تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويصدق أن تكون مستوية، ويصدق أن تكون متباينة، إذاً: كأنه ردده بين أسعار متعددة مختلفة، فإن جاء المشتري يعطي القليل قال له البائع: لا بل نويت الكثير، فيصبح البيع متردداً بين القليل والكثير، وإذا شئت أن تحصرها أيضاً بصورة المقابلة أن تقول: أبيعك هذه السيارة بمائة ألف ريال أو بعشرة آلاف دولار، وتكون المائة ألف ريال لا تساوي العشرة آلاف دولار، أمّا لو ساوتها وردده بين قيمتين متساويتين كأن تكون المائة ألف ريال تعادل عشرة آلاف دولار صحَّ البيع؛ لأنه خيره بين مائة ألف ريال، وبين صرفها عشرة آلاف دولار، وهكذا لو قال له: بمائة دينار أو ألف درهم، أي: إن شئت أن تدفعها دنانير، وإن شئت أن تدفعها دراهم. الخلاصة: أن العلماء رحمهم الله لما قالوا: يشترط في البيع أن يكون الثمن معلوماً، يُفهم من هذا أنه لا يصحّ البيع بالمجهول، وإذا كان لا يصحّ بالمجهول فمعناه أنهم سيذكرون لك أمثلة، فإمّا أن تكون الجهالة كليّة أو جزئية، والكليّة مثلما قال: (برقمه)، فلا ندري كم الرقم؟ فأنت تجهل قدر هذا الثمن؟ أو جزئية مثلما يقول لك: بمائة ألف ريال أو عشرة آلاف دولار، وتكون المائة ألف ريال والدولارات ليستا بمتكافئتين، فحينئذٍ رددك، وصحيح أنه ذكر لك الثمن؛ لكنه جعلك على جهالة هل هو الثمن الغالي أو الثمن الرخيص؟ أو يُدخل سعراً من الثمن الغالي مع السعر الرخيص ويجعلهما معاً، ولا يحدد تمييز الغالي من الرخيص، فلو حدد الغالي والرخيص كأن يقول له: هذه السيارة أبيعها بعشرة آلاف دولار وألف ريال، معنى ذلك: أن قيمتها جامعة بين الأمرين، كما لو قال له: أبيعك بثلاثة دراهم ودينارين، فحينئذٍ يكون الثمن معلوماً، صارت خمسة، والخمسة منقسمة ما بين الدنانير والدراهم، وهكذا لو قال له: عشرة آلاف ريال وألف دولار، أو عشرة آلاف ريال وألف جنيه. إذاً التشريك في الثمن إمّا أن يفضي إلى الجهالة، وإمّا ألاَّ يفضي إلى الجهالة، فإن أفضى إلى الجهالة حرُم البيع، فإن لم يُفض إلى الجهالة بأن ردده بين ثمنين على سبيل التخيير أو دمج الثمنين مع بعضهما بصورة واضحة دون أن يكون هناك فرق في السعر صح البيع، كأن يقول له: بعشرة آلاف دولار أو بمائة ألف ريال، ويكون صرف العشرة آلاف دولار هو مائة ألف ريال، فحينئذٍ ردده بين ثمنين معلومين كما لو قال له: أبيعك إياها بعشرة آلاف دولار أو قال له: أبيعك إياها بمائة ألف ريال. أو أن يدخل القيمتين أو العُمْلَتين مع بعضهما، ويميز لكل عملة حظها، فيقول: أبيعها بعشرة آلاف ريال وألف دولار، ففهمنا أن الثمن يشتمل على نوعين من النقد: الذهب وهي الدولارات، والفضة وهي الريالات، فإذا جاء يشتري يدفع حظ الذهب الذي ذكره من الدولارات، وحظ الفضة الذي ذكره من الريالات فصح البيع. إذاً: القاعدة كلها تدور حول شيء معلوم، أي: أن يشتري الإنسان بشيء معلوم، فإن أدخل عليه الجهالة على وجه لا يستطيع الإنسان أن يميز فيه قيمة الصفقة بطل البيع، سواءً كانت جهالة كليّة أو جهالة جزئية.

حكم البيع بالمزاد العلني قال رحمه الله: [أو بما ينقطع به السعر]. وهذا أكثر ما يقع فيما يسمى في زماننا (ببيع الحراج) وهو بيع المزادات، حيث يأتي الرجل بسيارة يريد أن يعرضها للبيع، أو -مثلاً- قطعة أرض مخططة، فيقول له: أبيعك قطعة الأرض بالمبلغ الذي يصل إليه السوم، الذي هو بما ينقطع به السعر، ففي القديم كانوا يقولون: (بما ينقطع به السعر)، وفي الحديث، يقولون: (قيمة السوم)، أي: القيمة التي وصل إليها السوم؛ والسبب في هذا: أنه إذا قال له: بالقيمة التي يصل إليها السوم ربما كان الحاضرون في السوم أناسٌ من الأغنياء، والأغنياء دائماً يتنافسون، وموجب تنافسهم ربما يجعلهم يدفعون في الصفقة أكثر من قيمتها على سبيل التنافس، وحينئذٍ تظن أن هذه السيارة لو أنها عرضت للبيع لا يمكن أن تجاوز عشرة آلاف ريال، فيتنافس فيها تاجران ربما يوصلانها إلى ثلاثين ألفاً؛ لأنك أنت تريدها كسيارة، وهما وقع بينهما السوم على سبيل التنافس والغيرة، والعكس: ربما أن البائع ظن أن سيارته تصل بالسوم إلى عشرة آلاف ريال؛ لأنه يعلم أن هذا الحراج أو هذا المزاد الذي يقام الآن من عادته أنه يصل في السيارة التي مثل هذه السيارة إلى عشرة آلاف ريال، ففوجئ في ذلك اليوم أنه ليس فيه إلا أناس لا يعرفون قيمة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير