تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإذا نظرنا إلى الخازن وجدناه يعرض الآراء ويستنبط معضلها فى عباره قصيره لاتكاد تكون واضحه فنجده يقول (اختلفت العلماء هل هذه الآية منسوخة أم لا , على قولين: أحدهما أنها نزلت قبل براءة فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يقاتل من قاتله ولا يبدأ بالقتال ثم نسخ ذلك وأمر بالجهاد وهذا قول ابن عباس والضحاك , فعلى هذا يكون معنى قوله ولئن صبرتم عن القتال , فلما أعز الله الإسلام وكثر أهله أمر الله رسوله (صلى الله عليه وسلم) بالجهاد.

القول الثاني: أنها أحكمت , وأنها نزلت فيمن ظلم ظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما نال منها الظالم وهذا قول مجاهد والشعبي والنخعي وابن سيرين والثوري.

قال بعضهم: الأصح أنها محكمة لأن الآية واردة في تعليم حسن الأدب في كيفية استيفاء الحقوق وفي القصاص وترك التعدي وهو طلب الزيادة. (لباب التاويل4/ 126)

وإنها حكمه بهذه العباره القصيره التى تستنبط حكم هذا المعضل فى قوله (وهذه الأشياء لا تكون منسوخة فلا تعلق لها بالنسخ والله أعلم.) (لباب التاويل4/ 126) دون توضيح سبب حكمه بأحكامها.

فان أردنا أن نعزى الفضل لأهله فهو حق الطبرى الى يعرض لنا خمسة آراء وهى:

1:- قوله (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ) نسخ المعاقبه بالمثل التى سبقته

2:- نسخ ذلك بقوله في براءة: (اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) قالوا: وإنما قال: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) خبرًا من الله للمؤمنين أن لا يبدءوهم بقتال حتى يبدءوهم به، فقال: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).

3:- بل عنى الله تعالى بقوله: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ) نبيّ الله خاصة دون سائر أصحابه، فكان الأمر بالصبر له عزيمة من الله دونهم., ثم نسخ هذا وأمره بجهادهم، فهذا كله منسوخ.

4:- لم يُعْنَ بهاتين الآيتين شيء مما ذكر هؤلاء، وإنما عُنِيَ بهما أن من ظُلِم بظُلامة، فلا يحلّ له أن ينال ممن ظلمه أكثر مما نال الظالم منه، وقالوا: الآية محكمة غير منسوخة.

5:- الصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمر من عوقب من المؤمنين بعقوبة أن يعاقب من عاقبه بمثل الذي عوقب به، وعزم على نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصبر, ومن ثم فالآية إخبار

وبالتالى فهي آية محكمة أمر الله تعالى ذكره عباده أن لا يتجاوزوا فيما وجب لهم قِبَل غيرهم من حقّ من مال أو نفس وأنها غير منسوخة، إذ كان لا دلالة على نسخها، وأن للقول بأنها محكمة وجهًا صحيحًا مفهوما. (جامع البيان في تأويل القرآن17/ 322:325)

وبالتالى فقد استنبط الخازن سريعا أن تلك الآية محكمه برغم أن الفضل للطبرى الذى أجلاها تماما وأوفاها حقها على غرار الزمخشرى الذى لم يتعرض إلا بشرح موجز لها والذي يدعمه ما ورد فى صحيح مسلم مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا وَهُمْ يَرْمُونَهُ وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ لَعَنْ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا! إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (صحيح مسلم بشرح النووى13/ 108) وهذا نهى عن التمثيل بكل حى الا أن يكون حد من حدود الله.


المثال الثانى:-
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (المجادله9)}
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير