7:- من الأفعال ما يقبل الإكراه عليه كالقتل والتكلم بكلمة الكفر ومنه ما لا يقبل الإكراه عليه قيل وهو الزنا لأن الإكراه يوجب الخوف الشديد وذلك يمنع من انتشار الآلة فحيث دخل الزنا في الوجود علم أنه وقع بالاختيار لا على سبيل الإكراه.
8:- قال الشافعي رحمه الله طلاق المكره لا يقع وقال أبو حنيفة رحمه الله يقع وحجة الشافعي رحمه الله قوله لا إِكْرَاهَ فِى الدّينِ ولا يمكن أن يكون المراد نفي ذاته لأن ذاته موجودة فوجب حمله على نفي آثاره. (انظر مفاتيح الغيب20/ 99:96).
وبعد هذا العرض لكلام الفخر الرازى رحمه الله نجده قد تشعب فى تفسير الإكراه وأشكاله حتى أنه جعله على مراتب وما انفك يضع أحكام فقهيه لما تتداعى به أفكاره من إكراه الطلاق مثلا أو أكراه القتل أو الزنا وحكم كل منهم ويخرج من تلك المسائل لمسألة أخرى وهى القصاص (هل يسقط القصاص عن المكره أم لا قال الشافعي رحمه الله في أحد قوليه يجب القصاص ويدل عليه وجهان الأول أنه قتله عمداً عدواناً فيجب عليه القصاص لقوله تعالى الْمُتَّقُونَ يأَيُّهَا الَّذِينَ امنوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (البقرة 178) والثاني أجمعنا على أن المكره إذا قصد قتله فإنه يحل له أن يدفعه عن نفسه ولو بالقتل فلما كان توهم إقدامه على القتل يوجب إهدار دمه فلأن يكون عند صدور القتل منه حقيقة يصير دمه مهدراً كان أولى والله أعلم (مفاتيح الغيب20/ 98).
ثالثا القرطبى رحمه الله ويحوى:
1:- قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ} هذا متصل بقوله تعالى: {وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] فكان مبالغة في الوصف بالكذب.
2:- قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف تجد قلبك"؟ قال: مطمئن بالإيمان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن عادوا فعد".
3:- لما سمح الله عز وجل بالكفر به وهو أصل الشريعة عند الإكراه ولم يؤاخذ به، حمل العلماء عليه فروع الشريعة كلها، فإذا وقع الإكراه عليها لم يؤاخذ به.
4:- أجمع العلماء على أن من أكره على قتل غيره أنه لا يجوز له الإقدام على قتله ولا انتهاك حرمته بجلد أو غيره، ويصبر على البلاء الذي نزل به.
5:- اختلف العلماء في طلاق المكره وعتاقه؛ فقال الشافعي وأصحابه: لا يلزمه شيء. وذكر ابن وهب عن عمر وعلي وابن عباس أنهم كانوا لا يرون طلاقه شيئا.
6:- أما بيع المكره والمضغوط فله حالتان. الأولى: أن يبيع ماله في حق وجب عليه؛ فذلك ماض سائغ لا رجوع فيه عند الفقهاء؛ لأنه يلزمه أداء الحق إلى ربه من غير المبيع
7:- أما نكاح المكره؛ فقال سحنون: أجمع أصحابنا على إبطال نكاح المكره والمكرهة
8:- إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها؛ لقوله {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} وقوله عليه السلام: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". ولقول الله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] يريد الفتيات. (الجامع لأحكام القرآن 10/ 191:180)
وبعد فلم يسعنى المقام لأن أسرد كل القضايا التى ضمنها القرطبى فى هذا الباب والتى خرج بها كل الخروج عن سمت تفسير الآية وحاد للدخول فى مسائل فقهيه وقد أطال الحديث عنها بما يؤدى بالقارئ إلى نسيان الهدف الأساسي من الكلام كقلة فى حد السرقة وحد الزنا وحد زاج المكره أو طلاقه وتطرق إلى الحديث عن حد الرجم والقتل والقصاص والإكراه للتصدق أو اليمين أو البيع.
ولا يسعنا المقام لنوضح أن الخازن جمع فوعى وقلّّ فدل., ومن هنا نخرج إلى قاعده حدها لنا الغزالي رحمه الله (إن الخطاب الموجه إلى الناس فى ألفاظ القران مثالات تعبر عن حقائق مرموز إليها قد لا تتحملها عقول فاعلم إن كل ما يحتمله فهمك فان القران يلقيه إليك على الوجه الذى لو كنت فى النوم مطالعا بروحك اللوح المحفوظ, لتمثل ذلك لك بمثال مناسب يحتاج إلى التعبير؛واعلم أن التأويل يجرى مجرى التعبير والناس فى هذه الحياة نيام فإذا ماتوا انتبهوا. (قضية التأويل عند الغزالى 199).
المراجع
1:-الدر المنثور فى التفسير بالمأثور.,جلال الدين السيوطى الهيئة العامه للمطابع الأميريه1996
2:- إعجاز القرآن؛ أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم (دار المعارف – القاهرة) تحقيق: السيد أحمد صقر
3:- الجامع لأحكام القرآن؛ أبو عبد الله محمد شمس الدين القرطبي؛ تحقيق: هشام سمير البخاري؛دار عالم الكتب، الرياض، المملكة العربية السعودية؛ الطبعة: 1423هـ/ 2003م
4:-إنجيل بشاره لوقا وسفر أعمال الرسل.,ط. المركز العلمى لترجمة الكتاب المقدس الطبعه الأولى 2003
5:- جامع البيان في تأويل القرآن المؤلف: محمد بن جرير الطبري المحقق: أحمد محمد شاكر.,مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م
6:-صحيح البخارى, محمد ابن إسماعيل البخاري, ط دار الشعب. د.ت
7:-صحيح مسلم بشرح النووى؛ ط. الهيئه العامه للمطابع الأميرية 1996
8:-قضية التأويل عند الغزالي., محمد محمود عبد الحميد أبو قحف 2001
9:-الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل.,أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري.,دار إحياء التراث العربي – بيروت.,تحقيق: عبد الرزاق المهدي
10:- لباب التأويل في معاني التنزيل., علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي الشهير بالخازن , دار الفكر - بيروت / لبنان-1399هـ /1979م
11:-مجلة فصول الأدبية العدد65/خريف2004,شتاء2005
12:-مجلة عالم الفكر الأدبية.,المجلد4 /أبريل2007
13:-مدارك التنزيل وحقائق التأويل.,أبى البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفى., الهيئه العامه للمطابع الأميريه1996
14:-معجزة القرآن.,محمد متولى الشعراوى مطابع الأهرام التجاريه1995
15:- مفاتيح الغيب., فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي ,دار الكتب العلمية - بيروت - 1421هـ - 2000 م ,الطبعة الأولى
¥