تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أي أطلب خيرته، واستقيله أي أطلب إقالته، واستغفره أي اطلب مغفرته، فدخلت في فعل الأمر إيذانا بطلب هذا المعنى من المعاذ به، فإذا قال المأمور: أعوذ بالله، فقد امتثل ما طلب منه، فإنه طلب منه نفس الاعتصام والالتجاء، وفرق بين الاعتصام وبين طلب ذلك، فلما كان المستعيذ هاربا ملتجئا معتصماً بالله أتى بالفعل الدال على طلب ذلك فتأمله، قال: والحكمة التي لأجلها امتثل المستغفر الأمر بقوله: استغفر الله، أنه طلب منه أن يطلب المغفرة التي لا تتأتى إلا منه بخلاف العياذ واللجأ والاعتصام وامتثل الأمر بقوله: استغفر الله أى اطلب منه أن يغفر لي. ولله دره ما ألطفه وأحسنه. فإن قيل: فما تقول في الحديث الذي رواه أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسيره، حدثنا أبو كريب، ثنا عثمان بن سعيد، ثنا بشر بن عمار، ثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس، قال: أول ما نزل جبريل على محمد، قال: يا محمد: استعذ، قال: استعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، اقرأ باسم ربك. قال المحقق: ما أعظمه مساعداً لمن قال به لو صح فقد قال شيخنا الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير رحمه الله بعد إيراده. وهذا الإسناد غريب، قال: وإنما ذكرناه ليعرف فأن في إسناده ضعفاً وانقطاعاً. قال المحقق: ومع ضعفه وانقطاعه وكونه لا تقوم به حجة، فإن الحافظ أبا عمرو الداني رحمه الله تعالى رواه على الصواب في حديث أبي روق أيضا عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال: أول ما نزل جبريل عليه السلام على النبي ? علمه الاستعاذة. قال يا محمد، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قال: قل: بسم الله الرحمن الرحيم. والقصد أن الذي تواتر عن النبي ? في التعوذ للقراءة ولسائر تعوذاته من روايات لا تحصى كثرة هو لفظ: أعوذ، وهو الذي أمره الله تعالى به وعلمه إياه، فقال: (وقل رب أعوذ بك من همزت الشياطين)، (قل أعوذ برب الفلق)، (قل أعوذ برب الناس) وقال عن موسى: (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) (إني عذت بربي وربكم)، وعن مريم عليها السلام: (إني أعوذ بالرحمن منك). وفى صحيح أبى عوانة عن زيد بن ثابت ? أن النبي ? أقبل علينا بوجهه، فقال: (تعوذوا بالله من عذاب النار) قلنا: نعوذ بالله من عذاب النار، قال: (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن) قلنا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن فقال: (تعوذوا بالله من فتنة الدجال. قلنا: نعوذ بالله من فتنة الدجال، فلم يقولوا في شئ في جوابه ? نتعوذ بالله ولا تعوذنا على طبق اللفظ الذي أمروا به، كما أنه ? لم يقل: استعيذ بالله ولا استعذت على طبق اللفظ الذي أمره الله به. ولم يكن ? وأصحابه يعدلون عن اللفظ المطابق الأول المختار إلي غيره، بل كانوا هم أولى بالاتباع وأقرب إلي الصواب وأعرف بمراد الله تعالى، كيف وقد علمنا رسول الله ? كيف يستعاذ بالله، فقال / (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم أنى أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال) رواه مسلم وغيره ولا أصرح من ذلك. وأما بالله: فقد جاء عن ابن سيرين: أعوذ بالسميع العليم، وقيده بعضهم بصلاة التطوع، ورواه أبو على الأهوازى عن ابن واصل وغيره عن حمزة وفى صحة ذلك عنهما نظر. وأما الرجيم: فقد ذكر الهذلى في كاملة عن شبل عن حميد – يعنى ابن قيس -: (أعوذ بالله القادر من الشيطان الغادر) وحكى أيضا عن أبي زيد عن ابن السماك: أعوذ بالله القوى من الشيطان الغوي. وكلاهما لا يصح، وأما تغييرهما بتقديم وتأخير ونحوه فقد روى ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن مسعود ? عن النبي: (الله إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم) وكذا رواه أبو داود في حديث عبد الرحمن بن أبى ليلى عن معاذ بن جبل، وهذا لفظه والترمذي بمعناه وقال: مرسل. يعنى أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يلق معاذا لأنه مات قبل سنة عشرين. ورواه ابن ماجه أيضا بهذا اللفظ عن جبير بن مطعم، واختاره بعض القراء، وفى حديث أبي هريرة عن النبي: (إذا خرج أحدكم من المسجد فليقل: اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم). رواه ابن ماجه ولهذا لفظه، والنسائي من غير ذكر الرجيم. وفى كتاب ابن السني: (اللهم أعذنى من الشيطان الرجيم) وفيه أيضا عن أبي أمامة: (اللهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير