تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله لأشياء عديدة، ومن أراد أن يتقصى ما في البهائم من الحكم والأسرار لحار عقله، وللإمام ابن القيم رحمه الله كلام جميل في (بدائع الفوائد)، فقد ذكر فيه نكتاً عظيمة في مسألة خلق البهائم للمقاصد، كأن يجعل هناك بهائم للأكل، وبهائم للشرب، وبهائم للركوب، وبهائم للقتال عليها، ولمصالح عديدة، وتجد أن هذه البهيمة لو جيء بغيرها مما هو أقوى منها لكي يقوم مقامها فلا يمكن؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:50]، فالله سبحانه وتعالى هداها لهذا الشيء المعين، ولا تستطيع أن تصرفها عن غير هذا الشيء، كأنها ما خلقت إلاّ لهذا الأمر. فالمقصود: أن الله سبحانه وتعالى جعل في كل بهيمة مقاصدها، فالسباع تعدو، والسباع العادية كالأسد والنمر واللبوة -وهي أنثى الأسد- ونحوها من هذه السباع، هذه تعلّم الصيد، فالأسد مثلاً يمكن تعليمه الصيد، وهناك طريقة اعتنت كتب الأدب بها، ومن أفضل الكتب التي تكلمت على هذه الفوائد كتاب (نهاية الأرب)، و (صبح الأعشى) للقلقشندي، فقد ذكر فيها طرق تعليم الحيوانات للصيد. وتنقسم هذه الحيوانات إلى قسمين: القسم الأول: الحيوانات التي على وجه الأرض، مثل السباع. القسم الثاني: الحيوانات الطائرة؛ كالصقر والباز والباشق والشاهين والعقاب، ونحوها من الطيور العادية. فسباع الطير وسباع البهائم يمكن أن يُسخر ويُذلَّل للصيد، فإذا باعه الإنسان أو اشتراه من أجل مصلحة الصيد به جاز؛ لأن الصيد مباح، ومنفعته مأذون بها شرعاً، قال تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4]، وكذلك قال عدي رضي الله عنه كما في الحديث الصحيح: (يا رسول الله! إني أصيد بكلبي المعلم، وبكلبي غير المعلم، وأصيد بهذه البزاة -وهي الباز- فماذا يحلُّ لي؟ فأنزل الله عز وجل آية الصيد: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ [المائدة:4])، فدلَّت هذه الآية الكريمة على جواز تعليم السباع العادية الصيد؛ ولذلك قال تعالى: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة:4]، و (مُكلِّبين) مأخوذة من الكَلَب، وأصل الكَلَب القوة؛ لأن هذه البهائم فيها قوة وفتك بالفريسة، وسواء كانت من ذوات الطير أو كانت من ذوات السباع العادية من البهائم، فلو أنه اشترى أسداً من أجل أن يُعِّلمه الصيد صحَّ البيع وصحَّ الشراء، وكذلك لو اشترى لبوةً متعلمة للصيد صح كذلك، وهكذا النمر لو اشتراه معلماً الصيد وأراد أن ينتفع به للصيد فإنه يجوز له ذلك، وهذا هو الذي عناه المصنف رحمه الله بقوله: (وسباع البهائم). قال رحمه الله: [إلاّ الكلب والحشرات]. (إلاّ): استثناء، والاستثناء: إخراج لبعض ما يتناوله اللفظ، فقوله: (إلاّ الكلب) أي: لا يجوز بيع الكلب، مع أن فيه منفعة الصيد، وسنتكلم إن شاء الله على مسألة بيع الكلب؛ لأنها مسألة خلافية، وفيها ما يقارب خمسة أقوال للعلماء رحمهم الله، وفيها أدلة وردود ومناقشات. والله تعالى أعلم.

الأسئلة ...... حكم بيع المساومة والمزايدة السؤال: ما حكم المساومة؟ وهل تقدح في شرط التراضي بين البائع والمشتري، أثابكم الله؟ الجواب: باسم الله، الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه وأفضل رسله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فالمساومة: هي مفاعلة من السوم، والسوم: إعطاء القيمة في السلعة، كأن يعرض سلعة -كسيارة أو بهيمة- للبيع فتقول: أشتريها بعشرة، فإن قلت بعشرة فمعناها أنك سُمتها بعشرة، أو عرض أرضه أو عمارته للبيع، فقلت: أشتريها بمائة ألف، فسمتها بالمائة، فجاء غيرك وقال: بمائتين، إذاً: حصلت هنا منافسة وقد قيل لها: مساومة؛ لأنها مفاعلة من السوم، والمفاعلة في لغة العرب تستلزم وجود شخصين فأكثر، فلا يقال: مساومة، من شخص واحد؛ وإنما يقال: مساومة، إذا عرضت للمزاد، والمزاد: هو طلب الزيادة، بمعنى: أن يتنافس اثنان أو أكثر في سلعة ما، فيقول الأول: بعشرة، ويقول الثاني: بعشرين، ويقول الثالث: بخمسة وعشرين، ويقول الرابع: بثلاثين .. وهكذا، فهذا هو السوم. والسوم له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير