تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

السّيُوطي إمام التفسير بالمَأثور في القَرن العاشر- د. وهبة الزحيلي

ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[09 Sep 2006, 03:16 م]ـ

السّيُوطي إمام التفسير بالمَأثور في القَرن العاشر - د. وهبة الزحيلي

إن من أبسط وأولى الواجبات في مجال التثقيف والمعرفة أن نتعرف جهود علمائنا العظام، وفاءً لهم، وتقديراً لعطائهم وإنتاجهم الثر وبخاصة في عصرنا، بما خلفوه من آثارهم ومصنفاتهم الكثيرة، ومن هؤلاء الشخصيات العلمية المتميزة الغزيرة الإنتاج والتصنيف، الحافظ المجدد المجتهد عبد الرحمن ابن الكمال أبو بكر بن محمد بن سابق الأسيوطي المصري الشافعي الملقب بجلال الدين، والمكنى بأبي الفضل، المولود عام 849هـ، والمتوفى عام 911هـ، وذلك بمناسبة مرور خمسمائة عام على وفاته.

كان العلامة السيوطي بحراً في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعنى، والبيان، والبديع، جمع آفاق هذه العلوم وأتقنها، فصنف فيها وجدد، وأفاد الكثير من علمه وفضله.

ويتجلى جهده العظيم في تفسير القرآن الكريم في كتابه الشهير "الدر المنثور في التفسير المأثور"، في ستة مجلدات ـ طبع دار الكتب العلمية في بيروت، وله طبعة أخرى في ثمانية مجلدات، قال الإمام السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن"، عن أصل هذا الكتاب: "وقد جمعت كتاباً مسنداً فيه تفاسير النبي (والصحابة، فيه بضعة عشر ألف حديث مابين مرفوع وموقوف. وقد تم والحمد لله في أربع مجلدات ـ أي مخطوطة، وسميته ترجمان القرآن. ورأيت وأنا في أثناء تصنيفه النبي (في المنام في قصة طويلة تحتوي على بشارة حسنة".

وقال في مقدمة تفسيره "الدر المنثور": فلما ألَّفت كتاب ترجمان القرآن، وهو التفسير المسند عن رسول الله (وأصحابه رضي الله عنهم، وتم بحمد الله في مجلدات، فكان ما أوردته فيه من الآثار بأسانيد الكتب المخرَّج منها واردات، رأيت قصور أكثر الهمم عن تحصيله، ورغبتهم في الاقتصار على متون الأحاديث دون الإسناد وتطويله، فلخَّصت منه هذا المختصر، مقتصراً فيه على متن الأثر، مصدَّراً بالعزو والتخريج إلى كل كتاب معتبر، وسميته "الدر المنثور في التفسير بالمأثور".

*منهجه في التفسير:

يذكر الإمام السيوطي الآية أو الآيتين في السور المدنية الطوال، أو مجموعة من الآيات في السور المكية القصار، ثم يفسر الكلمة أو الجملة بما هو مأثور عن النبي (ـ وهو قليل ـ من بيان المعنى، أو بما هو منقول في كتب السنة النبوية عن الصحابة والتابعين، وهو في ذلك يفيض إفاضة شاملة لكل الروايات المحكية، بتخريج ذلك في الصحاح والمسانيد والمصنّفات والسنن والآثار. ففي تفسيره (1/ 33 ـ 36) لجملة: "الحمد لله" في الفاتحة يذكر سبعاً وثلاثين رواية متقاربة المعنى، فالحمد: الشكر لله، أو الثناء على الله، وفيها بيان فضيلة الحمد الخ ... وفي 1/ 257 يفسر كلمة "حنيفاً" بثمان روايات، منها: حنيفاً: حاجاً أو متبعاً أو مستقيماً أو مخلصاً، وفيها إيراد حديث: "بعثت بالحنيفية السمحة" أو "أحب الدين إلى الله: الحنيفية السمحة"، دون بيان درجة صحة الحديث أو ضعفه. وفي 4/ 622 ـ 623 يفسر جملة "ثاني عطفه" بثمان روايات، منها أنه المعرض من العظمة، أو لاوي رأسه، أو لاوي عنقه، أو المعرض عن الحق، أو عن ذكر الله، مع بيان من نزلت في شأنه (وهو النضر بن الحارث). وفي 6/ 561 يفسر جملة: "والسماء ذات الرَّجَعْ والأرض ذات الصدع" بثمان روايات، الرجع: المطر بعد المطر، والصدع: صدعها عن النبات، أو صدع الأودية، أو بإذن الله عن الأموال والنبات .. الخ. ولا يرجح رواية على أخرى، ولا معنى على معنى آخر.

ويذكر في أوائل كل سورة، أو في أثناء بيان بعض آياتها، فضلها أو منزلتها وثواب تاليها وقارئها، كفضائل سورة البقرة وآل عمران، وسورة الإخلاص والفلق والناس وغير ذلك، ويبين صفة السورة ومكان نزولها، فهي مكية أو مدنية أو تشتمل على كلتا الصفتين، لوجود آيات منها مدنية وأخرى مكية مثل سورة البقرة مدنية إلا آية (281). وهي (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله .... (، فنزلت في حجة الوداع، وأورد في 1/ 653 أنها آخر آية نزلت في القرآن على النبي (، وكان بين نزولها وبين موت النبي (أحد وثمانون يوماً، أو تسع ليالي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير