ـ[عصام محمود]ــــــــ[04 - 12 - 2010, 03:06 م]ـ
سانقل لك جزءًا من كلامي في هذا الموضوع في الكتاب المذكور ص: 62 - 93
أما الغموض الذي تعني به الدراسة هنا فهو الغموض الذي تحدث عنه ( William Empson) والذي يسمح بتعدد القراءات للنص الواحد لكنه في الوقت نفسه ليس مستغلقا على الفهم، ويخرج من دائرة الغموض فيصل إلى درجة الإبهام التام، وهو الأمر الذي حذر منه دريد الخواجة قائلا: "ليس ذلك الذي يصعب فتح أقفاله، وتخطي أسواره ليصل إلينا، بل هو السمة الطبيعية الناجمة عن آلية عمل القصيدة العربية وعناصرها المكونة من جهة، وعن جوهر الشعر الذي هو انبثاق متداخل من تضافر قوات عدة من الشعور والروح والعقل متسترة وراء اللحظة الشعرية" ([1] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn1))، أي الغموض بوصفه خطاباً مختلفا عنً للسائد المعتاد، للخطاب المباشر ـ بما يملكه من طاقة إيحائية متجددة، تختلف عما اعتادت عليه الذائقة الثقافية، وتزيد النص دلالة ولذة، وبين الغموض المقفل (الإبهام التام) الذي يستعصى على الفهم، والذي يعتمد العلاقات الغريبة بين الألفاظ المعجمية، ولا يعتمد الجانب الفني الجمالي للغة الشعرية، ومن ثم فهذا الإبهام لا يمكن أن يمنحنا سوي شكل معقد من الألغاز التي يستعصي فك رموزها اللغوية والبلاغية.
والغموض المعني هنا هو ما شدك إلى حوار مع النص الأدبي الذي تتناوله، واستنفر مشاعرك ووجدانك وشحذت له عقلك حتى تتلاقي معه من خلال غموض يشمل النص كله؛ عباراته وخيالاته، وعاطفته وموسيقاه، ومن ثم فإن هذا الغموض النصي يتجسد في ثراء النص الإبداعي، وتعدد دلالاته وتنوع قراءاته، مما يخلق نوعاً من اللذة الحسية والمتعة الذهنية لما يحمله من خبايا النص الذي تحمله المفاجأة واللامتوقع أو اللامنتظر – الجديد الذي يصدم المتلقي -في صوره وجمالياته الفنية، وهذه الحال هي التي تخلق نوعاً من التواصل والألفة بين النص والقارئ الذي يتلقاه، وهو ما يجعله يشعر أنه بحاجة ماسة إليه مهما يحمل هذا النص من الغموض كي يطفئ من خلاله لهيب شوقه ومشاعره، ويرضى طموحه الذهني المتعطش للجديد دائما.
ومن هنا يبرز الدور الذي تقوم به الثقافة في مجال تلقي العمل الأدبي، والذي جعل رولان بارت يفرق بين النصوص بحسب ما تقدمه من جديد للمتلقي وبحسب درجة من يتلقى هذا العمل ولذا، فإن الغموض في العمل الأدبي له دلالتان: دلالة جمالية يكون الغموض بموجبها فنا ملازما للعمل الأدبي ولاغني عنه، ودلالة لغوية يكون فيها إبهاماً وتعمية، وبهذا المفهوم يشكل الغموض ظاهرة فنية مرتبطة بالفن الإنساني، وبالفنان المبدع، مما يجعل المتلقي لهذا العمل الفني بحاجة حسية وفكرية ماسة من أجل فك رموز العمل الفني، وتفسير دلالاته، وتحديد قراءاته، لكي يقف المتلقي على طبيعة العمل الفني وجوهره، وهذه الحال تشكل قمة اللذة الحسية والمتعة الذهنية عند المتلقي، كما أنها تجسد غاية المبدع في تواجده وتصل به إلى هدفه المنشود، وهذا هو سر النص الإبداعي، وجوهر وجوده.
[1] ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftnref1) - دريد يحيى الخواجة: الغموض الشعري في القصيدة العربية الحديثة، دار الذاكرة، ط1، حمص 1991، ص 107.
ـ[ساري عاشق الشعر]ــــــــ[05 - 12 - 2010, 05:06 م]ـ
وبهذا المفهوم يشكل الغموض ظاهرة فنية مرتبطة بالفن الإنساني، وبالفنان المبدع، مما يجعل المتلقي لهذا العمل الفني بحاجة حسية وفكرية ماسة من أجل فك رموز العمل الفني، وتفسير دلالاته، وتحديد قراءاته، لكي يقف المتلقي على طبيعة العمل الفني وجوهره، وهذه الحال تشكل قمة اللذة الحسية والمتعة الذهنية عند المتلقي، كما أنها تجسد غاية المبدع في تواجده وتصل به إلى هدفه المنشود، وهذا هو سر النص الإبداعي، وجوهر وجوده.
كلام من ذهب ...
شكراً لك دكتور عصام ...
فإنك تحدّد لنا أهمية الغموض ... وخطره في الوقت ذاته ...
جزاك الله خيرا
ـ[عصام محمود]ــــــــ[05 - 12 - 2010, 07:51 م]ـ
كم أتمنى ان تتاح لك الفرصة وتطلع على كتابي وأعرف رأيك وبشكل عام هو موجود في دار العلم والإيمان المصرية وهي دار توجد في كل معرض عربي فقد نال هذا الكتاب مني جهدًا كبيرا فكتبته في ثلاث سنوات
ـ[ساري عاشق الشعر]ــــــــ[05 - 12 - 2010, 09:40 م]ـ
كم أتمنى ان تتاح لك الفرصة وتطلع على كتابي وأعرف رأيك وبشكل عام هو موجود في دار العلم والإيمان المصرية وهي دار توجد في كل معرض عربي فقد نال هذا الكتاب مني جهدًا كبيرا فكتبته في ثلاث سنوات
بارك الله فيك دكتور عصام,,
و زادك الله تواضعاً ...
أنا مجرّد تلميذ صغير في بحر الأدب العربي .. وأنت متخصص وحائز على دكتوراة ...
من دواعي سروري أن أطّلع على ذلك الكتاب والذي أظنّ بحق انّه ذو أهمية كبيرة و على درجة عالية من الدقّة والتوثيق ..
شكراً لك ولمرورك الذي أغنى وأفاد ..