تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأستاذ خالد: النقطة الثانية يا شيخنا أيضاً ظاهرة أخرى بدأت في الآونة الأخيرة , وهي البحث في القصص الموجودة عن السلف من التابعين , ومن بعدهم , أحياناً لا ينبني عليها أي حكم فقهي , فتبدأ ظاهرة تضعيف هذه القصص , وليت هذا يقف عند هذا , بل جعل من يورد هذه القصص من الجهال بعلم الحديث , مع أنه - أقول مرة أخرى - لا ينبني عليها أي حكم شرعي , بل هي من المرققات التي تذكر, فهل هذا المنهج يا شيخ خاصة في الآونة الأخيرة التي ظهرت , هل هو منهج سليم يتبع أم هو منهج متشدد؟ فنرجو أن نسمع رأيكم في هذا. أخيراً يا شيخ وهو رجاء لك , ونحن نشاهد إلمامك بكتب الحديث , وإلمامك بطبعاتها , فهلا أتحفتنا بشرحٍ لأحد كتب السنة , لعل الله أن ينفع به بعد مماتك , وأنت تعرف أن هذا من الأشياء التي ينتفع بها العبد إذا مات , وجزاكم الله خير.

الشيخ: شكراً للأخ خالد على هذه اللفتة الكريمة. أما بالنسبة لإطالة الحواشي والتخريج بالرجوع إلى الأجزاء , والمعاجم والمشيخات , والكتب التي هي غير مشهورة ومتداولة بين الناس , مع أن أصول هذه الأحاديث موجودة في الكتب المتداولة المشهورة , نقول قبل ذلك: هذا خلل في التحصيل , فتجد بعض طلاب العلم مغرم بهذه الأجزاء والمعاجم والمشيخات , يحفظ زوائدها ويخرجها ويحققها , مع أنه من أجهل الناس بالبخاري مثلاً , لا شك أن هذا خلل في المنهجية , فنحن عندنا علم عظيم في الصحيحين , يجهل كثير من طلاب العلم ما يحويه صحيح البخاري من دقائق العلوم , و " صحيح البخاري " كتاب الإسلام بحق , يعني بعد كتاب الله , جمع أبواب الدين كلها , فتجد طالب العلم من باب الإغراب - والإغراب تميل إليه النفس- يلجأ إلى هذا.

السائل: لكن أنتم يا شيخ ما تلزمون في الدراسات العلمية العالية بهذا أثناء التحقيق؟

الشيخ: مثل ما تفضل الأخ الشيخ خالد أن الرسائل العلمية لها ظروف خاصة , فهذه ورقة اختبار, يعني بقدر اطلاع الطالب وسعة اطلاعه على هذه الكتب المشهورة وغير المشهورة ينبغ ويبرع , لكن إذا تجاوز هذه المرحلة ,أو لم يلزم بهذه الأمور , فينبغي أن تكون العلوم أولويات , فيعنى بالصحيحين قبل كل شيء , ثم بعد ذلك بالسنن , ثم المسانيد, فأهل العلم لهم ترتيب , فتصور أن " مسند الإمام أحمد " بعد " سنن ابن ماجه " في الترتيب , مع أنه في قوة الأحاديث في مصاف " سنن أبي داوود " , لماذا؟ لأن لهم نظرات دقيقة , يقدمون الصحيحين ثم الكتب الصحاح الأخرى , التي ما التزم أصحابها بما اشترطوا , كصحيح ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم , ثم السنن ,

ثم بعد ذلك المسانيد

وبعدها في رتبة ما جعل على المسانيد فيدعى الجفلَ

لماذا؟ لأن هذه المسانيد ألفها أصحابها على أسماء الرواة من الصحابة , فالذي يصنف على السنن , ماذا يصنع؟ يترجم بحكم شرعي , فيقول: باب حكم كذا , وباب جواز كذا , وباب تحريم كذا , فإذا أراد أن يرشح لهذا الحكم من مروياته , سوف يرشح أقوى ما عنده من رواية , بينما إذا ترجم بصاحبي مثل أحاديث أبي بكر الصديق , وأحاديث عمر, وأحاديث عثمان , إلى آخره , يأتي بجميع ما وقف عليه من أحاديث ذلك الصحابي , بغض النظر عن قوة ذلك الحديث , لأنه لا يستدل لحكم شرعي ترجم به , ولذلك تأخرت مرتبة المسانيد عن مرتبة السنن, هذه أولويات , أولاها أهل العلم عناية فائقة , فكون الطالب يذهب إلى " جزء الألف دينار" مثلاً , أو مشيخة فلان أوعلان , وهو جاهل بصحيح البخاري , فهذا إغراب , وهذا خلل في المنهجية.

السائل: نتكلم عن البحث والقصص الموجودة عن السلف.

الشيخ: هناك قصص يذكرها السلف وتذكر عنهم و اعتمدها , لا لبناء الأحكام عليها وإنما هي من باب حفز الهمم , فينقل عن السلف في العلم والعمل والعبادة والتعب والسهر في هذا الباب , مما يشحذ همة المتأخرين لمحاكاتهم وسلوك سبيلهم , فهل نحن بحاجة إلى أن نبحث إلى صحة هذا الخبر عن فلان؟ وهل نحن نعتمد على هذا؟ لو لم يكن في هذا الباب إلا عمله لقلنا بدعة , لو لم يعتمد على الكتاب والسنة , فهذا لا شك أنه من المنشطات. بل تعدى الأمر ذلك فصاروا يبحثون في أسانيد كتب مستفيضة ومشهورة عند أهل العلم , لكن لقصورهم أو تقصيرهم ما وجدوا من الأسانيد ما يثبتونها به , فجرؤا على أن نفوا هذه الكتب , وهذه مشكلة فإن هذه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير