تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما فيما يخص التواصل مع الآخر، فإن العبء الذي ينتظر العالم الإسلامي في هذا المجال كبير وثقيل، فدور حكومات الدول الإسلامية والمؤسسات الإسلامية في مجال علاقاتها مع وسائل الإعلام العالمية المؤثرة محدود، إن لم نقل منعدما، بل إن العالم الإسلامي على امتداد أراضيه وكثرة موارده، لم يستطع أن ينشئ قناة فضائية دولية واحدة تنطق باللغة الإنجليزية المسموعة عالميا، تبث أخبار العالم الإسلامي وتتكلم عن قضاياه من وجهة نظرنا. كما أن المستثمرين المسلمين عبر العالم -على كثرتهم- لم يستطيعوا أن يستثمروا أموالهم في قطاعات صناعات الإعلام الدولية الكبرى، وهي قطاعات حرّة ومربحة في معظم الحالات. ومن شأن هذا أن يمكّنهم من أن يكون لهم صوت في توجيه برامجها نحو ما يبعد التحامل على الإسلام والمسلمين أو ترويج أفكار أعداء الإسلام.

وكان الشق الثالث من قرار القمة الإسلامية العاشرة المشار إليه مختصا بإصلاح "منظومة" منظمة المؤتمر الإسلامي، وهو قرار يعني إعادة النظر في تكوين هذه المنظمة التي أنشئت قبل ستة وثلاثين عاما ليقتصر نشاطها على تنظيم اجتماعات المنظمة، لتصبح منظمة دولية تليق بالعالم الإسلامي ودوره الحقيقي الذي عليه أن يقوم به على الساحة الدولية، على غرار المنظمات الحكومية الدولية الأخرى. ويتطلب هذا الأمر إعادة النظر في ميثاق المنظمة، وإعادة تحديد الأهداف والغايات المتوخاة من هذه المنظمة. وطرحت أفكار كثيرة في هذا المجال توجهت للنهوض بالمنظمة من وضعها الحالي، والارتقاء بها إلى مستوى نظيراتها من المنظمات على المستوى الدولي.

ويسعدني في هذا الشأن أن أنوّه بجهد صامت خلاق تقوم به بعض الهيئات الفرعية والمؤسسات المتخصصة والمنتمية لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وفي طليعتها لجنة الكومسيك التي استطاعت بنشاطها الدائب وضع اتفاقية لنظام الأفضليات التجارية بين الدول الإسلامية دخلت حيّز التنفيذ الآن. وتبع ذلك عقد اجتماعات لجولات تجارية تفاوضية بين الدول الموقعة على الاتفاقية (على غرار جولات أوروغواي راوند التي تمخضت عنها منظمة التجارة العالمية). وهذا الإنجاز الإسلامي مهم بكل المقاييس، ومن شأنه أن يعزز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء. ومن المعروف أن كل التجمّعات السياسية الناجحة في العالم بدأت مسيرتها من مدخل الاقتصاد والمصالح المشتركة.

إن العالم الإسلامي يمر بوقت عصيب ومرحلة استثنائية غير مسبوقة في تاريخ أمتنا، والظروف الاستثنائية تقتضي تحركا استثنائيا وعملا جادا وردا مناسبا، وأية إستراتيجية تمكّن الأمة الإسلامية من مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين التي أسلفت ذكر بعضها، لا بد أن تنطلق من استيعاب هذه التحديات واستشعار خطورتها والجدية في التعامل معها، والبدء في التخطيط لمسار وهياكل تجمع الجهد الإسلامي على الأصعدة السياسية والاقتصادية والدفاعية.

ومن هنا كان بدء اجتماعات لجنة النخبة من رجال الفكر المسلمين في بوتراجايا أخيرا، نقطة انطلاق جديدة لعمل إسلامي مشترك، نطمح معه أن يؤسس لجهد إسلامي فاعل متنور، يستلهم منطق العصر وأساليبه، ويستند إلى التراث الإسلامي بثوابته الأصيلة، لرسم اتجاهات جديدة تساعد العالم الإسلامي على مواجهة تحديات العصر، وتقوده إلى وضع جديد من التعاون والتضامن والتكافل ووحدة الصف والكلمة. ونسأل الله أن يكتب لهذا العمل الرائد، توافر الإرادة السياسية لدولنا لتنفيذ توصياته، إذا ما أردنا أن يكون لأمتنا الإسلامية شأن في هذا العالم، أو كلمة مسموعة، أو رأي يعتدّ به.

وحين يجتمع لنا كل ذلك وتتوافر لدولنا الإرادة السياسية والإجماع على العمل المشترك، يمكننا أن نستبشر بأننا بدأنا نخطو على الطريق المؤدي لمواجهة هذه التحديات والتغلب عليها بإذن الله.

اقرأ أيضًا:

? الإسلام الحضاري .. مشروع النهضة الماليزي

? التجديد الإسلامي .. حركة تاريخية ونظرية لم تكتمل

? تجديد منهج النظر في النظام السياسي الإسلامي

? الأصول الفكرية و التاريخية للمؤتمرات الإسلامية

? قراءة في النظم السياسية لدول منظمة المؤتمر الإسلامي


** الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والمقال نقلا عن صحيفة الحياة 2005/ 03/8
تعليقة:
شكرا للكاتب وفي نظري أن الأمة تحتاج إلى عاملين مهمين لتقوم من كبوتها أحدهما المثابرة والإبداع وثانيهما الشجاعة في التنفيذ ممن بيدهم القدرة على ذلك ومن الشجاعة أن تتوحد الأمة في جميع شئونها.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير