[انهيار الدول]
ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 12 - 2010, 04:49 ص]ـ
http://almoslim.net/node/138830
وكالعادة تدور عجلة الانهيار في بعض الدولة بسرعة متزايدة، واللافت للنظر أن أكثر هذه الدول من دول المسلمين، وأن أسرعها انهيارا أكثرها تحالفا وإن شئت الدقة خضوعا لإرادة الغرب، وحال دول كمصر وباكستان واليمن خير شاهد على ذلك.
في باكستان تسارعت وتيرة الأحداث من آخر القرن الماضي فانقلب قائد الجيش على رئيس الوزراء نواز شريف، وتولى الجنرال الحكم وبدأ مسلسل تغريب لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر، فلم يجد الجنرال بدا من إعلان الولاء، فالعالم قد انقسم إلى: صديق لأمريكا برسم التبعية فهو صديق رغم أنفه!، وعدو، ومن ليس معنا فهو علينا، كما قال الغبي البائد، وكانت الدولة الباكستانية آنذاك متماسكة إلى حد ما، فبدأ مسلسل الانهيار بإعلان الجنرال اقتناعه بأدلة أمريكا المتهافتة في أحداث 11 سبتمبر، وتم إلصاق التهمة إلى المدارس الدينية التي خرجت طالبان وتلقى الجنرال أموالا عظيما لتطوير التعليم الديني!، كما هي الحال في دول كثيرة تطور مناهجها لدرجة الانسلاخ!، ثم انتهت مهمة الجنرال، فعزل وطرد إلى لندن، واستفحل خطر أمريكا فاستباحت قصف قبائل الباكستان، وأغرت الجيش بالشعب فقامت سلسلة من الحروب الأهلية، آخرها حرب سوات، وهي تنذر بانهيار الجبهة الداخلية، فضلا عن الأزمة الاقتصادية، والفتنة الطائفية التي علت نبرتها، أيضا، في السنين الأخيرة فهي من وسائل أمريكا الناجعة في ضرب تماسك أي مجتمع، ولو ظاهرا، ثم جاءت بوتو وقتلت وكانت مع انحرافها العقدي العظيم أحسن حالا ممن جاء بعدها، فقد تولى الرئاسة مسوخ، ففي أزمنة التبعية تقتل كل المواهب السياسية والعلمية، فلا مكان إلا للأقزام، وأحيط بباكستان فالحليف قد خان بعد كل هذه الخدمات والحروب بالوكالة فازدادت علائقه بالهند وزاد الضغط على الباكستان بحجة مكافحة الإرهاب، وبات السلاح النووي في خطر، وهو محل نظر وعناية أمريكا!، وكالعادة في المجتمعات التي تمر بتلك المراحل الانتقالية المضطربة تجد:
تنازلات شرعية جسيمة لاسترضاء كل كافر ومنافق ومارق برسم المداهنة.
أزمات اقتصادية طاحنة تؤثر سلبا على المزاج العام فتصرف الهمم إلى تحصيل القوت ويقل الاهتمام بالمسائل الكلية العامة فكل في شأنه الخاص، والخاص يقدم على العام عند التعارض!.
فتور وركود، وتسلق سريع لأقزام تصل إلى مراكز صنع القرار، وهي لا تعرف إلا مصالحها الشخصية وغالبا ما تتميز بسطحية الفكر وبذاءة اللفظ، وسيطرة الساسة على مصادر الثروة في البلاد نذير انهيار كما ذكر ذلك ابن خلدون رحمه الله في أسباب انهيار الدول، فيصير أصحابها رجال أعمال لا يعنيهم إلا الحفاظ على مصالحهم وتلك نظرة ضيقة لا تصلح للنظر في المصالح العامة لجماعة أو أمة.
فتن طائفية تمهيدا لتفتيت تلك الدول إلى كيانات ضعيفة لا يخشى بأسها.
انهيار للمؤسسات العامة لا سيما المؤسسات العلمية التي تحفظ للأمة ريادتها.
ضغوط خارجية من دول الجوار التي تستغل الضعف العام لتخترق الجبهة الداخلية، وشبكات التجسس من أبرز صور هذا الاختراق.
انعدام الولاء، والإحساس بالمهانة وفقدان احترام الذات، وفقدان الثقة بالنفس وإن كانت الإمكانيات متاحة.
هوان المواطن على الدولة فتسومه خطة الخسف بل وتسلمه إلى أعدائه وتشارك في اختطافه والتنكيل به في عمليات استخباراتية قذرة، ولعل ما وقع للدكتورة عافية صديقي، فك الله أسرها، وهي مواطنة باكستانية تقضي عقوبة السجن 86 عاما! في سجون أمريكا، وحكايتها معروفة وما لقيته من تعذيب وإهانة في معتقل باجرام في بلاد الأفغان لا يختلف كثيرا عما لقيته حرائر العراق في أبي غريب، وقد كان ذلك تحت سمع وبصر الدولة التي تتعهد دوما بحماية مواطنيها والحفاظ على حقوقهم!، وقل مثل ذلك في شأن أخواتنا المأسورات في الكنائس في الدولة المدنية الفاشلة التي تتشدق بالحريات العامة وهي كسائر الدول الآيلة للسقوط دولة بوليسية لا تملك إلا ورقة القوة الغاشمة فقد عدمت الحجة العقلية المقنعة فلم يبق إلا الإقناع بالسيف!.
ومن سأل عن التمكين في ظروف كهذه فهو إما جاهل بسنن الرب، جل وعلا، في الكون، فلا بد من اجتياز هذه المرحلة العصيبة، ولا زال الوقت مبكرا، إلا أن يشاء الرب، جل وعلا، أو مغرور بما يرى من صور الالتزام الظاهر، فالأمر أعمق من ذلك بكثير، فـ: "إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
وما على الإنسان في هذه الأزمان إلا أن يسأل الرب، جل وعلا، الثبات على دينه حتى يلقاه على الإسلام والسنة، وأن يرابط، كما يقول بعض الفضلاء عندنا، على ثغر الديانة الذي جعله الله عز وجل عليه، فـ: "كلكم رَاعٍ وكلكم مسئول عن رَعِيَّتِهِ"، وأن يصلح ما استطاع إلى ذلك سبيلا ولن يكون ذلك إلا بعلم لئلا يفسد حيث أراد الإصلاح.
والله أعلى وأعلم.