ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[03 Mar 2007, 10:13 ص]ـ
كان أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم ثورةً ثقافية كبرى عمّ خيرها الناس، وظل أهل الأندلس على خير كثير ما دام في الدنيا علم وفي الناس قراء من نفحات بركاته. وقد قال عنه ابنه محمد: عندي بخطّ أبي ثمانون ألف ورقة، وقد أحسن الأستاذ الجابري حفظه الله بقوله عن أبي محمد ابن حزم إنه المؤسس الفعلي للاتجاه النقدي في الفكر الأندلسي، وكان أول من ردّ بضاعة أهل المشرق إليهم وعاد إلى الأصول (القرآن والسنة) فقلده الناس: في النحو ابن مضاء، وفي الفلسفة: ابن باجة وابن رشد، وفي الكلام:ابن تومرت،،
ويمكننا القول دون وجل أو توقع زلل:
ما زالت نفحات تلك الروح الجبارة والإخلاص المتفاني للعلم والمعرفة التي بثها الله عزّ وجلّ في أبي محمد ابن حزم قابلة للتجدد والنماء وصالحة للاقتفاء والايتساء، وهي فعلا منهج متكامل، وإن كان يؤخَذ على أبي محمد أمر لا يدركه من لا يدرك عظمته، ولذلك أنسحب من ذكر مآخذي عليه ضنّا بجلاله أن يتسوّر حائطه الثرثارون المتفيهقون ممن حالوا بين الأمة وبينه على الأعصار ومن ماتزال لأخلافهم إمرة أبي مرة.
ولنستشهد ببعض نفحاته:
قال ونعما قال:
أنا الشمسُ في دُنيا العلوم منيرةً ولكنّ عيبي أن مطلعي الغربُ
فلو أنني من جانب الشرق طالع لَجدَّ على ما ضاع من ذكريَ النهبُ
هنالك يُدرى أنّ للبعدِ قصةً وأن كساد العلم آفته القرب
وقد كانت بينه وبين كبار علماء الأندلس صداقة وحسن عشرة فقد كان صديق أبي عمر ابن عبدالبر النمري حافظ المغرب، وكان صديق أبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي خطيب الجامع بمدينة قرطبة وصديق جمع من الفضلاء.
ومن روائعه التي لم يسبقه إليها عالم تقريبه للمنطق بعامية أهل الأندلس، إدراكاً منه لوحدة قوانين الفكر البشري.
وهذا ما يجعله يتجاوز وسيظل متجاوزا الجم الغفير من الدكاترة الشيوخ الذين جاءوا بعده بنحو من ألف سنة.
ومن يقرأ (المنطق وتاريخه: من أرسطو حتى راسل) لبلانشو يدرك كم كان أبو محمد ابن حزم عظيما، وكيف كان فخراً لعلماء الإسلام.
وإدراكا من عقله الجبار لوحدة قوانين الفكر البشري التي وضعها الله تعالى في الإنسان كان العالم الوحيد من أهل السنة الذي أنكر أن تكون الكرامات خروقا لقوانين ظاهر الطبيعة، ومشهور رده على ابن لمنذر بن سعيد البلوطي رحمه الله تعالى، فلم تحمل عاطفة الحب التي يكنها أبو محمد لمنذر أن يصدق أن يكرمه الله تعالى بخرق لقوانين الكون فقال عن انبطاط الماء من تحت حجارة الجبل إن الماء إنما ينبط من الأرض، وما حصل له هذا إلا من باب الموافقة.
لا جرم أن الكلام عن أبي محمد وعظمته لا ينتهي، وما أحرانا أن نبدأ منه أو معه خطوة خطوة.
وقبل أن أختم يحسن التنويه بأن أحسن من بين الفرق بين ظاهرية داود الفقهية المشرقية وظاهرية أبي محمد الفلسفية الأندلسية الشمولية هو الدكتور محمد عابد الجابري في كتابيه: تكوين العقل العربي وبنية العقل العربي، فلمن أراد مقاربة فهم أبي محمد ابن حزم مراجعة هذين السفرين النفيسين
وكتاب أبي محمد (الفصل) بكسر الفاء وفتح الصاد جمع فصلة بفتح الفاء وسكون الصاد، في الملل والأهواء والنحل، سفر لا يمل ولا يشبع منه قاري.
وقد أحسن أحد معاصرينا إذ قام بأداء فريضة الحج عن أبي محمد بن حزم حيث لم يبلغه أنه حج أو حُجّ عنه.
ورحمنا الله ببركة حبنا له.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[03 Mar 2007, 12:25 م]ـ
اللسان يعجز أن يصف هذا الصدق الذى ينبع من القلب والفهم الراسخ .... لا أستطيع إلا أن أقول جزاكم الله خيراً سيدى الدكتور عبد الرحمن الصالح ونفع بكم.
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[03 Mar 2007, 03:00 م]ـ
الأخ الجكني حفظه الله: كلام الإمام أحمد وغيره من الأئمة مشهورة مذاعة في كتب الرجال ويكفيك نظرة في ترجمة داود الظاهري.
الأخ عبد الرحمن الصالح: أولاً أرجو أن تعيد النظر فيما تكتب قبل نشره، فأنت تأتي بكلمات مدح لم نعهدها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك بمن دونه!!!! كلامك فيه نظر طويل جداً ولو أردت الرد عليه لطال بي الأمر.
((((ولذلك أنسحب من ذكر مآخذي عليه ضنّا بجلاله أن يتسوّر حائطه ........ )))
جلال من؟؟؟
ثانياً: قد ظهر لكل ذي عينين من هو أستاذك الجابري الذي ما زلت تتفيؤ بظلاله وتمجد ذكره وتعزو له كل فكر صائب، ولن أدخل في ذلك ثانية فكل امرئ يحشر مع من أحب، فأنت وشأنك.
والسلام ختام.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[03 Mar 2007, 08:07 م]ـ
الأخ محمد سعيد الأبرش
اتق الله واعلم أن مسئول عن كل حرف كتبته ... وهذا يكفى والسلام عليكم.
ـ[الجكني]ــــــــ[03 Mar 2007, 09:25 م]ـ
الأخ الأبرش حفظه الله:
لو نقلت لنا نصاً واحداً بدل الإحالة لكان أفضل حتى يقرأه الجميع 0
أما تعليقك على كلام د/ الصالح فليس -عندي -بصالح؛لأن لغة العرب "مليئة بالمجاز والاستعارة وسائر فنون الكلام وخاصة من يكتب كتابة "أدبية " لا "فقهية " ولا "عقدية " 0
¥