تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قبله، وكأنه أخذ بظاهر الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله ? يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين) ورأى أن هذا دليل على ترك التعوذ. فأمات قيام رمضان فكأنه رأى أن الأغلب عليه جانب القراءة. والله أعلم. الثالثة: إذا قرأ جماعة جملة هل يلزم كل واحد الاستعاذة أو تكفى استعاذة بعضهم. قال المحقق ابن الجزرى: لم أجد فيها نصا، ويحتمل أن تكون كفاية وأن تكون عينا على كل من القولين بالوجوب والاستحباب. والظاهر الاستعاذة لكل واحد؛ لأن المقصود اعتصام القارئ والتجاؤه بالله تعالى عن شر الشيطان كما تقدم فلا يكون تعوذ واحد كافيا عن آخر. كما هو المختار في التسمية على الأكل فليس من سنن الكفايات. أ هـ. الرابعة: إذا قطع القارئ القراءة لعارض من سؤال أو كلام يتعلق بالقراءة فلا تسن الاستعاذة، وذلك بخلاف ما إذا كان الكلام أجنبيا ولو ردا للسلام فإنه يستأنف الاستعاذة، وكذا لو كان القطع إعراضا عن القراءة ثم بدا له فعاد إليها فإنه يستعيذ. والله اعلم. * * * المبحث الثاني: في محلها: هو قبل القراءة بالإجماع ولا يصح قول بخلافه عن أحد ممن يعتبر قوله، وإنما آفة العلم التقليد، فقد نسب إلى حمزة وأبى حاتم. ونقل عن أبى هريرة ? وابن سيرين وإبراهيم النخعى وحكى عن مالك. وذكر أنه مذهب داود بن على الظاهري وجماعته عملاً بظاهر الآية، وهو قوله تعالى: (فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله) قول على أن الاستعاذة بعد القراءة. وحكى قول آخر وهو الاستعاذة قبل وبعد. ذكره الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره، ولا يصح شئ من هذا عمن نقل عنه ولا ما استدل به لهم. أما حمزة وأبو حاتم فالذي ذكر ذلك عنهما هو أبو القاسم الهذلى إذ قال في كامله: قال حمزة في رواية ابن قلوقا: إنما يتعوذ بعد الفراغ من القرآن، قال: وبه قال أبو حاتم. أ هـ. قال المحقق: أما رواية ابن قلوقا عن حمزة فهي منقطعة في الكامل، لا يصح إسنادها وكل من ذكر هذه الرواية عن حمزة من الأئمة كالحافظين أبى عمرو الداني وأبى العلاء الهمذانى وابن سوار وسبط الخياط وغيرهم لم يذكروا ذلك عنه ولا عرجوا عليه. وأما أبو حاتم فإن الذين ذكروا روايته واختياره كابن سوار وابن مهران وأبى معشر الطبري والإمام أبى محمد النبوي وغيرهم لم يذكروا عنه شيئا ولا حكوه. وأما أبو هريرة فالذي نقل عنه رواه الشافعي في مسنده: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان عن صالح بن أبى صالح أنه سمع أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعاً صوته: (ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم) في المكتوبة إذا فرغ من أم القرآن. وهذا إسناد لا يحتج به؛ لأن إبراهيم بن محمد هو الأسلمى، وقد أجمع أهل النقل والحديث على ضعفه ولم يوثقه سوى الشافعي. قال أبو داود: كان قدريا رافضيا كل بلاء فيه. وصالح بن أبى صالح الكوفي ضعيف واه، وعلى تقدير صحته لا يدل على أن الاستعاذة بعد القراءة بل يدل على أنه كان يستعيذ إذا فرغ من أم القرآن أى للسورة الأخرى وذلك واضح. فأما أبو هريرة فهو ممن عرف بالجهر بالاستعاذة لا بالإتيان بها بعد القراءة. وأما ابن سيرين والنخعى فلا يصح عن واحد منهما عن أهل النقل. وأما مالك فقد حكاه عنه القاضي ابن العربي في المجموعة وكفى في الرد والشناعة على قائله. وأما داود وأصحابه فهذه كتبهم موجودة لا تعد كثرة لم يذكر فيها أحد شيئا من ذلك، ونص ابن حزم إمام أهل الظاهر على التعوذ قبل القراءة ولم يذكر غير ذلك. وأما الاستدلال بظاهر الآية فغير صحيح، بل هي جارية على أصل لسان العرب وعرفه وتقديرها عند الجمهور إذا أردت القراءة فاستعذ، وهو كقوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) وكقوله: (من أتى الجمعة فليغتسل). أ هـ. وقهـ. لمحقق: وعندي أن الأحسن في تقديرها إذا ابتدأت وشرعت كما في حديث جبريل: فصلى الصبح حين طلع الفجر، أي أخذ في الصلاة عند طلوعه ولا يمكن القول بغير ذلك، وهذا بخلاف قوله في حديث: ثم صلاها بعد أن أسفر، فإن الصحيح أن المراد بهذا الابتداء خلافا لمن قال إن المراد الانتهاء. أ هـ. ثم إن المعنى الذي شرعت الاستعاذة له يقتضى أن تكون قبل القراءة؛ لأنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث وتطييب له وتهيؤ لتلاوة كتاب الله تعالى فهي التجاء إلي الله تعالى واعتصام بجنابة من خلل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير