تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحكى الشيخ نجم الدين عمر بن محمد النسفي رحمه الله في شرح الجامع الصغير عن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهما أنه رأى في الخلاء ذباناً كثيرة يقعن على النجاسة ثم على الثياب فأمر بثياب للخلاء ثم تركها واستغفر الله تعالى فسئل عنه فقال أحدثت ذنباً فأستغفر له. قيل: ماذا؟ قال: لأني فعلت شيئاً لم يفعله الصالحون ولا خير في البدعة. وحكى الشيخ تقي الدين رحمه الله في احكام الاحكام عن بعض العلماء أنه مر بقوم يصلون الرغائب وقوم يعكفون على محرم فحسن حالهم على حال الأولين وعلل بأنهم عالمون بارتكابهم المعصية فيرجى لهم الاستغفار والتوبة بخلاف أولئك. فانظر إلى هؤلاء الأكابر الصحابة وفضلاء السلف الصالحين وعلماء الأمة وأئمة الدين رضي الله عنمهم أجمعين كيف أنكروا العبادات المخصوصة المتعلقة بأوقات معينة وأوصاف متعينة وأحوال مخصوصة ولم يروا إدراجها تحت العمومات الدالة على مشروعية الصلوات والأذكار والدعوات والطهارات. وذلك لاحتياج الخصوصية المتعلقة باسم أو هيئة أو وقت أو حالة أو وصف أو عدد أو حادثة إلى دليل خاص شرعي. فلا يمكن إدراج مشروعية صلاة الرغائب والبراءة والقدر والهول تحت عمومات مشروعية الصلوات. ولا مشروعية صدقة القبر والضيافات في ثالث الميت وسابعه ونحو ذلك تحت عموم مشروعية الصدفات. ولا مشروعية تكرار الحمد لله في صدر الخطب ولا ما يتعاهده بعض مدعي الطريقة في الأزمنة المتأخرة من الأذكار والأوراد والدعوات التي يخصونها بأعداد وأسماء ووأوقات ويضيفونها إلى جماعة من شيوخهم ويسمونها الختمات. ولا ما شاع في بلادنا من التهليل للميت بعد غسله قبل أن يخرج أخذاً من كتاب يعرف بمجالس الشهور وأمثال ذلك مما لم يثبت بنقل صحيح تحت عموم مشروعية الأذكار والدعوات ولا قيامهم عن مكانهم أو أو تحركهم عند سماعهم الآذان أو الإقامة تحت مشروعية تعظيم اسم الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام. بل إنما يشرع السنن والنوافل المرسلة والفضائل على اختلاف مراتبها وتفاوت درجاتها وما يختص به من كم وكيف واسم ووصف على وزان الدليل الشرعي والوارد فيها من إطلاق وتقييد وعموم وخصوص. فإن كان هذا حديثا صحيحا دالا على تأكده إما بملازمته صلى الله عليه وسلم أو بكثرة فعله وإما لقوة دلالة اللفظ على تأكد الحكم فيه وإما بمعاضدة فقه الرواةأو علو الإسناد أو غير ذلك فيعلو رتبته في السنية والاستحباب وما نقص عن ذلك كان بعده في الرتبة على وزان نقصانه. وإن كان حديثا حسنا لا ينتهي إلى حد الصحة في ثبوته عمل به وكانت مرتبته ناقصة عن النوع الأول وهذا إذا لم يعارضه دليل أقوى منه. وأما الحديث الضعيف الوارد بحكم خاص داخل تحت العمومات فإن أحدث شعارا في الدين كآذان السنة الذي أحدثه الحجاج في يوم الجمعة والتعريف في غير مكة الذي أحدثه عبد الملك بن مروان وعيد الغدير ومأتم أهل البيت الذي أحدثه الراوفض فالعمل به بدعة. وإن لم يحدث ذلك فلا يثبت به الحكم بالاستحباب وإنما التردد في جواز العمل. ولو جاز فيشترط أن لا يقوم دليل على المنع أخص من تلك العمومات كصلاة الرغائب لصحة النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام. وبالجملة كل ما لم يقم عليه دليل شرعي يكون بدعة مردودا على صاحبه ممنوعا عنها في الشريعة. والمنع تارة يكون منع تحريم وتارة منع كراهة وأخرى منع تنزيه. وذلك التفاوت يعلم بحسب ما يفهم من تشديد الشارع وتخفيفه بالنسبة إلى ابتداع ذلك الجنس وباعتبار موارده ومحاله فإن البدع المتعلقة بالعادات لا تساوي البدع التي في أحكام العبادات وأحوالها وهي لا تكون مساوية لما يتعلق بالاعتقادات. ولكن لا يجوز تكفير أحد من المسلمين بسبب ما يدين به من البدع فإنمه إما مؤول او مبتدع لا منكر مكذب والكفر هو التكذيب ليس إلا. ومما يجب أن يعلم ان البدعة في الشريعة هي ما أحدث في الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصدر الأول. وهي في العبادات والعقائد والحدود وغيرها لا تكون حسنة البتة. بل فيما دون ذلك بأن يكون ذلك الأمر في نفسه أمرا مستحسنا ولا يكون عبادة مقصودة بل وسيلة للخير ولم يأتي به الأوائل من الأمة إما لعدم الداعي له كجمع القرآن فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه وضع التاريخ واتخاذ الدواوين فعله عمر رضي الله عنه زالأذان في المنارة يوم الجمعة وتفويض زكاة الأموال الباطنة إلى أربابها فعله عثمان رضي الله عنه واتخاذ محبس وتعدد صلاة العيد في مصر واحد فعله علي رضي الله عنه لما قيل له إن بالبلد الضعفاء لا يستطيعون الخروج إلى المصلى فاستخلف عليهم رجلا يصلي بهم في المسجد كل في أيام خلافته ولم يكن قبله. ومثل إحداث الهجاء والبحث عن الأسانيد وأحوال الرجال بالجرح والتعديل في الرواة وتصنيف العلوم وبناء المدارس والرباطات. وإما لوجود المانع عنه كإسقاط المؤلفة قلوبهم عن الزكاة فعله أبو بكر رضي الله عنه وإخراج الكفار من جزيرة العرب والأذن في ركوب البحر ومطالعة كتب الأمم السالفة وسفر الواحد وصلاة التراويح بالجماعة والمنع عن المتعة فعله عمر رضي الله عنه. وإعادة بناء الكعبة إلى بناء الخليل عليه السلام بإظهار قواعده كما فعله عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وترك الإشعار في الهدي على رأي إمام أبي حنيفة وهو إشعار أهل زمانه فيما حمل الامام أبو جعفر الطحاوي والامام أبو منصور الماتريدي رحمهما الله تعالى وغير ذلك مما يكون وصلة لإعلاء الإسلام وذريعة لإقامة شعار الشريعة ومصلحة في أمر في أمر الدين ومنفعة المسلمين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ومن يستقم على حدود الشرع في عقائده واحواله الباطنة وأعماله الظاهرة آتاه الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة. < o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير