تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيعتبر بيع ذمة؛ لأنك التزمت في ذمتك أن تدفع نسخة من هذا الكتاب موصوفة بهذا الوصف. إذاً: عندنا حالتان: إما أن تعين البيع ويرد البيع على العين فيكون بيع عين. وإما أن يرد البيع على موصوف في الذمة، فكأن ذمتك وأمانتك وعهدتك شغلت بشيء تلتزم بأدائه، فصار في ذمتك وأمانة عليك، وهذا معنى قولهم: (في الذمة) فإذا بعت شيئاً في ذمتك وصفته. لكن لماذا نحن نفصل هذه التفصيلات؟ من فوائد هذه التفصيلات، وهذا مما تمتاز به الشريعة الإسلامية في باب المعاملات: أنها تريد أن تعطي كل ذي حق حقه. فمثلاً: لو جئت وقلت له: أشتري منك هذا الدواء بمائة، ثم أخذت الدواء فوجدت فيه عيباً وقلت له: رد لي المائة، فهذا من حقك؛ لأنك اشتريت هذا الشيء المعين وظهر به عيب، فمن حقك أن ترده وأن تطالب بالثمن، فلو قال: أعطيك بدلاً عنه، ولا أردّ لك القيمة، فيلزمه شرعاً إعطاء القيمة؛ لأن البيع ورد على معين بطل ببطلان العقد عليه، فهذا بيع العين. لكن حينما تقول له: أعطني الدواء الفلاني، فأعطاك الدواء بصفته التي طلبتها، فلو وجدت به عيباً -انتهت مدة صلاحيته مثلاً- فجئت وقلت له: هذا لا أريده، أريد المال، من حقه أن يلزمك بالبدل؛ لأنك اشتريت موصوفاً في الذمة، وإذا لم يصدق الوصف على هذه فمن حقه أن يلزمك بما يصدق عليه من بدل. فالشريعة تقدر في البيع والمعاملات كل كلمة تخرج من المتعاقدين، ولا تريد أن الكلام والعقد الذي يتم بينك وبينه يذهب هدراً، وهذا التدقيق من العلماء من باب العدل بين الناس، وإعطاء كل ذي حق حقه، فأنت إذا قلت: (أشتري هذا)، فالبيع على هذا، ولا يقع البيع على غيره، وليس من حقه أن يلزمك بغيره، وإن قلت (أشتري كذا)، فإنه يصدق على كل ما وافق وصفك الذي طلبته في المبيع. إذاً: عندنا عين وعندنا ذمة، وبيع الأعيان إذا قلت له: أبيعك هذا الكتاب، فأنت إما أن تقول له: أبيعك هذا الكتاب بمائة حاضرة الآن، تعطيني وأعطيك، فيسمى بيع النجاز، نجز ونجزت، وهو ما يسمى في عرفنا ببيع النقد. وإما أن تقول له: أعطيك غداً وتعطيني غداً، فهذا نسيئة بنسيئة. وإما أن تقول له: أعطيك الكتاب الآن، ويقول: ليس عندي فلوس، أعطيك غداً، أو بعد شهر، أو بعد أسبوع، فهذا نسيئة من طرف ناجز من الآخر. إذاً: أصبح عندنا ثلاثة أشياء: عين بعين، وذمة بذمة، وعين بذمة. وقد قلنا: إن البيع إما بيع ثمن بثمن، أو مثمن بمثمن، أو ثمن بمثمن، فنريد هنا مثالاً على بيع العين بالعين في الثمن بالثمن، والمثمن بالمثمن، والثمن بالمثمن. نبدأ ببيع العين بالعين في الثمن بالثمن، مثل: صرف ريالات بدولارات، قال له: أصرف لك عشرة دولارات بمائتي ريال، قال: قبلت. إذا قال له ذلك صار عيناً بعين في ثمن بثمن؛ لأن الدولارات ثمن والريالات ثمن، أو قال: أبيعك هذه المائة جنيه بهذه العشرة آلاف ريال، فهذا بيع عين بعين في الثمن بالثمن. أما بيع العين بالعين في المثمن بالمثمن فمثاله أن يقول: أبيعك هذا الكتاب بهذا الكتاب .. أبيعك هذه (الفيلة) بهذه (الفيلة) فصار بيع عين بعين في مثمن بمثمن، أو هذه السيارة بهذه السيارة، فهذا أيضاً بيع مثمن بمثمن، وهو ما يعرف ببيع المقايضة. أما بيع العين بالعين في الثمن بالمثمن فمثاله أن يقول: أبيعك هذا الكتاب بهذه العشرة، فالمثمن الكتاب والعشرة هي الثمن. فهذا يسميه العلماء في جميع الصور الثلاث: بيع عين بعين. وإذا حددت وعينت، إما أن تقول: أعطيك الآن وتعطيني الآن، فهذا يسمونه ناجزاً من الطرفين، فالبائع نجز والمشتري نجز، وصار التقابض بينهما في نفس مجلس العقد، إذاً: هو ناجز وبيع نقدي كما يسمى في عرفنا اليوم. الصورة الثانية: أن يكون نسيئة من الطرفين، باعه عيناً بعين، لكن قال له: أعطيك غداً وتعطيني غداً، فهو نسيئة من الطرفين، من البائع ومن المشتري، وهي عكس الصورة الأولى. الصورة الثالثة: أن يكون ناجزاً من أحدهما نسيئة من الآخر، كأن أقول لك: هذا الكتاب بهذه العشرة، لكن تقول لي: لا أعطيك الكتاب الآن، وإنما أعطيك إياه غداً، أقول: خذ العشرة الآن وأنا آتي غداً وآخذ الكتاب، فهذا ناجز من أحدهما نسيئة من الآخر. لاحظوا يا إخوان! نحن لا نتكلم الآن على الحلال والحرام في صور البيع، إنما هذه المرحلة تسمى مرحلة التصور، وهي أن تأتي بجميع البيوع الموجودة على وجه الأرض ويضعها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير