[من تراث المدرسة الغمارية .. هل يجب البحث عن المعارض قبل العمل بالسنة الصحيحة؟]
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[24 Jan 2007, 01:09 ص]ـ
هل يجب البحث عن المعارض قبل العمل بالسنة الصحيحة ... ؟؟
للعلاّمة الأصولي السيد عبد الحي بن الصدّيق الغماري الحسني ..
من الأعذار التي يتعلل بها المقلدون لرد السنن الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن العمل بالحديث يحتاج إلى البحث عن المعارض إذ ربما يكون الحديث دالا على الوجوب أوالحرمة أو الندب مع وجود معارض له يدل على خلاف مادل عليه أو على نسخه ..
ولايوجد من له أهلية التحقق من وجوده أو عدم وجوده سوى الأئمة .. أما من جاء بعدهم من العلماء فلا سبيل لهم إلى معرفته ..
هذا أحد الأعذار التي يجعلها المقلدون وسيلة لرميهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم وتقديمهم أقوال أئمتهم عليها ولو كانت نصا صريحا لايحتمل التأويل بحال من الأحوال ...
وعذرهم هذا عذر باطل، وعن الدليل عاطل، وإنما هو من [ u] هوس المقلدين وترهاتهم الناشئة عن جهلهم وجمودهم [/uوتعصبهم كما تدل عليه الأدلة الآتية:] [ u]
– الدليل الأول على بطلانه وفساده ما قاله الإمام تقي الدين السبكي في رسالته التي أفردها للكلام على قول الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: إذا صح الحديث فهو مذهبي: إن الأحاديث الصحيحة ليس فيها شيء معارض متفق عليه، والذي يقوله الأصوليون من أن خبر الواحد إذا عارضه خبر متواتر أو قرآن أو إجماع أو عقل إنما هو فرض، وليس شيء من ذلك واقعا، ومن ادعى فليبينه حتى نرد عليه ..
وكذلك لايوجد خبران صحيحان من أخبار الآحاد متعارضان بحيث لايمكن الجمع بينهما. والشافعي قد استقرأ الأحاديث وعرف أن الأمر كذلك وصرح به في غير موضع من كلامه فلم يكن عنده ما يتوقف عليه العمل إلا صحته، فمتى صح وجب العمل به لأنه لامعارض له، فهذا بيان للواقع. والذي يقوله الأصوليون مفروض وليس بواقع، وهذه فائدة عظيمة وإليها الإشارة بقوله: إذا صح الحديث .. حيث أطلقه ولم يجعل معه شرطا آخر. انتهى كلامه ص 84 من المثنوني والبتار، لشقيقنا الحافظ أبي الفيض رحمه الله تعالى، طبعة الأنوار.
فبيَّن تقي الدين السبكي أنه لايوجد حديثان صحيحان متعارضان، بحيث لايمكن الجمع بينهما، وأن الشافعي صرح بهذا في غير موضع من كلامه. فلهذا علَّق العمل بالحديث على صحته لأنه لامعارض له وأن هذا بيان للواقع، والذي يقوله الأصوليون مفروض وليس بواقع ..
وهذا وحده كاف في الدلالة على بطلان عذرهم وفساده، لأنه صادر من إمامين عظيمين لهما المكانة العظيمة في علوم الشريعة. ويؤيد ما قاله هذان الإمامان،
2 – الدليل الثاني وهو أن انتفاء المعارض هو الأصل لأن الله تعالى لم ينزل شريعته متناقضة ولاجعلها متعارضة بل أنزل القرآن والوحي يصدق بعضه بعضا.
والسنة مثل القرآن إجماعا بل هي داخلة في مسمى كتاب الله كما بينه الحافظ في الفتح عند الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم في حديث العسيف: لأقضين بينكما بكتاب الله، وإنما قضى بينهما بسنته. إذ الكل من عند الله تعالى، إن هو إلا وحي يوحى. فدل هذا على أن الأصل عدم المعارض وانتفاؤه فيجب استصحابه والتمسك به، كما يجب التمسك بالنفي الأصلي واستصحابه عند عدم ورود النص على ماهو مقرر في أصول الفقه.
3 – الدليل الثالث أن الحديث متيقن، ومعارضه محتمل مشكوك في وجوده. ومن قواعد وأصول الشريعة أنه لايترك متيقن لموهوم محتمل.
4 – الدليل الرابع أن عمل الصحابة رضي الله تعالى عنهم كان على خلاف هذا الشرط فإنهم كانوا يعملون بالأحاديث بدون توقف ولابحث عن معارض. فإذا وصلهم الحديث أخذوا به وعملوا بمقتضاه، وقضاياهم في ذلك كثيرة لو تُتُبعت لجاء منها مجلد كما قال ابن القيم في اعلام الموقعين.
¥