تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبدأ على هيئة المسانيد كما ذكر فضيلة الشيخ لكن كان منطلقهم بذلك أمرين , الأمر الأول: أن غرضهم الحفظ. والأمر الثاني: أنه كان اعتقادهم وكان منهجهم أن ذلك كله دين من عند الله , فلم يفرقوا بين عقائد ولا أحكام كله يأخذونه دين لله عز وجل , ودين يتدينون لله عز وجل به. متى ظهر التفريق بين كتب العقائد والحديث وغيرها؟ لما ظهرت البدع و بدأوا يصنفون فيها اضطر السلف رحمهم الله وكان هذا اضراراً منهم أن جعلوا أول مرحلة من مراحل التدوين أن ألحقوا بكتب السنة مثل الكتب الستة وغيرها أبواب , فخصصوا كتبا وأبوابا في الاعتقاد والرد على المخالفين , وهذا أمر تكلم عنه الشيخ في " كتاب التوحيد " و" كتاب الإيمان " في مسلم والبخاري وغيرها ولا نريد أن نتكلم عنه. بعد ذلك السلف رحمهم الله لما إشتدت قوة أهل البدع , وبدأوا يصنفون , لاسيما المعتزلة - وأنا أشير إلى المعتزلة لأنهم أكثروا جدا من التصنيف - فالسلف رحمهم الله مما يدل على فقههم وذكائهم وفطنتهم ورسوخ علمهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي , بل إنهم واجهوا هذه الوسيلة الإعلامية الضخمة وهي الكتاب بأن تفننوا في التأليف , فبدأوا في إفراد كتب في الاعتقاد , وكان أمراً عجباً فنجد أن السلف رحمهم الله صنفوا مصنفات شاملة في كل أبواب الاعتقاد , منها المختصر كرسائل مختصرة مثل رسالة الإمام أحمد في الاعتقاد , ومثل رسالة الإمام البخاري في الاعتقاد , ورسالة الإمام الثوري في الاعتقاد , وهذه كلها مودعه فمن أراد أن ينظر إليها في المجلد الأول من " شرح أصول إعتقاد أهل السنة " للالكائي , ثم بعد ذلك تطوروا فكبروا وتوسعوا وجعلوا هناك مصنفات شاملة بأحاديث مسندة واستدلالات وردود , مثل كتاب " السنة " لعبدالله ابن الإمام أحمد , ومثل كتاب " السنة " لابن أبي عاصم , وكان هذا كله في الحقبة الأولى , وهي القرون الثلاثة الأولى , وبهذه المناسبة فكتاب " السنة " لابن أبي عاصم هذا أعجوبة , وأنا لم أجد أحداً من الباحثين أشاد به , كتاب " السنة " لابن أبي عاصم أنا أستطيع أن أشبهه بكتاب البخاري , فقد بوبه على أبواب تفصيلية وأودع فيه فقهاً واستنباطا وردودا على أهل البدع, شيء عجيب بل إنه كان يودع أبواباً مرسلة مثل الإمام البخاري , يقول " باب " ولا يجعل له ترجمة , وقد حصرتها فوجدت أن فيها من الفوائد والاستنباطات شيئاً عظيماً , وكمثال لمّا أورد الحديث المشهور عن ابن عباس رضي الله عنه لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا غلام إني أعلمك كلمات " الحديث , المشهور والمعروف في كتب السنة وغيرها أنه عن ابن عباس وأنها وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس , الإمام ابن أبي عاصم أورد الحديث المشهور , لكنه عقد بابا مستقلاً وقال " باب " مرسلا ثم أورد فيه هذا الحديث ليس عن ابن عباس وإنما عن جعفر ابن أبي طالب , وهذه فائدة وأراد أن ينبه إلىأنها فائدة وأفرده لوحده , وكذلك كان الإمام رحمه الله ابن أبي عاصم إذا كان الحديث فيه كلام وفي النفس منه شيء أو يكون فيه ضعف شديد , كان يفرده بباب مستقل في آخر الباب وغيرها من الفوائد. بعد ذلك انتقل السلف رحمهم الله وصنفوا في كتب عامة كتابا كبيرا من كتب الاعتقاد , مثل أن يؤلفوا في " الإيمان " كتاباً مستقلاً أو في " الأسماء والصفات " , فظهر لنا مثل كتاب " الإيمان " لأبي عبيد القاسم بن سلام , وكتاب " الإيمان " لابن أبي شيبة وكتاب " الإيمان " لأبي عمر العدني وغيرهم , ثم بعد ذلك زادوا وتفننوا فأفردوا مصنفات في مسائل معينة ليست في أبواب وإنما في مسألة , مثل كتاب " إثبات صفة العلو " لابن قدامه وهذا متأخر , لكن هناك " كتاب خلق أفعال العباد " وهي مسألة جزئية من أبواب القدر , وهذا أيضا كتاب أشيد به لأنه كتاب عظيم فيه من فقه الاستنباط والردود على المخالفين وكثرة الاستدلال ما لا يوجد في كتاب مثله , ثم إنهم انتقلوا إلى الطريقة التي بعدها وهي أنهم أفردوا كتبا في الرد على المخالفين , وأنا أريد أن أشيد بكتابين عظيمين لا يستغني عنهما طالب علم, وهما " كتاب الرد على الجهمية " للإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله , وكتاب " الرد على بشر المريسي " للإمام الدارمي , أما كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد فهذا الكتاب العظيم أقول إنه - وللأسف الشديد - لم يعتن به عناية فائقة في إخراجه وفي تحقيقه , وهذا الكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أثنى عليه ثناء عاطرا في غالب كتبه.

أقول: الكتاب - وهذه من الأشياء التي لا يدركها كثير من طلاب العلم - أن شيخ الإسلام شرحه شرحاً وافيا في أماكن متفرقة , فيأتي إلى لفظة من ألفاظ الإمام أحمد فيشرحها شرحا مطولا وهي لفظة واحدة هذا الكتاب يعتبر مرجعاً كبيراً لأهل السنة.

الكتاب الثاني: وهو كتاب " الرد على بشر المريسي " للإمام الدارمي. أقول هذا الكتاب هو مرجع لأهل السنة , ويعتمدون عليه في ا لقديم وفي الحديث لأن الإمام رحمه الله جاء إلى قواعد أهل البدع ومسكها قاعدة قاعدة ورد عليهم ردا قوياً , واختار أقوى الأدلة وهو يعطيك الزبدة , كتاب بشر المريسي وشبهات بشر المريسى هي عمدة أهل البدع إلى يومنا هذا , فكتاب الدارمي هنا تدرك أهميته , وقد أثنى عليه ابن القيم وشيخ الإسلام وأشاد به إشادة كبيرة وكثير من العلماء.

يتبع بإذن الله تعالى ...

http://http://www.aldorr.com/vb/twage3/252.gif

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير