " وما فيه أي مظهر من مظاهر التحقيق بل فيه تحريف , " بداية الخلق " هذا مأخوذ من " البداية والنهاية " من أول البداية والنهاية لابن كثير, ونشره باسم: بداية الخلق لابن كثير عناية فلان , وهو من البداية والنهاية , ومثله " قصص الأنبياء " للحافظ ابن كثير من البداية والنهاية , و" السيرة النبوية " لابن كثير من البداية ولانهاية , وهكذا , أمّا إن كانت
¥