تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تنوع الحركات وأثره في الكشف عن معاني الآيات]

ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[06 Sep 2006, 01:17 ص]ـ

من أوجه القراءات القرآنية

[تنوع الحركات وأثره في الكشف عن معاني الآيات]

دراسة في سورة البقرة

د. حسن عبد الجليل عبد الرحيم علي العبادلة

جامعة البلقاء التطبيقية – كلية أصول الدين الجامعية- قسم القراءات القرآنية - [email protected]

المقدمة:

الحمد لله الذي تقدست أسماؤه، وتعالت عن العالمين أوصافه، وحجت الألبابَ آياتُه، وهدت المؤمنين المسترشدين أنواره وكلماته. وصل اللهم على سيدنا محمد، مشكاة النور، وشافي الصدور، الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة، وهداها سبيل التقى و العلا في الدارين، وترك فيها حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، برهان صدقه إلى يوم الدين. وعلى آله وصحبه أئمة الهدى، وخير الورى، الذين ما انفكوا متمسكين بالقرآن الكريم، يسبرون أغواره، و يظهرون أنواره، ويسيرون على نهجه و يأتمرون بأمره، كل وفق طاقته وجهده.

وبعد:

فمعلوم أن هذا الكتاب الكريم لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تخلق على كثرة الرد آياته، فمهما اجتهد الإنسان، وحاول الكشف عن درره الحسان، فسيبقى هذا حاله على تعاقب السنين و الأيام. وها نحن نشهد عظيم صنع سلف هذه الأمة في خدمة كتاب ربها الكريم، الذي هو عمدة هذا الدين؛ فهاهم قد بينوا أوجه قراءته، وبذلوا وسعهم في الكشف عن معاني آياته و أحكامه، وأظهروا العديد من أصناف المعارف وبدائع اللطائف، كل وفق اختصاصه.

إلا أنهم لم يبلغوا شأوه، ولم يحصروا كنهه، فبقي وسيبقى فياضا بأوجه العلوم، لا يقوى على مقارعته الخصوم، يبز كل واحد في تخصصه، وفي أعلا مرتبته، ناطقا بلسان الحال:) وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ((76: يوسف) شاهدا على وحدانية رب العالمين.

ولما رأيت أن أعظم الصلات بالقرآن الكريم هي القراءات القرآنية، بما تحويه من كشف عن المعاني الإلهية، أحببت أن أدلي بدلوي في بحر هذا العلم، وأن أبذل جهدي في إظهار اثر القراءات القرآنية الكريمة في التفسير، وذلك بما تحويه من تجلية للمعاني القرآنية، وإضافة معاني جديدة. فبدأت بسورة الفاتحة والبقرة وجمعت جوانب القراءات السبع الواردة في هاتين السورتين، إلا أنني وجدت المادة العلمية طويلة وتحتاج إلى أكثر من بحث، فقمت بتقسيم القراءات القرآنية الكريمة إلى ثلاثة أقسام؛ قسم يكمن تنوع الأداء فيه بإثبات الألف وحذفها نحو قوله تعالى:) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (و) مالك ((4: الفاتحة)، وقوله تعالى:) وَوَصَّى () وأوصى ((132:البقرة). والقسم الثاني يكمن تنوع الأداء فيه بإبدال الحروف نحو قوله تعالى:) نُنْشِزُهَا (و) ننشرها ((259:البقرة)، وقوله تعالى:) وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ () ولا تقبل ((48: البقرة). والقسم الثالث يكمن تنوع الأداء فيه بتنوع الحركات -وهو مدار هذا البحث بإذن الله تعالى-. وأفردت كل قسم من هذه الأقسام ببحث مستقل.

أما منهجي في البحث؛ فإنني قمت بجمع الآيات القرآنية التي كان تنوع قراءتها من حيث الحركات، واقتصرت على القراءات التي لها أثر ظاهر في توجيه المعاني القرآنية، ثم رتبتها وفق ورودها في المصحف الكريم، وأفردت كل آية في مبحث مستقل، ثم بيَّنت القراءات الواردة فيها من حيث تنوع الحركات، ثم ذكرت بعض آراء المفسرين فيها، وبعد ذلك أظهرت ما يؤديه تنوع القراءات في تفسير الآيات الكريمة والكشف عن معانيها.

سائلا المولى الرشيد سبحانه وتعالى رب العرش المجيد، أن ييسر لي هذا العمل بجوده وكرمه، وأن يجعله خالصا لوجهه، و أن يهدي كاتبه وقارئه إلى سواء السبيل.

المبحث الأول: قوله سبحانه وتعالى:

] فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [(37:البقرة).

المسألة الأولى: القراءات الواردة في هذه الآية:

تنوعت أوجه القراءة المتواترة الواردة في هذه الآية الكريمة من حيث تنوع الحركات على وجهين بيَّنهما أهل القراءات على النحو الآتي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير