تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وما نظن أن بالمستطاع وضعَ قواعد النحت، ليس لأنه لم تَوْضَع له قواعد حتى الآن ([49])، بل "لأنه لا سبيل إلى إيجاد قواعد للنحت يمكن تطبيقُها في كل الحالات ([50]) " .. ومن يتابع ما كُتب حول موضوع النحت في مجمع القاهرة يستخلص "انعدامَ قواعدَ واضحة يُعَوَّل عليها لوضع المنحوتات" ([51]) .. وهذه الضوابط هي:

1 - يُؤْخَذ الحرفان الأوَّلان من الكلمة الأولى والحرفان الأوَّلان من الكلمة الثانية، وإذا كان الحرف الثاني في أيِّ منهما معتَلاً تُجُووِزَ إلى الحرف الثالث نحو: عَبْشَمي من عبد شمس وعَبْقَسي من عبد القيس وحَصْكَفي من حصن كيفا.

2 - تُسْقط همزةُ الوصل عن النحت نحو: مُرْقسي من امرئ القيس.

3 - تُسْقَط ألف التعريف عند النحت نحو: عَبْدَري من عبد الدار.

4 - قد يُؤْخّذ ثلاثةُ أحرف من الكلمة الأولى وحرفٌ من الثانية نحو: تَيْملي من (تيم الله)، وبَسْمَل من (بسم الله). ويُلْحظ أن الياء قد ثَبَتَتْ في (تيملي) لأنها ليست حرفَ مدٍّ هنا، بل حرف لين، فعُوملت معاملة الحرف الصحيح.

5 - المُعَوَّل عليه في النحت هو حروفُ التركيب الأصليَّة، ولذا فإن الضمائر والحروف الزائدة المُتَّصلة بكلماتِ التركيب تَسْقُط عند النحت نحو: حَسْبَل من حسبي الله. وسَبْحَل من سبحان الله.

6 - قد لا يُؤْخَذ من بعضِ كلماتِ التركيب أيُّ حرف، كما في (حَوْلَق) من قولهم: لا حولَ ولا قوة إلا بالله. فلم يُؤْخذ من لفظِ الجلالة أيٌّ من حروفها.

7 - قد تُبْقى حَروفُ الكلمتين كلُّها وتتغيَّر فيهما الحركاتُ والسَّكَنات فقط نحو: شَقَحْطَب من (شِقّ حَطَب).

وشَذَّتْ عن هذه الضوابط منحوتاتٌ مثل: دَرْبَخيّ نحتاً من دار البطِّيخ، وسَقْزَني نحتاً من سوق مازن، وكان الضابط يقتضي (دَرْبَطي وسَقْمَزي) ([52]).

ومهما كانت ضوابطُ النحت فلابد من توافر شروط هي:

1 - ألا يَلْتَقي في الكلمة المنحوتة حرفان متنافران كالذال والسين والهاء والعين، مما سنذكره مفصَّلاً في فصل التعريب. وأضاف بعضُهم أن يكون في الكلمة الرباعية أو الخماسية حرفٌ من حروف الذلاقة ([53]). ونرى أن هذا يعود لحروف التركيب المنحوت منه، وغالباً ما يتوافر هذا الشرط، لأن احتمال غيابِ حرف من حروف الذلاقة ([54]) التي هي أكثرُ من خُمس حروف الهجاء العربي، من تركيبٍ هو أمرٌ نادر، نحو قولنا: (قَطْعَصَة) لعمليَّة قَطْع العَصَب- مثلاً- قياساً على من نحت (قَطْشَرة) لعملية قطع الشِّريْان ([55]).

2 - مراعاةُ الوزن العربي، وهو وزن (فَعْلَلَ) للفعل الرباعي، أمَّا الاسم فقد يأتي على أيِّ وزنٍ عربي تستدعيه الحالةُ النحتية، فقد يأتي على (فَعْلَل) نحو (حَبْقر) من حَب القَر، وهو البَردَ، أو (فَعْلَلَة) نحو البَلْكَفَة والفَذْلَكة من (بلا كيف)، ومن قولهم في الحساب: (فذلك يكون كذا .. ) أو فَعْلَل) منسوباً نحو: عَبْشَمي، أو فِعَّوْل نحو جِلَّوْز من جوز ولوز، أو فِعْلَول نحن مِشْلَوزْ من مشمش ولَوز ...

3 - مراعاةُ ترتيبِ حروف كلمات التركيب المراد النحتُ منه؛ ولذلك أنكر (ابنُ دحية) أن تكون (الحَوْقَلة) نَحتاً من قولنا (لا حول ولا قوة إلا بالله) لأن الترتيب يقضي أن يقال: حَوْلَقة. أما الحوقلة فهي مِشّيَة الشيخ الضعيف ([56])، على أن (الحوقلة) أُجيزت وشاعَت. وعيبَ على الخفاجي ذِكرهُ (الطَّبْلَقة) نحتاً من (أطال الله بقاءك)، لأن الترتيب يقتضي أن يقال: (الطَّلْبَقة) ([57]). كما خُطِّىء من قال (الجَعْفَلة) نحتاً من (جُعلت فداك)، وإنما هي (الجَعْفَدَة) بحسب ترتيب الحروف ولتسويغ عدمِ التزامهم الترتيب نَسَبوا إلى أحد العلماء قولَه: إن عدمَ الترتيب يكون تَفَنُّناً ([58]).

وعلى الجملة فإنه لم يُوضُع ضابطٌ أو شرطٌ إلا وقد خُرق.

5) موقفنا من النحت:

أما نحن فإننا نُنْكِر مع الشيخ أحمد الاسكندري أن يكون النحتُ وسيلةَ توليدٍ لغوي، ونُقِرّ بأنه كان وسيلةَ اختزالٍ ليس غير؛ وأدلَّتُنا على ذلك ما يلي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير