[ألا انجلي: بين امريء القيس وبقية الشعراء]
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[14 - 06 - 2010, 11:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
وقد كنت دهرا أتغنى:
يا ليل الصب بكسر باء الصب حسبتها مضافا إليه ويدور السؤال في بالي:
على من يعود الضمير في غده وموعده فقلت على الليل والغد متى غد هذا الليل وكتى موعد هذا الغد
ولعمري إني لذكي في اتخاذ المخارج وسأفتح مؤسسة لإنقاذ الشعراء من خصومة النحاة
طبعا لم يعجبني المعنى من شاعر قال قصيدة مثل هذه فمررت برجل أعرف باعه في اللغة والشعر وتغنيت بصوت يسمعه من هو أبعد منه احتياطا لألفت سمعه
فابتسم وقال: الصب بالرفع فعرفت أن ثقتي بالشاعر كانت في محلها فقد قدم الصب على متى
متى غد الصب؟
قد يكون الغد بعد سويعات لكن ليل الصب يختلف فنرى الشكوى من طول الليل استأثرت بالشعراء
ومنهم من أجاد ومنهم من انفرد
انفرد الملك الضليل فلم يقل أحد في الليل مثلما قال
وليل كموج البحر أرخى سدوله = علي بأنواع الهموم ليبتلي
أترون الجبلي مبالغ؟
هو ذاك فما قاله يمكن لغيره قوله
فقلت له لما تمطى بصلبه = وأردف أعجازا وناء بكلكل
أما زال الجبلي يحاول إثبات قوله بحجة واهية؟
نعم ما زال فليت الجبلي لم يقل ما قاله
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي = بصبح وما الإصباح منك بأمثل
ألم يقنعكم ذو القروح أن رأي الجبلي صحيح
لقد أبان في فلسفة اسمها جمر الانتظار أن الصبح ليس أفضل من الليل فطول الليل هنا إنما هو طول انتظار السعادة
وقد أبدع ابن زيدون
يا ليل طل لا أشتكي = إلا بوصل قصرك
لو كان عندي قمري = ما بت أرعى قمرك
طل كما تشاء فقد انتهى زمان الوصل
أبان الشاعر هنا أن الطول الذي يشكوه الشعراء إنما هو شعور نفسي مفتاحه السعادة والحزن
فهذا الليل الطويل قصير لمن أصاب وصالا طويل لمن ذاق هجرا
وقد أجاد بشار الأعمى رغم المباشرة والتقرير في قوله
لم يطل ليلي ولكن لم أنم =
(جاء بها من قاصرها) على طريقة: أقصر طريق هو الخط المستقيم
إذن عدم النوم هو سر طول الليل , فلم لا يشكوه كل سهران؟
الجواب في الشطر الثاني فليس كل سهران كمن ألم به طيف حبيب غائب
ونفى عني الكرى طيف ألم
وَإِذا قُلتُ لَها جودي لَنا خَرَجَت بِالصَمتِ عَن لا وَنَعَم
نَفِّسي يا عَبدَ عَنّي وَاِعلَمي أَنَّني يا عَبدَ مِن لَحمٍ وَدَم
جميل
إِنَّ في بُردَيَّ جِسماً ناحِلا لَو تَوَكَّأتِ عَلَيهِ لَاِنهَدَم
هنا أساء جدا بعد إحسان جم
صدقة أتبعت منا وأذى
خَتَمَ الحُبُّ لَها في عُنُقي مَوضِعَ الخاتَمِ مِن أَهلِ الذِمَم
أساء فقد جعل أهل الذمة مخلصين
فَاِهجُرِ الشَوقَ إِلى رُؤيَتِها أَيُّها المَهجورُ إِلّا في الحُلُم
جميل جدا لولا أن صرح بطلابه رؤيتها لإشباع شوقه على حساب عفته
هنا تكمن البراعة فإن طلب رؤيتها ووافقت فلاهو عف ولا هي لزمت الحياء
وفي ذلك أحسن حجظة البرمكي (كذا أعلمه وكذا قرأت في كتاب شوقي ضيف ولما موسعت البيت وجدته منسوبا لأبي نواس ولجحظة أيضا)
فَقُلتُ لَها بَخِلتِ عَليَّ يَقظى فَجودي في المَنامِ لِمُستَهامِ
فَقالَت لي وَصِرتَ تنامُ أَيضاً وَتَطمَعُ أَن أَزورَكَ في المَنامِ
بخلت يقظى بما يجب أن يبخل به فأحسنت وعندما تمناها حلما غضبت فليس من يحب ينام
أيها المدعي: صرت تنام فقد سلوت فكيف أمنعك عاشقا وأعطيك ساليا؟؟
والأجمل إن اكتفى بالأماني دون تصريح فقد مدح نفسه ومحبوبته
يتبع بإذن الله وإلا فاللقريحة قولها
ملاحظة: كنت أريد الكلام عن القصيدة كاملة - أعني يا ليل الصب - لكن الحديث ذو شجون
ـ[همبريالي]ــــــــ[14 - 06 - 2010, 12:17 م]ـ
كيف ذكرت هؤلاء جميعهم، ونسيت قول النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيئ الكواكب
****
الليل
عند ثلاثة أشخاص يختلف عنه ليل بقية الناس
العاشق - المهموم - اللص
فهؤلاء الثلاثة ليلهم طويل بطيئ الكواكب، ومنه قول النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيئ الكواكب
فليل الشاعر المهموم هو ليل معنوي - إن صح التعبير- يقاسيه الشاعر
((كما تفضلتم بذكر ذلك في موضوعكم))
موضوع .. جميل جدا يستحق التفاعل والإثراء
****
تقبل تحياتي وتطفلي
أستاذنا وشيخنا ووالدنا وجدنا وأديبنا .. وو
:):):)
خالص مودة همبريالي وتقديره
ـ[هدى عبد العزيز]ــــــــ[14 - 06 - 2010, 02:24 م]ـ
صفحة نقدية جميلة جدا, ومازاد من حُسنها إضافة أخي همبريالي التي جاءت في محلها فعلا.
...
تذكرت أثناء عرضك الشيق أخي محمد قول الشاعر محمود غُنيم:
مالي وللنجم يرعاني وأرعاه * أمسى كلانا يخافُ الغِمضَ جفناهُ
لي فيك ياليل آهاتٌ أُرددها * أواهُ لو أجدتِ المحزون أواه
إني تذكرت ُ والذكرى مؤرقةٌ * مجدا تليدا بأيدينا أضعناه ُ
لقد كان هذا الشاعر مهموما , أشد الهم لما يحمله في قلبه من غيرة على أمجاد أمته التي يراها تضمحل أمام ناظريه وهو لا يملك إلا أن يناجي همه ويطول ليله ويرعى أنجمهُ!
يالشعوره الذي يكابده ونكابده معه ُ.
,,,,
أشكرك لأن صفحتك أثارت بعضا من شجون ٍمكنون.
¥