تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[منهج سيد قطب في التفسير: الدراسة الإجمالية للسورة.]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[10 Sep 2006, 01:02 ص]ـ

الدراسة الإجمالية للسورة القرآنية

سورة البقرة نموذجا.

نقصد بالدراسة الإجمالية أو التفسير الإجمالي للسورة القرآنية الكريمة، تلك الدراسة المجملة التي يقدم بها سيد قطب لتفسيره لكل سورة من سور القرآن الكريم، ويخصصها عادة للتعريف المجمل بالسورة، وخصائصها وملامحها، والظروف والملابسات التي واكبت نزول آياتها، مع توضيح أهدافها ومقاصدها، وخصائصها الأسلوبية أو التشريعية، كما يطلع فيها القارئ على مضمون السورة، ويحاول أن يجمع شتات موضعاتها في محور واحد أو محاور محدودة حسب طبيعة كل سورة من سور القرآن الكريم.

وإذا أخذنا سورة البقرة نموذجا فإننا سنجد سيد قطب قد قدم لتفسيرها بمقدمة مستفيضة عن الظروف والملابسات التي واكبت نزول آياتها، موضحا أهدافها ومقاصدها، وأسلوبها العام، ومتحدثا عن موضوعاتها الرئيسية. وبصفة عامة يمكننا ان نجمل الموضوعات أو الأفكار التي تضمنتها هذه المقدمة في ما يلي:

1 - أسباب نزول سورة البقرة

سورة البقرة سورة مدنية، والسور المدنية الطوال كانت آياتها تنزل متفرقة، بل قد تنزل آيات سورة أخرى ولما تكتمل الأولى وأسباب نزول سورة البقرة يفضل سيد تسميتها بملابسات النزول، لأنها تجعلنا نضع أيدينا على الظرف التاريخي، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي الذي صاحب نزول آيات السورة، في حين نجد أسباب النزول تقتصر على ذكر الحادث المباشر لنزول السورة أو الآية، ولا غرو في ان ذلك سبب جزئي لا يشمل كل الملابسات المحيطة بالآية أو السورة.

والحديث عن الملابسات التي نزلت آيات السور القرآنية لمواجهتها ذو أهمية كبيرة في التفسير إذ يمدنا بمفتاح أو مفاتيح السورة لننفذ إلى أعماقها، ونتفهم جزئياتها دون محاولة فرض معان خارجة عنها، فلا نقولها ما لا تتضمنه، ولا نتعسف في استخراج معان لا تقصد إليها، أو لا تشير إليها بتاتا.

والملابسات التي نزلت سورة البقرة لمواجهتها لا زالت قائمة إلى الآن وهذا هو السر الذي يجعل القرآن الكريم دستور المسلمين في الحياة، لأنه صادر عن العليم الخبير الذي يعلم سلفا علما يقينا حقيقة أمر هذا الإنسان ونفسيته، وتطور الحياة من حوله، ومن ثم فهو - سبحانه وتعالى- عندما يتحدث عن هذا الإنسان يتحدث عنه في شموليته وفي كل أبعاده، وانطلاقا من فطرته وجبلته وهذه الملابسات لا تتغير ولا تتبدل بتبدل الزمن لأنها «في عمومها هي الملابسات التي ظلت الدعوة الإسلامية وأصحابها يواجهونها - مع اختلاف يسير - على مر العصور، وكر الدهور، من أعدائها وأوليائها على السواء. مما يجعل هذه التوجيهات القرآنية هي دستور هذه الدعوة الخالد، ويبث في هذه النصوص حياة تتجدد لمواجهة كل عصور وكل طور. ويرفعها معالم للطريق أمام الأمة المسلمة تهتدي بها في طريقها الطويل الشاق بين العداوات المتعددة المظاهر، المتوحدة الطبيعة، وهذا هو الإعجاز يتبدى جانب من جوانبه في هذه السمة الثابتة المميزة في كل نص قرآني (1). وقد فصل سيد قطب القول في الملابسات المحيطة والمواكبة لنزول سورة البقرة، ويمكن إجمالها في ما يلي:

أ - هجرة الرسول:

هجرة الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ من مكة إلى المدينة فرضتها ظروف نشر الدعوة «وجعلتها إجراء ضروريا لسير هذه الدعوة في الخط المرسوم الذي قدره الله لها بتدبيره، كان موقف قريش عنيدا من الدعوة في مكة - وبخاصة بعد وفاة خديجة -رضي الله عنها- وموت أبي طالب كافل النبي وحاميه، كان هذا الموقف قد انتهى إلى تجميد الدعوة في مكة تقريبا وما حولها، ومع استمرار دخول أفراد في الإسلام على الرغم من جميع الاضطهادات والتدبيرات فإن الدعوة كانت تعتبر قد تجمدت فعلا في مكة وما حولها بموقف قريش منها، وتحالفهم على حربها بشتى الوسائل، مما جعل بقية العرب تقف موقف التحرز، والانتظار في ارتقاب نتيجة المعركة بين الرسول وعشيرته الأقربين، وعلى رأسهم أبو لهب، وعمرو بن هشام، وأبو سفيان بن حرب، وغيرهم ممن يمتون بصلة القرابة القوية لصاحب الدعوة. وما كان هناك ما يشجع العرب في بيئة قبلية لعلاقات القرابة عندها وزن كبير - على الدخول في عقيدة رجل تقف منه عشيرته هذا الموقف وبخاصة أن عشيرته هذه هي التي تقوم بسدانة الكعبة،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير