تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله لكان أولى , لكن هذه وجهة نظر الإمام ابن عبد البر, تمنينا طويلا أن يرتب على ترتيب الموطأ , فخرج له ترتيبات كثيرة منها أول ما خرج له ترتيب " المغراوي " وهو من شيوخ المغرب , وهو ترتيب ابتكره , قدم فيه مسائل الاعتقاد وعناية الشيخ المغراوي بالعقيدة معروفة حفظه الله , لكن كنت أتمنى أن يرتب الكتاب على ترتيب الموطأ نفسه يمشي على أحاديث الموطأ.

فتمنيت أن يرتب على ترتيب الإمام مالك , فالكتاب إما أن يبقى على أصله ترتيب ابن عبدالبر , أو يُرْجع إلى أصل الأصل وهو ترتيب الإمام مالك رحمه الله , فخرج له أكثر من ترتيب بهذه الصفة تحقيقاً لهذه الأمنية , ومن أفضل ما وقفت عليه من هذه الترتيبات: ترتيب الشيخ عطية سالم رحمه الله وله عناية فائقة بالموطأ , وعناية بالإمام مالك على وجه الخصوص , فجاء ترتيبه على الوجه المناسب , وهو من أهل الخبرة بالموطأ وله معرفة بكتب ابن عبدالبر. وترتيب الشيخ عطية سالم طبع قبل ثمان أو تسع سنوات. وهو الذي رتبه بيده مشي على الموطأ , ولما كانت طباعة " التمهيد " لابن عبد البر قد طالت حتى استغرقت خمس وعشرين سنة , فكان الشيخ رحمه الله كل ما يخرج جزء يرقم الحديث برقم الموطأ , ثم بعد ذلك يرتب هذه الأحاديث , ثم إذا خرج الثاني أضاف ما فيه من أحاديث على الطريقة التي اتبعها , ثم خرج كتاب " التمهيد " مرتباً ترتيب الموطأ , وهذا عمل جليل , وقد يبدو في ظاهر الأمر أنه ليس بشيء مجرد تقديم وتأخير و ترتيب , لكنه عمل جيد مفيد يفيد طالب العلم كثيراً. الإمام ابن عبدالبر عُني بشرح الأحاديث المرفوعة في هذا الكتاب , وأبدع في كتابه , وكمله بكتاب آخر أسماه " كتاب الاستذكار في بيان مذاهب فقهاء الأمصار " أي من خلال الموطأ شرح فيه الأحاديث المرفوعة والموقوفات , وأشار إلى أقوال مالك , وأقوال غيره من أهل العلم , فالاستذكار جاء تكميلاً للتمهيد الذي هو لما في الموطأ من المعاني والأسانيد , معاني وأسانيد هذا " التمهيد " , هذه الصفة الغالبة , وفيه كلام على فقه الحديث كثير, لكن الكلام على الأحكام في " الاستذكار" أظهر , وهما كتابان متكاملان فلو جمع بينهم. والمحقق " للاستذكار" نقل بعض النقول مما يحتاج إليه من " التمهيد " فطال الكتاب جداً حيث خرج في ثلاثين جزءاً. وهو أقصر من التمهيد.

من أهم شروح الموطأ أيضا " المنتقى " لأبي الوليد الباجي , وهو من كبار المالكية يفيد منه طالب العلم فائدة جيدة , من شروحه أيضاً شرح الزرقاني , فهوأيضاً كتاب نافع ومفيد , وشرحُ مختصر جداً للسيوطي اسمه " تنوير الحوالك ".

" ولي الله الدهلوي " نظر إلى الموطأ فوجد فيه أقوال مالك , فأضاف إليه أقوال أبي حنيفة والشافعي وسماه " المسوى " , فجاء شرحه المختصر جداً جامعاً للمذاهب الثلاثة وتولينا شرح المسوى مدة , أضفنا إليه مذهب الإمام أحمد.

السائل: ولم يكتمل عملكم يا شيخ؟

الشيخ: لا ما اكتمل المشاريع كثيرة والله المستعان. هناك شرح مطول طبع في ستة مجلدات في الهند , ثم طبع في خمسة عشر جزءاً اسمه " أوجز المسالك " هذا الكتاب مع أن مؤلفه متأخر , إلا أن جودته تظهر في رجوع المؤلف إلى كتب أصحاب المذاهب , يعني لو جئنا إلى الشروح مثل " فتح الباري " أو " عمدة القارئ " أو غيرها من الشروح , أو كتب التفسير التي تنقل أقوال الفقهاء مثلاً , تجدهم ينقلون عمن ينقل المذهب , فلا تثق بهذا النقل لا من جهة الخلل في أمانة مؤلفه , لكن قد ينقل رواية غير معروفة في المذهب , رواية عن الإمام غير معتبرة في المذهب , يعني مرجوحة , تعرف أن المذاهب فيها روايات , والشافعي عنده أقوال , وأحمد عنده روايات وهكذا , فهذا الكتاب عني بهذا عناية طيبة , فصار ينقل المذاهب من كتب أصحاب المذاهب , فهذه فائدته , وهو كتاب موسع في خمسة عشر جزءا.

السادس , أي سادس الكتب على قول: (هو سنن الدارمي) وهو كتاب نافع وماتع , وفيه أحاديث عوالي كثيرة لتقدم مؤلفه , فهو شيخ لأصحاب الكتب , فيه عوالي والعوالي يعني بها أهل العلم , وفيه زوائد أيضاً , إلا أن زوائد ابن ماجه أكثر , ولذا صارت العناية به أكثر , لا أعرف له شرحاً عند المتقدمين , إلا أنه خرج له شرح متأخراً جداً , ولا يسلم من ملاحظات كبيرة.

يتبع إن شاء الله تعالى ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير