تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الافتقار إلى النبوات]

ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 01 - 2010, 09:32 ص]ـ

من نصوص أهل العلم في مسألة افتقار الخلق إلى واسطة النبوات التبليغية إلى رب البرية:

قول ابن تيمية رحمه الله:

"ومن ذلك أن هؤلاء المشركين من الصابئة ونحوهم لما كانوا يعبدون الكواكب والملائكة وربما سموها العقول والنفوس وجعلوها وسائط بين الله وبين خلقه وأهل التوحيد لا يعبدون إلا الله تعالى ويطيعون رسله الذين أمروا بعبادته وحده لا شريك له فقالت الصابئة المشركون للحنفاء نحن نتخذ الروحانيين وسائط وأنتم تتخذون البشر وسائط فديننا أفضل من دينكم فأخذ يعارضهم طائفة من النظار كالشهرستاني في كتابه المعروف بالملل والنحل وغيره ويذكرون أن توسط البشر أولى من توسط الروحانيات العلوية وناظروهم مناظرة يعرف تقصيرهم فيها لأنهم بنوها على أصل فاسد وهو مقايسة وسائط المشركين بوسائط الموحدين الحنفاء.

وهذا جهل بدين الحنفاء فإن الحنفاء ليس بينهم وبين الله تعالى واسطة في العبادة و الدعاء والاستعانة بل يناجون ربهم ويدعونه ويعبدونه بلا واسطة وإنما الرسل بلغتهم عن الله تعالى ما أمر به وأحبه من العبادات وغيرها وما نهى عنه فهم وسائط في التبليغ والدلالة وهم مع المؤمنين كدليل الحاج مع الحجاج وكإمام الصلاة مع المصلين.

فالرسل صلوات الله عليهم وسلامه يعرفون الناس طريق الله تبارك وتعالى كما يعرف الدليل الحاج طريق مكة شرفها الله تعالى ثم الناس يعبدون الله تعالى كما أن الحجاج يقيمون مناسك الحج.

والرسل أيضا يقتدى بهم في الأفعال التي يتأسى بهم فيها كما يقتدي المأموم بالإمام في الصلاة وكل مصل يعبد ربه منه إليه بلا واسطة وأولئك الصابئة من الفلاسفة غاية سعادة النفوس عندهم أن تصل إلى العقل الفعال". اهـ

"الرد على البكري"، ص313، 314

فقياس الوسائط الروحانية الشركية من جنس: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، على الوسائط الرسالية من جنس: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ): فذلك من البعث الشرعي وهو داخل في حد دلالة العناية بالمكلفين بصيانة قلوبهم من عارض الشرك الطارئ، فإن الأصل فيها الفطرة التوحيدية فإن سلمت من عارض الشرك المفسد فإنها تفتقر إلى النبوة لتفصيل مجمل تلك الفطرة التي هي أثر الميثاق الأول، فيحصل لها ببيان هذا المجمل من أجناس العلوم النافعة والأعمال الصالحة ما تقر به عيون الموحدين وتسكن به نفوس الحائرين، فلا تستغني النفوس الكاملات عن أخبار وأحكام النبوات المصححات لمنازل السير إلى الرب، جل وعلا، المزكيات لبواطن المكلفين وظواهرهم، فيصلح الباطن العلمي بموافقة خبر النبوة، ويصلح الظاهر العملي بموافقة حكمها، وإن لم تسلم من عارض الشرك فافتقارها إلى النبوات ثابت من باب أولى، فكان: (النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً)، فاختلفوا بدلالة الاقتضاء إذ بعث الرسل عليهم السلام إنما كان فصلا للنزاع ورفعا للخلاف بين الحزبين: حزب التوحيد القديم فهو باق على مقالة آدم عليه السلام، وحزب الشرك الحادث فهو عارض طرأ على النوع الإنساني زمن نوح عليه السلام، فَـ: (بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ): بعثا شرعيا من جنس البعث في الآية، وعلة ذلك: (مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ)، فجاءوا بما يحكم بين الفريقين، فانتصروا للحق القديم من الباطل الحادث، فلسان مقالهم جميعا: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، فذلك دين الرسل الأممي فكلهم على ملة الإسلام العامة وإن اختلفت الشرائع باختلاف الأزمان والأحوال وأعيان المكلفين من سائر الأمم فلكل أمة منهاج وشرعة تلائمها، وذلك من حكمة الرب، جل وعلا، الذي غاير في الأحكام فرعا عن التغاير في الأحوال، والشريعة الخاتمة: شريعة محمد الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد استوفت أوجه الكمال في الشرائع السابقة، ففيها جلال موسى الكليم عليه السلام، وجمال عيسى المسيح عليه السلام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير