ــ فإن قيل أنَّ عبدة الأوثان والأصنام في عهده عليه الصلاة والسلام كانوا لا يعتقدون تأثير معبوداتهم بذاتها بل بجعل الله لها كما قالوا {ما نعبدهم إلاَّ ليقربونا إلى الله زلفى} {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنَّ الله} قلنا: هذه دعواهم لتبرير شركهم، و هي مكذَّبة بعبادتهم لهذه الأنداد، فإنَّ الضابط في ذلك أن يدعوَ المرءُ غيرَ الله فيما لا يقدر عليه إلاَّ الله.
3ـ النفاق الأصغر وهو النفاق العملي غير المخرج من الملَّة: وهو التخلق بالخصال التي دلَّ عليها قوله عليه صلَّى الله عليه و سلم: (آية المنافق ثلاث، إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، و إذا اؤتمن خان).
وفي رواية وإذا خاصم فجر، و إذا عاهد غدر).
و هذه الخصال الواردة في الحديث الشريف هي من خصال المنافقين التي يجب على المسلم أن يتنزه عنها، و هي وإن لم تكن مخرجةً من الملّة فهي من الذنوب العظيمة، و من استطابها و أكثر منها يخشى عليه أن يتدرَّج به الحال حتى يقع في النفاق الأكبر، و لذلك ورد في بعض ألفاظ الحديث عنه عليه الصلاة و السلام أنهُ قال: (أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، و من كانت فيه واحدةٌ منهنَّ كانت فيه خصلةٌ من النفاق إلاَّ أن يدعها) .. الحديث.
و من النفاق الأصغر الإعراض عن الجهاد قال عليه الصلاة و السلام: (من مات و لم يغزُ و لم يحدِّث نفسه بالغزو مات على شعبةٍ من النفاق)
مراتب ظهور نواقض الإسلام:
اعلم أنَّ الوقوع في أيٍّ من نواقض الإسلام يقتضي الردَّة، و ذلك بالوقوع في أي نوع من أنواع الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر، والمقصود بالردَّة: الكفر بعد الإسلام، أو الرجوع عن الإيمان.
مراتب وقوع الردَّة و أقسامها و أحكامها:
و تحصل الردَّة بارتكاب المسلم لأي ناقضٍ من نواقضِ الإسلام، قال تعالى: {و من يرتدد منكم عن دينه فيمت و هو كافرٌ فأو لئك حبطت أعمالهم في الدنيا و الآخرة و أولئك أصحب النار هم فيها خالدون}.
و ترجع أنواع الردَّة من حيث مستوى ظهورها و من ثمَّ إثباتها إلى أربعة أقسام هي:
1 ـ الردَّة بالقول:
كادِّعاء علم الغيب أو ادعاء النبوة أو تصديق من يدَّعيها، أو دعاء غير الله أو الاستعانة به فيما لا يقدر عليه إلاَّ الله، أو الاستعاذة به في ذلك.
أو كسبِّ الله عز وجل أو رسوله أو ملائكته أو رسوله أو أحدٍ من رُسُلهِ، و كذلك سبِّ الدين، أو سبِّ شيءٍ ثابتٍ منه، أو سبِّ الصحابةِ نقَلَةِ الدين رضوان الله عليهم، أو سبِّ أزواجِه عليه السلام.
أو الاستهزاء بشيءٍ من ذلك، كالاستهزاء بالله عز و جل أو أنبيائه أوملائكته أو كتابه أو بالمغيَّبات كاليوم الآخر أو حياة البرزخ أو غير ذلك من ثوابت الدين كفضل الصحابة رضي الله عنهم.
قال تعالى في شأنِ من استهزأ ببعض أصحاب النبي عليه الصلاة و السلام: {و لئن سألتهم ليقولُنَّ إنَّما كنَّا نخوض و نلعب قل أبالله و ءايته و رسوله كنتم تستهزءُون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
ومن مظاهره: من استهزأ بشيءٍ من دين الرسول عليه الصلاة والسلام.
2 ـ الردَّة بالفعل: كالسجود للصنم أو الشجر أو الحجر أو القبور أو الذبح لها، أو عمل السحرأو تعلمه أو تعليمه، أو إلقاء المصاحف في المواطن القذرة، أو الحكم بغير ما أنزل الله.
السحر.
مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين.
الإعراض الكلي عن الدين، أو عمَّا لا يصحُّ الإسلام إلاَّ به، لا يتعلمه ولا يعمل به.
3ـ الردَّة بالاعتقاد: كاعتقاد الشريك لله عز و جل، أو كاعتقاد حل ما أجمع على تحريمه إجماعاً قطعياً، و مثله لا يجهله، كمن يعتقد حلَّ الزنا أو الخمر، أو حلِّ الأكل في نهار رمضان بغير عذرٍ مبيحٍ للفطر، أو كاعتقاد تحريم ما أجمع على حِلِّه إجماعاً قطعياً كاعتقاد تحريم الخبز.
أ - الوقوع في الشرك الصريح.
ب - من جعل بينه و بين الله و سائط يدعوهم و يسألهم الشفاعة.
ت - من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم.
ث - من اعتقدأن هدي غير النبي عليه الصلاة والسلام أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه
ج ـ من أبغض شيئاً ممَّا جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام.
من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد عليه الصلاة والسلام.
¥