تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لا يحتاج القارئ كثيرا إلى معرفة قائل القول، ما دام قد تأكد من صواب القول. لذلك قال السلف: (لا نعرف الحق بالرجال. اعرف الحق تعرف أهله).

ولن نساعد القارئ في التأكد من صواب الفكرة إلا بعزلها عن أشخاص قائليها، والاعتناء بكل ما يحيط بها من حجج منطقية، وأدلة عقلية ونقلية، مع استيعاب كامل لهذه الأدلة، حتى تكتمل الصورة لدى القارئ. لأن القارئ إذا اكتشف في كلامنا استدلالا ناقصا، يغفل عن أدلة أخرى (له نصيب من االعلم بها) فإن ذلك سيحط من فكرتنا حتى لو كانت صوابا، خصوصا إذا لم تكن لدى القارئ القدرة على وضع الأدلة الناقصة في مكانها الصحيح وسط باقي الأدلة.

من أصول المنهجية العلمية:

- ألا نتعجل بالحديث عن النتائج قبل أوانها (ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه). وكذلك من استعجل في التأثير على عقل قارئه قبل الأوان عوقب بترك القارئ لكلامه وانصرافه عن حججه.

- ألا نخلط نقدنا لرأي بقدح في قائله. فيكفينا في المنهجية العلمية بيان خطإ الرأي. وهذا ما يجب لطالب العلم أن يقف عند حده. فليس من مهمته أن يثير مشاعر القارئ ضد الكاتب، لأن المشاعر تبقى شخصية، وليس للناقد حق في نقل شحنة عواطفه تجاه الكاتب إلى صدر قارئه.

فعندما يقرأ القارئ نقد طالب العلم لا يحتاج منه أن يؤثر في مشاعره، وإنما يحتاج منه ما يؤثر في فهمه فقط. وللقارئ فيما بعد أن يكيف مشاعره حول الكاتب كما يحب.

لذلك، أعتبر أن الولوج إلى عقل القارئ، من خلال تحويل مشاعره وعواطفه تجاه الكاتب، نوع من المغالطة والتضليل (سواء كان ذلك بالنفخ في قيمة الكاتب أو بإيغار الصدر تجاهه) .. أما الولوج إلى عقله من خلال نقد الفكرة والرأي، مع ترك الكاتب وشأنه، فهو نوع من النزاهة التي تفرض احترام الناقد. لأن معركة الناقد الحقيقية مع الفكرة الخاطئة، وليست مع شخص الكاتب. ولو أوحينا للقارئ بأن معركتنا مع الكاتب لوقعنا في فخ يمكن بسببه أن نخسر القارئ، إذا رأى في مواطن أخرى من الكتاب أفكارا أخرى جيدة يمكن أن يشكر عليها الكاتب. وعندها لا يمكن للقارئ الذكي أن يقبل عبارتنا التعميمية القادحة في شخص الكاتب، إما من باب شعوره بأن الكاتب لا يستحق كل هذا القدح فيشعر بالتعاطف مع الكاتب المظلوم، أو لأنه يشعر بأن مثل هذا الأسلوب لا ينسجم مع أخلاقه، أو لأنه يعتبر ذلك نوعا من التضليل للتعمية على بقية الأفكار الجيدة للكاتب.

- مما يساعد في العدل في الحكم على الكتاب: أن لا نحكم عليه بحكم تعميمي، ولا نحكم على كتابه بحكم تعميمي، خصوصا إذا كنا في معرض الرد المفصل. وأفضل ما يساعد القارئ على قبول النقد، أن نحصر كميا عدد الأفكار والآراء المعروضة في الكتاب، وبيان قيمة كل فكرة مقارنة بالأفكار الأخرى، وبجملة الكتاب. ثم نحدد نسبة الصواب والخطإ في كل فكرة لوحدها (وعادة ما نجد الخطأ والصواب مختلطين بنسب متفاوتة في نفس الفكرة).

ثم نفصل بين الأفكار الجيدة، والأفكار الخاطئة، والافكار التي اختط فيها الصواب بالخطأ.

عندها فقط، نكون قد خدمنا القارئ بنقدنا للكتاب. لأنه لا يريد في العادة معرفة الانطباع العام للناقد حول الكتاب أو حول الكاتب.

وأرى أن من أشد الأسئلة المطروحة على العلماء خطورة، تلك التي توجه العالم إلى إبداء رأيه حول كاتب ما من قبيل: (سئل فضيلة الشيخ عن رأيه في كتابات فلان، فرد مشكورا بقوله: ... )، هكذا بنوع من التعميم.

هذا النوع من الأسئلة أعتبره مزلقا خطيرا، ويحتوي مغالطة خطيرة من السائل (لنفسه، وللمسؤول، وللقراء من بعدهما)، ولو جاراه العالم في جوابه، لارتكب مغالطة مضاعفة، ولتحمل وزرا مضاعفا.

رائع جداً ...

بارك الله فيكم أخي الكريم لقد كتبت كلاماً في الصميم نحتاجه جميعاً وخصوصاً الباحثون في الدراسات الإسلامية فما أكثر الإخلال بهذه المنهجية وما أكثر اللعب على المشاعر،،

وما أكثر التجييش بالباطل، والحشد بالعواطف ..

اللهم اجعل الحق غايتنا وخذ بيدنا إليه

ـ[أبو المهند]ــــــــ[19 Nov 2007, 12:03 م]ـ

والله ولي التوفيق

ـ[مرهف]ــــــــ[19 Nov 2007, 07:20 م]ـ

جزى الله جميع الأخوة الذين كتبوا هنا خيراً، فمع اختلاف وجهات النظر بين الأخ السديس وباقي الأخوة فإن الجميع ملتزم بأدب الحوار وفقهم الله جميعاً، ومع أني أوافق الأخ محمد بن جماعة في ما كتبه عن منهجية الكتابة والرد ومثله ما تفضل به الأخ الشيخ الجكني وفقه الله أردت بالمناسبة أن ألفت النظر إلى ظاهرة مرضية في الوسط العلمي، وهي في تسفيه العلماء والنقد اللاذع الذي قد يصل ببعضهم إلى حد التشفي، فمن زمن سمعت أحد الأشخاص في قناة فضائية يقول أنه ألف كتاب إسكات الكلب العاوي يوسف القرضاوي، وكذلك ظهر كتاب (الرد العلمي على البوطي) من جماعة الأحباش في لبنان حمل هذا الكتاب في مضمونه من التجهيل والتسفيه والتضليل للشيخ سعيد رمضان البوطي ما الله به عليم، ومن أيام قرأت كتاباً يحمل عناون "نصيحة للمسلمين" من جماعة أهل القرآن في بيت المقدس (هكذا سموا أنفسهم) سفه كاتب هذا الكتاب وضلل علماء الأمة من أولها إلى آخرها عدا الصحابة والعلماء الموثوق بهم - ولم يذكرهم ولم نعرف من هم - لأنهم ابتدعوا - كما قال - مصطلع الإعجاز والمعجزة، وابتدعوا مصطلح العقيدة، وذكر مصطلحات أخرى، بحجة أن هذه المصطلحات لم ترد في كتاب ولا سنة ولا عن كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي .... ، فهذه مجموعة أمثلة لظاهرة نتأت في مجتمعنا على ما لايرضى من القول والعمل، ولا أظن أحداً من أهل العلم والإخلاص يحب هذه الطريقة في الرد والكتابة، فألتمس طلباً من جميع من يقرأ هذه المشاركة أن يسعى ما استطاع إلى إيقاف هذه الظاهرة المتفلتة من أدب علماء المسلمين والتي لا ترضي الله ولا رسوله، فالإنصاف مطلوب خاصة مع علماء اشتهروا بالعلم والصدق وخدمة دينهم، والتسفيه والتجهيل بضاعة مزجاة لا يتقنها إلا الضعفاء، وقد تعلمنا من شيوخنا أن لا يكون هدفنا من المناقشة العلمية الرد على الأشخاص، وإنما الرد على الأفكار وأن نترك أمر الأشخاص إلى خالقها يحاسبها، كي يكون القصدعلمياً لا شخصياً. وعذراً للإطالة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير