ما يحصل هو أنه يكون لنفسه انطباعا حول الثاني Y، نسميه: D2:X-Y
بحيث تكون المسافة الناتجة عن انطباع الشخص الأول حول الشخص الثاني، مختلفة عن المسافة الناتجة عن انطباع الشخص الثاني حول الشخص الأول، أي:
D2:X-Y < D2:Y-X
وفي هذه الحالة، يرى الأول (في انطباعه) أنه قرب المسافة بينه وبين الثاني، في حين أن الثاني بقي انطباعه كما هو، لم يتغير.
8 - الآن: ماذا يمكن أن تكون ردة فعل الثاني Y عند قراءة رد الأول X؟
إما أن لا يبذل الجهد لتعجيل انطباعه اعتمادا على المعلومات الجيدة التي أضافها X، أو أن يترك الرد.
فإن ترك الرد (وما ينتج عنه من تعديل للمسافات بين المتحاورين)، فما يحصل هو التالي:
لم يعد للمتحاورين نفس الانطباع حول المسافة بينهما، وبالتالي فإن المسافة الحقيقية بينهما، بدل أن يتم معرفتها بشكل جيد، تصبح مسافة انطباعية، مختلف في تقديرها وقياسها بين المتحاورين، لأن الأول يعتقد أنها D2:X-Y في حين يرى الثاني أنها D2:Y-X
وفي غالب الأحيان تكون المسافتان الانطباعيتان مختلفتين عن المسافة الحقيقية بين الرجلين (وهذا الأمر من الضروري التأكيد عليه)
في هذه الحالة، يصبح الحوار غير مفيد، بل يصبح ضارا، إن لم نقل خطيرا، لأنه ينجر عنه أخطاء كثيرة في تقييم الرأي وتقييم الرجال بعضهم لبعض.
لماذا؟ لأن الحوار في أصله ينطلق إما لرغبة في تقريب وجهات النظر أو في تقريب بين المتحاورين. أي أن الحوار يُعتمَد لحساب المسافات الجقيقية بين الأفكار أو بين الرجال. فإذا تخلى أحد المتحاورين (أو كلاهما) عن استكمال عملية تعديل المسافة للوصول إلى المسافة الحقيقية، فإن الحوار يصحب ضارا.
إذن: في هذه الحالة (أي عندما لا يرد الثاني Y)، من يقع عليه اللوم؟
لا شك أنه الرجل الثاني Y
من هنا، أسوق قاعدة عامة في الحوارات كي تكون ناجحة:
لحساب المسافة الحقيقية بيننا (كمتحاورين)، نحتاج للاستمرار في توضيح الافكار (في مسار ذهاب وإياب) لعدة مرات، حتى نضمن لأنفسنا الاستفادة من حواراتنا.
أرجو أن تكون الفكرة واضحة بهذا الشكل المنطقي، وأعتذر لمن يرى فيه نوعا من التعقيد. وعذري أنني أعتقد أن مثل هذا (التجريد) بالغ الأهمية في بعض الأحيان.
ملاحظة:
لأهمية الموضوع، في تقديري، ارتأيت إعادة طرحه في موضوع مستقل، عسى أن يجد حظه من التأمل والتعليق. تجدونه في هذا الرابط ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10160).
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[21 Nov 2007, 01:23 م]ـ
وددت لو كان جوابك أكثر تفصيلا، ووضوحا ودقة. فكلامي يطرح نقطة منهجية تستدعي من المعلق عليها أن يحدد إن كان متفقا على ضرورة اعتمادها، أم لا.
فإن كان غير متفق معها، فيسعدني أن أعرف وجه الخطأ فيها.
أما الحديث عن (غيري ممن رد، أو بعض من قرأ ولم يرد) فلا يفيد في قياس المسافة: هل تقلصت المسافة أم ظلت على حالها.
ولتقريب الفهم حول ما أردت قوله، أسوق الملاحظة التالية: من يقرأ الحوارات في المنتديات الإسلامية يصطدم بكونها أكثرها مبتورة، غير كاملة. وعادة ما ينتهي فيها الأمر إلى تخلص أحد المشاركين من استكمال الحديث لسبب أو لآخر.
فما الذي يحصل في نهاية مثل هذه الحوارات؟
الجواب: تصبح جهدا مهدورا، تضيع فائدته التي انطلق من أجل تحصيلها ...
لحظت كأنك انزعجت من كون تعليقي مختصرا ...
أخي ـ وفقه الله ـ أنا من قبل رمضان لا أدخل الشبكة إلا غبا يمضي اليومان والثلاثة ولم يتيسر لي الدخول، وإن دخلت لم يسعف الوقت إلا بشيء يسير.
كتبتُ أصل الموضوع ليوقف على ما في الكتاب من فائدة بغض النظر عن ما فيه من تجاوز، وأحسب أني قد وضحت هذا سابقا قبل دخولك الموضوع.
ثم لما رأيتك ـ وفقك الله ـ رفعتَه وتكلمتَ بكلام مجمل في الثناء على كتاب الشيخ الجديع ونقد منتقديه ...
رأيتُ أنه من تمام الفائدة أيضا للقارئ أن يقف على كلام آخر في نقد الكتاب، ولن يعدم من فائدة أخرى.
وفي كل هذا لم أدخل معك في نقاش.
ثم رأيتك وجهت الكلام لي في مشاركة رقم 27 وأولها كلام على الذين ردوا على الشيخ الجديع ووصف عملهم بالتسرع ...
وتكلمتَ بكلام جميل في المنهجية في الرود، مع أنك لو تأملت كلامك عليهم لرأيتَ أنك ربما وقعتَ في بعض ما قررتَ حُسنَ تركِه.
ثم علقتُ بقولي (جميل) أي كلامك على ما ينبغي أن يكون في منهجية الرد ... لكن وجود شيء من الخلل فيما كتبه من رد = لا يجعل ما في كلامه من حق باطلا، والقارئ الراشد يستطيع أن يأخذ صفوه، ويترك كدره، مع أنه ليس كل من رد جاء في كلامه مثل هذا.
وقلتُ بعدها: (إن هذا رأيك) ... أي في كون الشيخ الجديع التزم في كتبه ما ذكرتَه عنه في أولى مشاركاتك و ... ، وأنَّ غيرك يرى عكس ذلك، وبينت سببه.
وظننتُ أن كلامي كان واضحا.
وكما أنك ترى أنه من حقك أن تجمل رأيك في كتب الشيخ الجديع، وما كتب منتقدوه =فمن حق غيرك ذلك.
أما مسألة المسافة وتقريب وجهات النظر = فنعم لو كنتُ دخلت معك في مناظرة حول المسألة، ثم تركتك ... أما والكلام جاء بهذا السياق = فلا أرى أنه يلزم لا أدبا ولا شرعا ولا عرفا، مع أنه لم يكن ظهر بوضوح ما سمي بترا بعدُ وإنما هو مجرد ظن.
وهذا الذي أسميته بترا في كثير من الحوارات له أسباب كثيرة منها:
أن كثيرا من الكتاب يطرح رأيه وليس عنده وقت ولا استعداد أن يعلق ويستمر في نقاش كل من دخل واعترض على مشاركة له ـ ولو تباعد وقت كتابتها ـ، وتسمية هذا "هدرا" فيه نظر، إذ ليس الهدف أن كل تعليق يُكتبه كاتب أن يقتنع به مقابله؛ نعم هو مطلب، لكن يكفي ـ في نظري ـ أن تقول ما تراه حقا؛ فإن قبله الكاتب ورآه حقا فالحمد لله، وإن رآه غير ذلك وبيَّن ما فيه =فحسن، وإن تركه وأعرض عنه لأي سبب = فهو مطروح لكل من اطلع على الموضوع، ولن يعدم من مستفيد.
¥